كريتر نت – متابعات
مروحية عسكرية تابعة للحوثيين تحلق فوق سفينة الشحن جالاكسي ليدر المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي بينما يسير المقاتلون الحوثيون على سطح السفينة/صورة صادرة عن الإعلام العسكري الحوثي نشرت عبر رويترز
في أعقاب الهجمات الصاروخية الحوثية التي استهدفت إسرائيل والسفن المرتبطة بها في البحر الأحمر، أفادت تقارير أن إدارة بايدن تفكر في استهداف شمال اليمن أثناء إنشاء تحالف بحري دولي جديد لمحاولة ضمان العبور الآمن، ولكن يبدو أن هناك سيناريو آخر قد تشهده البلاد هو تشجيع الغرب لـ”انفصال جنوب اليمن”، في محاولة لمناوئة الحوثيين.
ويأمل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يريد انفصال جنوب اليمن في استغلال هجمات الحوثيين البحرية لإغراء الغرب بتشجيع الانفصال عبر دعمه، واستخدامه كأداة من أجل مناوئة الحوثيين، حسبما ورد في تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي.
الجنوب يحاول استغلال هجمات الحوثيين لجلب تأييد أمريكا لـ”انفصال جنوب اليمن”
ويقول الموقع إن المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تأسس عام 2017 بدعم من الإمارات، يستعد لقيادة تشكيل دولة جديدة بالانفصال عما يعتبره الجمهورية اليمنية الفاشلة التي يهيمن عليها الشمال.
ويأمل المجلس الانتقالي الجنوبي في استغلال ما يعتبر أن إطلاق الحوثيين النار على أقدامهم من خلال زعزعة استقرار منطقة البحر الأحمر، لمساعدتهم في تحقيق هذا الهدف.
على الرغم من وقف إطلاق النار الرسمي الذي دام 20 شهراً، كان الحوثيون يشنون حرباً ذات دوافع اقتصادية ضد الجنوب تهدف إلى حرمان الحكومة المحلية من الإيرادات وتعزيز جاذبية ميناء الحديدة على البحر الأحمر.
لكي يعيد المجلس الانتقالي الجنوبي التركيز على الموانئ الجنوبية والمنشآت النفطية كبديل للحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون، فإنه يحتاج بطريقة أو بأخرى إلى تأمين الساحل الجنوبي اليمني بأكمله وتحفيز المزيد من الشحن الداخلي.
إن علاقة الحوثيين بإيران تجعل من السهل على المجلس الانتقالي الجنوبي وصفهم بأنهم وكيل لطهران.
ولكن تقرير الموقع الأمريكي يقول: “إنه على الرغم من عضويتهم في “محور المقاومة” الإيراني، ومساعدة إيران في توسيع نطاق صواريخها عبر إطلاقها من اليمن، فإن الحوثيين لديهم دوافعهم الخاصة.
ويستغل المجلس الانتقالي الجنوبي تهديد الحوثيين لأمن السفن المرتبطة بإسرائئيل في البحر الأحمر للتأكيد على الدور المحتمل لـ”دولة الظل” الخاصة به في جنوب اليمن في تعزيز ما يوصف بالاستقرار البحري الدولي”.
ويحاول المجلس الانتقالي الترويج إلى هذه الدولة الجنوبية المنتظرة المستعدة لدعم المصالح الأمنية الغربية، وبالتالي يقدم نفسه كشريك استباقي في تأمين مضيق باب المندب على البحر الأحمر وخليج عدن ضد هجمات الحوثيين.
ويقول المجلس الانتقالي الجنوبي إن التهديد الحوثي المؤكد لأمن البحر الأحمر هو استغلال مثير للسخرية للغضب الشعبي اليمني بشأن حرب إسرائيل ضد غزة.
والملاحظ أن الانتقادات الحادة لهجمات الحوثيين البحرية تأتي بالأساس من الانفصاليين الجنوبيين، وليس من الحكومة المعترف بها دولياً القريبة من المملكة العربية السعودية، وقد يكون أحد أسباب إضافة لقرب الحكومة من الرياض، أنها مشكلة من مكونات سياسية واجتماعية يصعب عليها أن تنتقد هجمات الحوثيين ضد السفن المرتبطة بإسرائيل بالنظر إلى أن هذه المكونات التي تتنوع من بعض زعامات عشائرية وبعض بقايا حزب المؤتمر الحاكم السابق، ومحسوبين على حزب الإصلاح، وهي مكونات قاعدتها الاجتماعية متعاطفة بشدة مع الشعب الفلسطيني في غزة، في المقابل، فإن الانفصاليين الجنوبيين يبدون أقل حذراً لأن الخطاب الانفصالي عادة في العالم العربي ليس لديه مشكلة مع إسرائيل كمعظم القوى السياسية الأخرى.
دعوة من زعيم المجلس الانتقالي الجنوبي للغرب لدعم قواته
ودعا مؤتمر صحفي عقده المجلس الانتقالي الجنوبي مؤخراً، برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني القائد الأعلى لما يوصف بالقوات المسلحة الجنوبية، أولئك الذين يسعون إلى تأمين المنطقة (في إشارة للغرب) إلى تعزيز “القوات البحرية” التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، وخاصة قواتها البحرية الخاصة وكذلك قواتها المسلحة النظامية.
ويعلق الموقع الأمريكي في تقريره الذي يبدو كتحذير للغرب من الانزلاق إلى تأييد الانفصاليين في اليمن قائلاً: “وفي الواقع، فإن الأمر مثير للنقاش إذا كان لديه أي وحدات مسلحة يمكن وصفها بشكل صحيح بأنها تحت قيادة الزبيدي”.
يوجد جنوب اليمن في عالم موازٍ تقريباً. يتمتع الزبيدي بالمكانة، كما هو الحال مع المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يقوده، بحكم منصبه كنائب لرئيس مجلس القيادة الرئاسي المكون من ثمانية أعضاء والمدعوم من السعودية، والذي يقود حكومة اليمن التي تتخذ من عدن مقراً لها. ويضم المجلس التشريعي نائب الزبيدي في المجلس الانتقالي الجنوبي، والمحافظ السابق لمحافظة حضرموت الجنوبية ذات المساحة الضخمة، اللواء فرج البحسني، وهو شخصية عسكرية أخرى تتولى دوراً سياسياً قيادياً في المجلس الانتقالي الجنوبي، حيث كان البحسني يرأس سابقاً الفرقة العسكرية الثانية في حكومة اليمن.
يتمتع المجلس الانتقالي الجنوبي، بناءً على الكثير من الأدلة المتناقلة، بالدعم الشعبي في عدن وفي المحافظات الجنوبية الغربية الأخرى: أبين ولحج والضالع، وفي حضرموت الساحلية.
يقول الموقع الأمريكي -الذي يبدو تقريره كرد فعل على تفكير أمريكي في تشجيع الانفصاليين الجنوبيين: “لكي يكون الجنوب دولة شريكة معقولة للولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى التي تتحرك الآن لحماية الشحن في البحر الأحمر من الحوثيين، يحتاج الجنوب إلى شكل موحد واحد من السيطرة على مختلف الأجهزة العسكرية والأمنية، والذي، في أحسن الأحوال، العمل على مستوى المحافظة حتى.
لكن مصادر الدعم الخارجية الرئيسية للجنوب، الإماراتيين والسعوديين (وقد شكل الأخيرون قوات “الدرع الوطني” المنفصلة في عدن وحضرموت)، غير مهتمين بتعزيز هيئة أمنية جنوبية متكاملة.
أحد الأسباب هو أن هاتين الدولتين الخليجيتين لهما مصالح متباينة في أجزاء مختلفة من جنوب اليمن، كما أنه ليس هناك رغبة مشتركة في الضغط من أجل إنشاء دولة جنوبية ذات سيادة، حسب الموقع الأمريكي.
محاولة تشجيع انفصال جنوب اليمن قد تؤدي إلى دويلات بالمنطقة
ومحاولة الانفصاليين الجنوبيين للتعاون مع الغرب لتشجيع الانفصال لن تؤدي فقط إلى إضعاف الحوثيين بل الأكثر إضعاف الحكومة المعترف بها دولياً، التي تمثل رغم ضعفها الأداة الوحيدة للحفاظ على تماسك اليمن.
بل الأخطر من ذلك فإن إضعاف هذه الحكومة ومحاولة تشجيع انفصال جنوب اليمن، تحت القيادة المحتملة للمجلس الانتقالي الجنوبي الذي يحاول تقديم أوراق اعتماده الأمنية والسياسية كصديق للغرب .
لكن يخشى أنه في ظل الهوس الأمريكي بدعم إسرائيل، ضد هجمات الحوثيين فإن واشنطن قد تندفع لدعم انفصال جنوب اليمن، وهو ما قد يؤدي إلى لمزيد من الفوضى في هذا البلد العربي المنكوب.