كتب : خالد سلمان
صديقي لن أحدثك عن آثام الغزو ، عن إغتيال الشركاء ،عن تكسير الحلم الذي حملوه من عدن بإتجاه صنعاء ، لن أحدثك عن عنصرية صادمة لم تألفها عدن حيث المواطنة المتساوية وسواسية الناس أمام القانون ، مع بعض التحفظات التي يمكن أن تبسطها ، لن أحدثك عن نهب الأرض والمزارع، المصانع ،طرد الموظفين إلى الأرصفة ، تصفية كوادر نصف بلاد ، عن طيار يجلس القرفصاء يبيع مخبوزات منزلية ،في بسطة على الأرض إرتفاعها نصف قدم، عن خبير صواريخ راعي إبل ، عن منازل خاصمها الخبز ، عن عوائل مزقها الفقر ، عن حلم تبدد ونحن الجيل الذي كنا نتنفسه، من رياض الأطفال في حصة الرسم والموسيقى وطوابير الصباح ، لن أحدثك عن مواليد الوحدة الذين لم يعرفوا نظاما غيرها ، الآن هم قادة جبهات ضد إعادة إنتاجها، يحاربون في المتراس الأول والخندق الذي لن يفارقونه إلا إلى قبر.
يكفي أن أخبرك بأن حرباً شطرت المجتمع بفتاوى دينية إلى جنوب كافر وشمال ورع ، إلى جاهلية عدن ومسلمين يحملون طهر سنوات الخلافة الأولى عن مدن جنوبية تحتاج إلى تجديد إسلامها وعقود النكاح .
إذا كان سيفرض الحاكم المستبد عليك وحدة خارج التراضي، تشبه الغزو بل هي الغزو بقوة السلاح، وعقلية الغلبة والإستعلاء ، يحط من إنسانيتك وانتماءك لهذه الأرض ،ويلصق بك صفة الفرع الزائد والجاليات المهجنة ، ويسحبك إلى توقيع إعدام حقوقك، ينشر غلال الجوع في كل بيت، يسرق كل شي من الأرض إلى الثروة إلى الوظيفة ، حينها إن كنت ترى في كل هذا العسف ماهية وجوهر الوحدة العادلة ، قطعاً أنت منفصل نفسي او ضحية وعي زائف ، وأنا اثق انك ليس كذلك.
لا وحدة حققتها الفتاوى التكفيرية ، ولا وحدة يمكن ان تتنفس بقوة الإلحاق .
آخر وحدة أو بمعنى أدق مسمى وحدة أريدت لعدن ، هي تلك التي زحفت من قبائل جغرافية الشمال – هنا المعنى بريء لا يتعسف اي دلالة تمييزية – ، وهم يهتفون مدججون بالعتاد : خيبر خيبر يايهود ، عدن المدينة التي فردت جناحيها لتلم الجميع، عدن التي صهرت كل الثقافات في مصهرها الإنساني الإجتماعي، عدن الذي ينسى المرء ما أن يعيش فيها بضع سنوات من أين أتى ، يغادر مسقط رأسه ويقول بملء الفم أنا من عدن ،ولا احد يستطيع أن يقول أنا من صنعاء ولو عاش فيها أكثر من قرن ، عدن هذه تم غزوها مرتين بذات شعارات الكراهية والنبذ الديني وغطاء الوحدة المنتحلة، مرة لضرب الشيوعيين، وأخرى لإنهاء الإنفصال تاركين الحوثي خلفهم متوجهين إليها ، في الأولى كانت حاضرة فتاوى تكفير دينية تجيز إبادة المدنيينن، أطلق عليها شيخ الحرب الديلمي بفتوى التترس او هي تحمل ذات الإسم ،والثانية بهتافات خيبر خيبر يايهود ، وكأن عدن تستحق الغزو لإعادتها إلى صحيح الإسلام، فقط لانها أرادت أن تصحح المفاهيم وتختار شكل حياتها .
أعود إلى تعليقك:
إذا رأيت بعضاً من هذا ، أو عشت قليل من وجع كل هؤلاء الناس ، أحسست بمرارة أن هذا الوطن ليس لك ، حينها لن يكون “أنت رائع بس لديك قليل إنفصال” ، بل ستكون الصيغة: أنت أكثر روعة وإكتمال إن كان لديك كل الإنفصال.
علينا أن ندين سحق الحقوق أينما كان ، وإجبار الناس على الحاقهم كقطيع إلى حيث يريد الحاكم المستبد ، مكاننا الطبيعي مع الحق في إختيار شكل حياتهم ونظامهم السياسي ، خارج سوقهم بعصا العواطف نحو شكل حكم يلغي وجودهم، ينزع عنهم المواطنة ويصادر كل الحقوق.
إذا توصلنا إلى نقطة وسط ،نرفض فيها وحدة الإكراه بالتكفير والقوة وابتزاز العواطف والشعارات ، حينها يمكن أن نصل معاً إلى حكم أياً كان إسمه وشكله ، حكم لا يقوم على الإكراه.
المعركة الحقيقية الآن كيف نحارب من أجل الحفاظ على وحدة الشعب، وبعدها لتذهب توصيفات النظم السياسية إلى حيث تشاء.
الكراهية ياصديقي تحطب الفرقاء من كل الجهات، وتصنع حربها الأهلية .