وجّه رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، اللواء عيدروس الزبيدي خطاباً هاماً للشعب الجنوبي، بمناسبة الذكرى الرابعة لانطلاق عاصفة الحزم، فيما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل “وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”،والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين رسولنا الصادق الأمين، محـمد بن عبدالله.. وعلى آله وصحبه أجمعين ..
ايها الشعب الجنوبي العظيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تحل علينا اليوم الذكرى الرابعة لإنطلاق عاصفة الحزم المباركة، التي عصفت بالمعتدين الآثمين، وحالت دون وقوع الوطن فريسة لهم ولفكرهم المتطرف، في مثل هذا اليوم بدأنا مرحلة جديدة عنوانها النصر، سقطت فيها هيمنة الغزاة الجدد، وتبدلت فيها الأجواء الى برداً وسلاماً على الثوار، حين امتطى ركائب السماء صقور سلمان الحزم ومحمد العزم، ليلة لا تُنسى تجلّت فيها مبادئ نُصرة المظلوم وسقوط الظالمين، فزعة الرجال وإغاثة الملهوف، ليلة عربية تلحفت بكرامة العرب وشجاعتهم وأنفتهم، فسلام – قبل كل شيء – على ارواح الشهداء، وتحية بحجم السماء لدول التحالف العربي وملوكها وحكامها ورجالها الذين بذلوا الكثير ولا يزالوا من اجلنا ومن اجل حاضرنا ومستقبلنا.
أبنائي وبناتي، ايها الجنوبيون في داخل الوطن وخارجه:
قبل اربعة اعوام تدخل الاشقاء العرب بقيادة المملكة العربية السعودية قائدة التحالف العربي، لإنقاذ شعبنا وأرضنا ودعمنا في مواجهة الإنقلاب الغاشم الذي قادته ايران عبر ذراعها السياسي والعسكري في اليمن المتمثل في ميليشيات الحوثي، في محاولة لطمس تاريخ هذه الأرض، وتغيير هوية الشعب، في اعتداء سافر لم يشهد له التاريخ مثيل. كان قرار القوة قراراً حكيماً، فلم يترك المعتدين خياراً آخر، ولم يتركوا فرصة للسلام أبداً، قتلوا الشعب في المدن وفي القرى، فلم يسلم منهم عابر سبيل، ولم يرحموا ضعيفاً، ولم يسلم منهم شيخاً ولا طفلاً ولا امرأة، انتهكوا حرمات الله، ودمروا كل ما لا يجوز تدميره، فلم يتركوا قيماً تربى عليها هذا الشعب، ولم يصونوا شرعاً ولا عرفاً، وكان القتال حينها ولا يزال، دفاعاً عن النفس وعن الدين وعن الكرامة، دفاعاً عن الوطن، عن عروبة هذه الارض، عن تاريخها وإرثها الحضاري.
وأمام هذه الاعتداءات السافرة التي مثلت في مجموعها غزواً كامل الاركان يسوقون من خلالها الموت الى كل بيت، والمذلة الى زاوية في هذا الوطن الذي افتديناه بأرواح اغلى الرجال واسمى الحرائر، قاتلنا بكل بسالة، وترك رجالنا الابطال ومقاومتنا الجنوبية البطلة بصمة للتاريخ لن تُمحى، تركوا أثراً لا يخاف قارؤوه من لهيب النيران ولا الموت، فواجهنا جميعاً الة القتل بآلة النصر وردعنا آلة الخراب بآلة الحق حتى انتصرنا.
عبّرنا عن توقنا للحرية وحبنا للكرامة ودفاعنا عن العدالة، وأثبتنا للعالم أجمع عن جديتنا في تحقيق أهدافنا، فلم تكن سلميتنا في أي مرحلة من المراحل تعبير عن الضعف بقدر ما هي حب حقيقياً للسلام، خرجنا في كل ارجاء الوطن الجنوبي الغالي ورفضا هذا الغزو وهذا الانقلاب بالطريقة التي يفهما الغزاة، وقدمنا في سبيل ذلك تضحيات جسيمة لا تُعوض، لكننا عاهدنا الله والشعب اننا لن نميل قيد انملة عن اهداف من رحلوا حتى نحقق اهداف شعبنا كاملة ودون نقصان.
كان الانقلابيون قد رتبوا اوراقهم كاملة، وكاد الخطر ان يعم البلاد كافة، الا ان فزعة الاشقاء العرب قد غيرت موازين المعركة منذ الوهلة الأولى، وهي وقفة لن ينساها التاريخ وسيظل جميلها في رقابنا جيل بعد جيل، موقفا نبيلا وشجاعا صان ارواح المدنيين، وانقذ الشعب من السقوط تحت وطأة الموت القادم من كهوف الشرّ. يا شعبنا الجنوبي العظيم لقد كان تحرير الجنوب حلماً حققتموه بأيديكم، وبذلتم لأجله الكثير، حتى أصبح الوطن أكثر أمانا بعد رحيل قوى التمرد والانقلاب من ربوعه الغالية، الا اننا لا زلنا نقف امام مسؤولية تاريخية للحفاظ على هذا المنجز العظيم، منطلقين من ثوابتنا الوطنية وإرادة شعبنا وإجماعه على نيل حريته واستعادة سيادته على كامل التراب الوطني.
ان التحديات مستمرة، والعقبات أمامنا عديدة ويجب ان نتجاوزها ببسالة، فلا تزال الجماعات الإرهابية المرتبطة بهذا الانقلاب والاطراف السياسية الاخرى حاضرة وتجد لها بيئة خصبة ومناطق آمنة تنطلق منها الى حدود الجنوب لتنفذ عملياتها بهدف زعزعة الوضع وخلط الاوراق وتخويف الناس واجبارهم على التنازل عن مشروعهم الوطني. ان عاصفة الحزم لم تحارب الإنقلاب وحسب، بل وكشفت وكافحت الإرهاب بشتى اشكالة المختلفة، لقد اثبتت الأعوام الاربعة الماضية ان الارهاب والتطرف مدعوم من جهات عدة، واصبح ورقة سياسية تستخدمها الاطراف المناوئة للمشروع الوطني الجنوبي خاصة الميليشيات الحوثية وجماعة الإخوان المسلمين في اليمن، وكلا الطرفين مدعومين من دول اقليمية طالما استخدمت الارهاب والميليشيات المسلحة في تحقيق اهداف الشر التي تتبناها، ضد المنطقة وأمنها القومي، بل وتلحفت جماعة الإخوان بجناحيها السياسي والعسكري بلحاف الشرعية، واظهرت دعمها لدول التحالف في الوقت الذي تعمل فيه بكل طاقاتها لإفشال المشروع العربي في بلادنا، وما يحصل في تعز ونهم وحجه وصرواح والبيضاء وإب الا نماذج حية لما تقوم به هذه الجماعة.
نحن دعاة سلام، لكن السلام المنشود لن يكون على حساب قضيتنا الوطنية وحقوق شعبنا التي ضحينا كثيرا من اجلها، وسنقدم المزيد في سبيل ذلك، ولن نتهاون عن اي من حقوقنا واهدافنا، وتسخير الارهاب واستخدامه ضدنا لن يثنينا ابداً، فواديحضرموت الذي يعاني من ويلات هذا الارهاب يجب ان يكون آمناً، وسالماً من هذا الشر والقائمين عليه، يجب ان يمنح اهله فرصتهم الكاملة في ادارة مناطقهم وحمايتها وتأمينها والاستفادة من خيراتها، فلا يحق لغيرهم ذلك.
في بيحان ايضا وفي العقلة ومديريات شبوة القديمة، في كل مناطق الجنوب التي يتآمر عليها العدو، نحن متابعين لأدق التفاصيل هناك وحريصون كل الحرص على تامين هذه المناطق ومساعدة اهلها على حماية انفسهم واستعادة عافيتهم وحقوقهم المنشودة.
ايها المواطنون في كل مكان:
ما بعد عاصفة الحزم لن يكون شبيهاً ابدا بالمراحل التي مرت قبل هذه العاصفة المباركة، نحن اليوم امام مرحلة جديدة وعهد جديد، لدينا استحقاقا سياسيا يجب ان نكون حاضرين فيه، لدينا وطن يجب ان نكون جاهزين من اجله، وهنا نوجه رسالة للمجتمع الدولي مفادها ان الجنوبيون جاهزون للسلام، وموجودن على ارضهم ينشدون دولتهم واستعادة هويتهم، ولن يقبلوا بغير ذلك. نؤكد على دعمنا لجهود الامم المتحدة في احلال السلام، كما نؤكد على ان قضية الجنوب حاضرة بأهلها وشعبها وجغرافيتها التي يحمونها بأنفسهم، وتحقيق السلام لن يكون بالإقصاء ولا بفرض حلول غير واقعية ولا منطقية ابداً، بل بمشروع حل يحاكي الواقع ويلامس حاجة الناس للاستقرار، من خلال اعتبار هذا الواقع الجديد الموجود على الارض، بالإضافة الى الحقائق التاريخية التي لا يستطيع احد انكارها او تجاهلها. قوات المقاومة الجنوبية البطلة: انتم من نحتفل به اليوم، لانكم غيرتم مجرى الاحداث وصنعتم تاريخ هذه الحرب، وحددتم بوصلتها، فلن ينسى احد ان بنادقكم كافحت التمدد الحوثي المدعوم من ايران حين اختفى وهرب الاخرين، وتركوا مسؤولياتهم الوطنية، وواجباتهم تجاه انفسهم واهلهم وشعبهم ووطنهم الذي استفادوا من خيارته دون غيرهم لعقود من الزمن.
انتم الرهان الحقيقي لهذا الوطن، والحليف الذي اثبتت الوقائع انه صادقاً مع نفسه ومع التحالف العربي، انتم من يستحق الإشادة حين بذلتم ارواحكم وكافحتم بسلاحكم وبقوة عقيدتكم القتالية الوطنية الصادقة، فسلام عليكم اليوم وكل يوم.
فقد اصبحتم جزء لا يتجزأ من القوات المدافعة عن المشروع العربي، وقاتلتم ببسالة بجانب دول التحالف العربي في عمق الاراضي اليمنية الشقيقة، وكنتم الاوفياء ومن يُعول عليهم في تحقيق الهدف السامي لهذه الحرب.
الوطن أمانة في أعناقنا جميعا، فلنكن جميعا على قدر من المسؤولية.
التحيةللأبطال في ميادين الشرف
والبطولة الرحمة لشهدائنا الابرار
الشفاء للجرحى
الحرية للأسرى والمعتقلين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته