كريتر نت – متابعات
قالت صحيفة “الأيام” العدنية بانها تحصلت على وثائق رسمية جديدة تكشف فصل آخر من فصول فساد مافيا الأدوية الفاسدة في عدن، وبينت أن شحنات الأدوية غير الصالحة للاستهلاك مازالت تتدفق إلى أسواق عدن بتواطؤ الجهات الحكومية المختصة.
“الأيام” كانت قد نشرت في الشهر الماضي تقارير صحفية معززة بالوثائق الرسمية والصور عن دخول شحنات أدوية إلى عدن، تم استيرادها وشحنها إلى ميناء الحاويات بواسطة حاويات حديدية غير مبردة، حيث سمحت الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية بعدن بخروجها من الميناء، وتسلمها التجار وتم توزيعها في الأسواق للمواطنين، الأمر الذي يعد جريمة جسيمة بحق المواطنين كون تلك الشحنات من الأدوية قد أصبحت منتهية الصلاحية، وتحولت إلى سموم قاتلة نتيجة بقائها على متن السفن، وتحت أشعة الشمس الملتهبة لأشهر بدون تبريد يحفظ صلاحيتها.
وتبين الوثائق والمستندات الرسمية الجديدة التي تحصلت عليها “الأيام” عن تحول الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية بعدن، من هيئة وظيفتها الرقابة على الأدوية، وضمان سلامتها، ومنع دخول أي شحنات أدوية ومستلزمات طبية غير صالحة للاستخدام إلى عدن وباقي المحافظات، إلى هيئة مساهمة في إغراق البلاد بالأدوية منتهية الصلاحية، وذلك من خلال سماحها لمستوردي الأدوية بإدخال شحنات الأدوية التالفة وبتراخيص وسندات رسمية.
الدور الكارثي للهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية بعدن يبدأ في إعاقة جهود الجهات الأمنية المختصة في ميناء الحاويات بعدن، حيث تقوم الهيئة عقب ضبط أمن الميناء لحاويات أدوية منتهية الصالحية بالاكتفاء بإصدار سندات غرامة قدرها “3 آلاف دولار على كل حاوية” مضبوطة بدون التوجيه -كجهة مختصة- بإتلاف الشحنة، وإحالة من قام باستيرادها إلى الجهات القانونية المختصة، ومن ثَم تقوم الهيئة بمنح المستوردين ترخيصًا بإخراجها من الميناء إلى مخازنهم، تحت مبرر نقلها إلى مخزن التاجر، حتى يتم الانتهاء من إجراء فحوصات العينات التي تستغرق نحو شهرين، لتأتي أخيرًا نتيجة الفحص للأدوية بعد أن يكون التاجر قد استلم الشحنة وقام بتوزيعها على الصيدليات والمستشفيات، وطالت سمومها المرضى الأبرياء، فتصبح بذلك نتيجة الفحص الصادر عن هيئة الأدوية بعد شهرين من سماحها بدخول الشحنة إلى عدن، عديمة الجدوى وشكلًا جديدًا من أشكال أسوأ أنواع الفساد، لما يتسبب فيه من مخاطر جسيمة على المواطنين المرضى.
وأكدت مصادر “الأيام” أن خمس حاويات أدوية منتهية الصلاحية تقبع حاليًا في ميناء الحاويات بعدن، ولم تقُم الهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية بعدن بإتلافها، ما يؤشر إلى نية الهيئة للسماح بخروجها من الميناء، وتسليمها للتاجر الذي استوردها، كسابقاتها من شحنات الأدوية التالفة التي سمحت الهيئة بخروجها مقابل “3 آلاف دولار” على الحاوية وتحت مسمى “غرامة” وكأن التاجر أرتكب مخالفة مرورية، ولم يرتكب جريمة جسيمة باستيراده أدوية قاتلة للمرضى في عدن والمحافظات الأخرى، وهو ما كان يستوجب على الهيئة كجهة معنية بالرقابة على الأدوية، مصادرة وإتلاف شحنات الأدوية المنتهية الصلاحية فورًا، وعدم السماح اطلاقًا بدخول أدوية مستوردة بحاوية حديدية غير مبردة، وإحالة المستوردين إلى الجهات القانونية والقضائية المختصة على وجه السرعة.
ومن الأدوية المظبوطة في الحاويات الخمس كان هناك العديد منها لم تكن ضمن أوراق الشحن مما يعدها أدوية مهربة ومن الأدوية التالفة.
وبالعودة إلى الوثائق الجديدة، فقد أكدت على عقد اجتماع يوم السبت الماضي بتوجيهات صادرة من قبل اللواء عيدروس قاسم الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي – عضو مجلس القيادة الرئاسي، للوقوف أمام مخالفات وخطر “الأدوية المستوردة بحاويات غير مكيفة والأدوية المهربة” في العاصمة عدن، وترأس الاجتماع بدر معاون نائب المحافظ، الأمين العام للمجلس المحلي عدن، وضم كلًا من عبدالقادر الباكري رئيس الهيئة العامة للأدوية والمستزمات الطبية، د. أحمد البيشي مدير عام مكتب الصحة العامة والسكان عدن، العميد/ أبو بكر جبر نائب مدير أمن عدن، محسن قحطان مدير عام جمارك المنطقة الحرة.
وافتتح الاجتماع بكلمة بدر معاون، نائب المحافظ الأمين العام للمجلس المحلي بعدن، وقال فيها نجتمع لمناقشة استيراد الأدوية عبر حاويات غير مخصصة لنقل الأدوية (غير مكيفة) وقال استلمنا مذكرة من الأخ القائد عيدروس قاسم الزبيدي عضو مجلس القيادة الرئاسي بهذا الشأن، وجه فيها على ضرورة الالتزام بالمقاييس العالمية لنقل واستيراد الأدوية، لما من شأنه الحفاظ على أرواح المواطنين، مؤكدًا على أن يلتزم جميع الموردين للأدوية، بالقوانين واللوائح المنظمة لعملية الاستيراد”.
عقب ذلك تحدث في الاجتماع د. عبدالقادر الباكري رئيس الهيئة العامة للأدوية، وقال: إن عمل الهيئة هو الرقابة على عملية استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية، منذ بدء المستورد بتقديم الطلب إلى الهيئة، وحتى استكمال الإجراءات المتبعة القانونية في مكتب الهيئة بعدن، ومن ثم النزول إلى المصنع الذي يقوم بتصنيع الدواء والتأكد من المواصفات العالمية المعتمدة لإنتاج الدواء، وبعد أن تُستكمل الإجراءات، تقوم الهيئة بصرف الترخيص للاستيراد، ونحن ملتزمون بكل الإجراءات القانونية المتبعة التي تنظم عمل مكتب الهيئة. والأدوية من دول مجلس التعاون الخليجي، والولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، والدول الأوروبية، وأستراليا، لا تحتاج منا إلى النزول والمعاينة إلى تلك المصانع، لأن لديها رقابة شديدة على إنتاج الدواء، ولكن ننزل إلى الدول الأخرى التي تصنع الأدوية، ونستورد منها الأدوية، ونحن نشدد على دراسات الثباتن التي تشترط درجة الحرارة 40 درجة مئوية والرطوبة 75 %، ونحن سنلزم الشركات بنقل الأدوية بحاويات مكيفة ومخصصة للأدوية”، ما يؤكد إقرار الهيئة وعلمها بأن الأدوية.
بدوره تحدث بحسب وثيقة محضر الاجتماع، محسن قحطان مدير جمرك المنطقة الحرة عدن، عن أن هناك أدوية تأتي بحاويات عادية “حاويات حديدية غير مبردة” ولكن يأتي الموردون بالتراخيص المطلوبة، فنسمح لهم بالدخول ونطالب بعمل دورة لموظفي الجمارك لتعريفهم بخصائص حفظ وسلامة الأدوية، ونحن واجهنا أحكامًا قضائية بالإفراج عن أدوية ونزلوا إلينا قضاة لتنفيذ الحكم، وتم إبلاغ النائب العام بإعادة الأدوية إلى حرم الميناء”.
من جانبه طالب في الاجتماع د. أحمد البيشي، مدير عام مكتب الصحة العامة والسكان بعدن، بوجوب “منع أي أدوية مهربة من وصولها إلى السوق لتجنب تأثيرها السلبي والصحي للمواطن، ونؤكد على ضرورة أن تستورد الأدوية وفقًا للمعايير العالمية لحفظ الدواء ونحن مستعدون للتعاون والتنسيق فيما بيننا وبين مكتب هيئة الأدوية والجهات المختصة”.
وخرج الاجتماع بما يلي:
1 – إعطاء مهلة 3 أشهر فقط للشركات الموردة للدواء بأن عليها أن تشحن جميع الأدوية والمستلزمات الطبية بحاويات مخصصة ومكيفة لنقل الأدوية، وعدم التعامل بعد انقضاء هذه الفترة مع أي شحنة تأتي بعد انتهاء المدة المحددة التي تبدأ من يوم 8 يناير 2024م، وسيتم اتخاد الإجراءات ضد أي شحنة تصل بعد هذا التاريخ، لا تلتزم بمواصفات الشحن العالمية بحاويات مخصصة للأدوية (مكيفة).
2 – على قيادة أمن عدن والأجهزة الأمنية الأخرى منع أي أودية مهربة من الدخول إلى محافظة عدن، عبر المنافد البحرية والبرية والجوية، واتخاذ الإجراءات العقابية لكل من تسول له نفسه بالقيام بتهريب أدوية إلى السوق لإلحاق الضرر بالمواطن، والتكسب من هذا العمل الإجرامي، وإحالتهم إلى النيابة العامة.
3 – يكلف الأخ رئيس الهيئة العامة للأدوية والمستلزمات الطبية، بتشديد الإجراءات الرقابية على مخازن الشركات والمؤسسات الدوائية والصيدليات، وسحب التراخيص من أي مخزن أو صيدلية لا يلتزم بالمعايير والمقاييس والمواصفات المقرة في القانون واللوائح المنظمة لهذا النشاط الصحي.
4 – يكلف الأخ رئيس الهيئة العامة للأدوية والمستلزمات الطبية بمتابعة نشاط الصيدليات داخل المحافظة، ومراقبة أي أدوية مهربة يتم بيعها في الصيدليات، واتخاد الإجراءات العقابية لكل من يبيع أو يتعامل مع الأدوية أو المحاليل المهربة.
5 – يكلف الأخ رئيس الهيئة العامة للأدوية والمستلزمات الطبية بالمتابعة والمراقبة المستمرة لجميع الشركات الموردة للأدوية والمستلزمات الطبية، الالتزام باستيراد الأدوية من دول المنشأ، ووفقا للقوانين واللوائح المنظمة لعمل الهيئة، وعدم التراخي عن أي مخالفات.
6 – على الأخ رئيس الهيئة العامة للأدوية والمستلزمات الطبية، تحفيز الجنود والضباط الذين يقومون بضبط الأدوية المهربة في النقاط، تحفيزهم على عدم التراخي أو السماح بمرور الأدوية عبر نقاط التفتيش في مداخل محافظة عدن.
ومن خلال ما سبق في وثيقة محضر الاجتماع الرسمي يتضح بأن الاجتماع قد منح مستوردي الأدوية الفاسدة مهلة 3 أشهر لإغراق الأسواق بالأدوية الفاسدة.
الوثائق ذاتها كشفت بأن ما سبق ذكره من اجتماع بشأن “شحنات الأدوية غير الصالحة والمهربة” وتعهد الهيئة العليا للأدوية بالالتزام بمنع دخول شحنات الأدوية المستوردة بحاويات غير مبردة، والتي تحتوي أدوية انتهت صلاحيتها، لم ينفذ منه شيء، ومازالت شحنات الأدوية الفاسدة تدخل بترخيص من الهيئة نفسها، وأن كل ما قامت به الهيئة هو استحداث مبرر جديد يسمح بالإفراج عن شحنات الأدوية التالفة، وتسليمها للمستوردين مقابل مبالغ مالية تصل إلى أكثر من “ثمانية ملايين ريال”، بسندات رسمية صادرة عن الهيئة تحت مسمى “تكاليف تحليل”، مدعية بأن التاجر سيحتفظ بشحنة الأدوية في مخازنه، ولن يقوم بتوزيعها وتسويقها خلال فترة الفحص لعينات الأدوية، والتي تستغرق نحو شهرين.
ومن الوقائع الأخرى السماح بدخول أدوية غير مسجلة في بيانات الاستيراد المقدمة من قبل التاجر، والتي تلزم المستورد بعدم استيراد أي أدوية مجهولة ومشكوك في صلاحيتها وسلامتها، إلا أنه يتم ادخالها ضمن شحنات الأدوية دون حسيب أو رقيب.
المصدر : الأيام