فؤاد مسعد
مائة يوم منذ بدأت آلة الإجرام الصهيوني حربها الشاملة ضد قطاع غزة، مستخدمة كل قواتها ومختلف أسلحتها في حرب إبادة لم يشهد لها تاريخ الحروب مثيلاً.
مائة يوم من حرب الاحتلال الغاشم ضد غزة، يقابلها مائة يوم من الصمود والمقاومة في غزة.
مائة يوم من الصمت العالمي والتواطؤ الدولي وخنوع العرب والمسلمين، يقابلها مائة يوم من ثبات الموقف لدى أبناء غزة، وقوة الإرادة واليقين بقوة الحق الذي يدافعون عنه، وعدالة القضية التي يؤمنون بها.
مائة يوم من شجاعة المرابطين في أكناف بيت المقدس، وهوان العاجزين والخائفين وخزي المرجفين والمتخاذلين، وقفتْ غزة شامخة في وجه عدوانٍ ليس له وجه، يحرسها أبناؤها الأحرار، بكل ما أوتوا من قوة، وقوتهم- رغم تواضعها بدت أقوى من قوة الغزاة المحتلين وحلفائهم وداعميهم.
مائة يوم من عجز الأمم المتحدة عن الحيلولة دون قتل آلاف الأطفال والنساء والشيوخ في غزة، وفشل مجلس الأمن في القيام بدوره تجاه ما تعيشه غزة، وإخفاق المجتمع الدولي في مواجهة (الكيان اللقيط) بموقف حازم وحاسم ينتصر للأبرياء الذين تقتلهم أدوات الجريمة والإرهاب الصهيوني المتواصل والمستمر على مدار الساعة.
تحت أقدام أطفال غزة سقطت شعارات حقوق الإنسان ومزاعم المدنية والتقدم والحضارة الغربية، لقد أسقطت غزة كل الأقنعة المخادعة والدعاوى الكاذبة عن مبادئ الغرب المزعومة في العدل والمساواة، حيث لا عدل في قاموسه ولا مساواة في منهجه، فانكشفت عورته وبانت سوءته، وظهرت حقيقته التي حاول أن يخفيها خلف شعارات الزيف والخداع.
لا أوراق – بعد اليوم- تستر عورة الغرب المكشوفة تحت أضواء غزة، ولا مساحيق تقوى على تجميل الغرب وقد انكشفت خسته وتأكد للجميع موت ضميره وهو يرى ويسمع ما يجري في غزة.
وإذا كان ظلم الغريب والبعيد متوقعاً، فإن غزة تتعرض منذ مائة يوم لخذلان الأهل والأقارب.
وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضةً
على المرء من وقع الحسام المُهنّدِ
وتبقى غزة وأهلها شهداء على كل ما يجري، بأيديهم يكتبون ما تيسر من فصول التاريخ، وبدمائهم يرسمون خارطة الوطن الجريح، وبأرواحهم يسيّجون الأرض المباركة، مهد القيامة والأنبياء، ومهبط رسالات السماء، فيها منتهى رحلة الإسراء، ومُبتدأ معراج خاتم الأنبياء إلى سدرة المنتهى.