كريتر نت / الشرق الاوسط
تمر 4 أعوام على بدء تحالف دعم الشرعية في اليمن عملية «عاصفة الحزم» التي تبعتها عملية «إعادة الأمل» ولا تزال حتى اليوم، لوقف انقلاب ميليشيات الحوثي على الشرعية اليمنية، بعد طلب يمني بوقف الانقلاب المدعوم من مشروع توسعي تقوده طهران. في ضوء ذلك، أكد محمد آل جابر السفير السعودي لدى اليمن، في حوار مع «الشرق الأوسط» أن عاصفة الحزم التي كانت حربَ ضرورةٍ، وليست خياراً، بحسب وصفه، منعت اليمن من الانزلاق إلى حرب أهلية، وسيطرة ميليشيات تنفذ توجيهات وتعليمات النظام الإيراني على البلاد، مشيراً إلى أن الحوثيين رهنوا أنفسهم لتنفيذ مشروع إيران وسفك دماء اليمنيين.
وأوضح السفير أن بلاده تدعم الحلول السياسية السلمية، وآخرها كان اتفاق استوكهولم الذي ما زال حبراً على ورق، رغم مرور أكثر من 100 يوم عليه، مبيناً أن الحوثيين ما أن يوقّعوا اتفاقية حتى ينقلبوا عليها؛ حيث وقّعوا أكثر من 70 اتفاقية منذ الانقلاب، لم تنفذ واحدة منها. تحدث محمد آل جابر أيضاً عن أسباب دخول الحوثيين صنعاء بسهولة في 26 سبتمبر (أيلول) 2014، مرجعاً ذلك إلى الصراعات بين الأطراف اليمنية التي كانت تحكم اليمن آنذاك، وتراخيهم خلال فترة الانتقال السياسي، لافتاً إلى أن الميليشيات الحوثية أقلية صغيرة جداً، استطاعت بالمال الإيراني وتدريب «حزب الله» واستغلال الظروف، اختطاف الدولة والسيطرة عليها بقوة السلاح.
وفسر السفير السعودي كذلك الوجود السعودي في محافظة المهرة (شرق اليمن) بأنه مرتبط بوقف عمليات تهريب المخدرات والسلاح، بطلب من الحكومة الشرعية التي عللت ذلك بضعف التنمية في المحافظة. آل جابر تطرق إلى عدة نقاط مهمة، منها العلاقة مع الإمارات، ودور القبائل اليمنية في قتال الحوثيين، وما حصل لقبائل حجور في حجة، والعلاقة مع منظمات الأمم المتحدة وغيرها. وفيما يلي نص الحوار…
> كيف تقيّمون ما وصلت إليه الأمور في اليمن منذ انطلاق عاصفة الحزم في 26 مارس (آذار) 2015؟
– عاصفة الحزم منعت اليمن من الانزلاق إلى حرب أهلية بين أطراف مختلفة، منها المدعوم من إيران، للسيطرة على اليمن، وهي حرب ضرورة، ولم تكن اختياراً، كنا ندرك أن الميليشيات المدعومة من إيران تعمل وفق سياسة ونهج واحد، وتنفذ توجيهات وتعليمات نظام طهران، ومن ذلك استخدام كل المجرمين والأشرار للوصول إلى أهدافهم، في ضرب الاستقرار ونشر الفوضى بالمنطقة.
لقد رهنت ميليشيات الحوثي الانقلابية نفسها لتنفيذ مشروع إيران، وسفك دماء اليمنيين، فرغم كل المحاولات لإيجاد حلول سياسية ضمن المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والالتزام بالقرار الأممي 2216 فإن جميع هذه المحاولات اصطدمت بممارسات الحوثي الذي ما أن يوقع على اتفاقية حتى ينقلب عليها. دمّر الحوثي اليمن، وحطم آمال اليمنيين، ونهب أموال الحكومة اليمنية التي كانت في البنك المركزي اليمني بالعاصمة صنعاء، وأدخل اليمن في حالة قاسية من الفقر والجوع وتجنيد الأطفال والعبث بحياتهم، وإقامة السوق السوداء، وإعاقة المساعدات الإنسانية والإغاثية في المناطق الخاضعة للحوثي، وقد كانت ولا تزال المملكة دائماً وأبداً أكبر الدول الداعمة لليمن.
كنا ولا زلنا ندعم الحلول السياسية السلمية، وآخرها اتفاق استوكهولم، الذي ما زال مجرد حبر على ورق، ولم تنفذها الميليشيات المدعومة من إيران، رغم مرور أكثر من 100 يوم.
> هل تعتقدون أن الشرعية اليمنية استغلت كل النجاحات التي تحققت حتى الآن، خصوصاً تحرير أجزاء كبيرة من المناطق؟
– الميليشيات الحوثية احتلت العاصمة صنعاء، وسيطرت على مؤسسات الدولة، وأصبحت الحكومة اليمنية تعمل وفق الإمكانات المتاحة لها، وهي تعمل وفق طاقاتها في هذا الشأن بالتعاون مع المملكة وبقية دول التحالف، ولا سيما ما يتعلق بالالتزام بصرف المرتبات للموظفين الحكوميين، رغم سيطرة الحوثي على العاصمة وموارد الدولة في المناطق التي ما زال يسيطر عليها، ولا تتجاوز 15 في المائة، ورغم توقفه عن صرف المرتبات للموظفين فإن الحكومة الشرعية التزمت بصرف المرتبات، بعد أن أعادت ترتيب أمورها واستفادت من الوديعة السعودية التي خصصت لدعم البنك المركزي، وأيضاً منحة المشتقات النفطية التي ساهمت في إزاحة 20 في المائة من العبء عن ميزانية الحكومة الشرعية، وعادت بالنفع على اليمن من خلال تشغيل محطات الكهرباء واستمرار التيار الكهربائي دون انقطاع، وهو ما لم يكن متحققاً حتى قبل الانقلاب.
> ما حدث في مناطق قبائل حجور بحجة، وضع علامات استفهام حول دور الجيش الوطني اليمني الذي يحظى بدعم التحالف، وعدم تدخله لمساندتهم، رغم تدخل التحالف. برأيكم، ما أسباب ذلك؟
– ما حدث في حجور شبيه بما حدث مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح؛ حيث غدرت به الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، وهي نفسها التي غدرت برجال حجور، ومستعدة أن تغدر وتنقلب على أي اتفاق.
> كان للسعودية دور كبير في نجاح اتفاق استوكهولم الأخير، إلا أن الحوثيين لم يلتزموا بتنفيذه حتى الآن، كيف تفسرون الأمر؟
– هذا صحيح. وأشرت إليه في سؤالك في بداية الحوار، ولنكن أكثر صراحة. الحوثي وقّع أكثر من 70 اتفاقية منذ الانقلاب، وحضر الكثير من جلسات الحوار والمشاورات، وقدّم التعهدات، لكنه لم ينفذ منها شيئاً، كما أن عدم تنفيذ اتفاق الحديدة يؤكد عدم جدية الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران في تحقيق السلام في اليمن، لذلك يجب على المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته تجاه اليمن، والتعامل مع «الحوثي» على أساس أنها عصابة استولت على السلطة بقوة السلاح، وهددت أمن اليمن أولاً، فاستولت على خيراته وزجّت الأطفال في جبهات القتال، ونشرت الذعر بين أبناء الشعب، حتى بات الأمر يهدد أمن المنطقة بإطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية الصنع.
> من خلال تعاملكم ومعرفتكم بالتركيبة اليمنية، هل يريد الحوثيون المشاركة السياسية، أم يريدون السيطرة بشكل كامل وحكم البلاد؟
– الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران أقلية صغيرة جداً، استطاعت بالمال الإيراني وتدريب «حزب الله» واستغلال الظروف السيئة التي مرت بها اليمن، أن تتمكن من اختطاف الدولة، عبر السيطرة بقوة السلاح، لتنفيذ أجندة إيرانية، وهذا لن يتحقق ولن يحدث.
> عُينت سفيراً قبل 10 أيام فقط من دخول الحوثيين صنعاء، لكنك عملت ملحقاً عسكرياً في السفارة قبلها، وتعرف اليمن ورجالها. برأيك كيف وصل الحوثي إلى صنعاء بهذه السهولة؟
– بلا شك أن الصراعات بين الأطراف اليمنية، التي كانت تحكم اليمن، في ظل تراخي المكونات اليمنية خلال فترة الانتقال السياسي، كانت سبباً في تسهيل قيام الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران بالسيطرة على العاصمة صنعاء.
> كان انتقالك إلى مدينة عدن لدعم الرئيس هادي والشرعية جريئاً وشجاعاً في الوقت نفسه، استطعت بعدها إجلاء السلك الدبلوماسي وإعلاميين بعد تقدم الحوثيين نحو المدينة، كيف تتذكر هذه المشاهد اليوم؟
– كان مشهداً يسوده الغموض، إلا أن توفيق الله عز وجل وثقتي بحكمة وشجاعة وحزم قيادة المملكة كبير جداً، ولم يكن تركيزي ذلك الوقت إلا في إنقاذ الدبلوماسيين والإعلاميين من فتك الميليشيات الحوثية الإيرانية، التي كانت وقتها لا تزال تحتجز وزير الدفاع اليمني محمود الصبيحي، وشقيق الرئيس ناصر منصور هادي، واللواء فيصل رجب، ولولا توفيق الله لبقي كثير من الإعلاميين محتجزين منذ 2015 حتى الآن.
> ذكرت أن إيران تدخلت في اليمن منذ سنوات طويلة، عبر مشروعات، في ظاهرها تنموية، وأرسلت الحرس الثوري على شكل مهندسين، وأيضاً فتح مستشفى إيران واستخدامه مركزاً استخباراتياً، لماذا لم يتم التعاون مع الحكومة اليمنية آنذاك لوأد هذا المشروع مبكراً؟
– لليمن سيادته على أرضه، ولا يمكن أن نفرض رغباتنا على الدول، طالما أنها لا تريد تحقيق ذلك، كما أن المستشفى كان في ظاهره تقديم الخدمة الطبية، ولم يتم اكتشاف دوره الحقيقي في توفير الخبراء العسكريين والعمل الاستخباراتي إلا بعد أن تم اكتشاف دلائل على ذلك.
> البعض يتساءل عن الوجود السعودي في المهرة تحديداً، رغم أنها لم تتأثر بالحرب، كيف تعلّقون؟
– من المعروف أن المهرة ممر رئيس لتهريب المخدرات والسلاح إلى اليمن؛ حيث تنتشر شبكات التهريب، في ظل وجود مساحات مفتوحة على بحر العرب، من دون وجود أي قوات لخفر السواحل أو جهة قادرة على ضبط هذه المساحات، ما مكّن إيران و«حزب الله» من استغلال ذلك في دعم الميليشيات الحوثية، مستعينة بشبكات تهريب محلية، وذلك تسبب في إطالة أمد الحرب. واستعانت الحكومة الشرعية بالتحالف لمساعدتها في بناء وتدريب قدرات خفر السواحل، والمساعدة في مكافحة أعمال التهريب والإرهاب، مبدية خبرتها بأن من أسباب التهريب عدم وجود تنمية في المهرة، ولذلك بدأت المملكة عبر البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، في دعم توجه الحكومة الشرعية لتنفيذ مشروعات مختلفة في البنية التحتية، التي افتتحها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.
> كيف تنظرون إلى دور القبائل اليمنية في قتال الحوثيين؟ وهل قاموا بما يجب، برأيكم؟
– أغلب أهل اليمن الشرفاء يرفضون وجود الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، والبقاء تحت الوصاية الإيرانية. وأستطيع القول إن جميع القبائل اليمنية تشارك في مواجهة هذه الميليشيات، التي تستخدم المال لتجنيد الأطفال.
> إلى أين وصلت جهود التحالف في إعادة بناء الجيش الوطني اليمني حتى الآن؟
– ساهم التحالف بإعادة بناء الجيش اليمني، سواء بالتدريب والتسليح، في ظل تدمير الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران للجيش اليمني. ومثل هذا البناء سيحتاج وقتاً طويلاً. وهذا تقع مسؤوليته على قيادة الجيش اليمني.
> فتح التحالف كثيراً من المنافذ البرية والبحرية والجوية للمنظمات الإنسانية الدولية، إلا أن بعض هذه المنظمات لم تستخدم المنافذ، لماذا برأيكم؟
– هذا غير دقيق، إذ استخدمت المنظمات الدولية الكثير من المنافذ اليمنية، وساهم ذلك في تسريع إجراءات الوصول للموانئ الخاضعة لاحتلال الحوثي.
> كيف تقيّمون علاقتكم مع دولة الإمارات، ضمن تحالف دعم الشرعية في اليمن؟
– أؤكد لك أن العلاقة في أعلى مستويات التوافق، ونعمل بتنسيق عالٍ لتحقيق أهداف التحالف، وإعادة الشرعية لليمن، فأرض اليمن ارتوت بدماء الشهداء، سواء المملكة والإمارات، وباقي دول التحالف، إلى جانب إخوانهم في قوات الحكومة الشرعية، لهذا الهدف.
> ماذا عن الجهود التي يقوم بها التحالف لمحاربة الجماعات الإرهابية في اليمن؟
– تحالف إعادة الشرعية لم يقتصر عمله في اليمن على مواجهة الحوثي، بل ساهم أيضاً في الحدّ من انتشار الجماعات الإرهابية في اليمن، التي حاولت استغلال ضعف الأمن وحالة الفوضى التي شهدتها اليمن، لذلك فالتحالف يعمل مع عدة دول للحد من وجود هذه الجماعات الإرهابية في اليمن؛ حيث تم هزيمة تنظيم القاعدة في المكلا والكثير من المحافظات اليمنية.
> السعودية الدولة الكبرى في الدعم الإنساني لليمن، مع ذلك نجد من يشكك في ذلك. ما السبب؟
– لا يشكك بذلك إلا جاهل أو جاحد لا يعترف بالحقائق التي أعلنتها الأمم المتحدة، سواء بتقديم الدعم عبر المنظمات الدولية، أو مباشرة من المملكة لإخواننا في اليمن. كانت المملكة وما زالت الداعم الأسرع والأكبر لليمن. والأرقام تثبت. ذلك خلاف ما قدمته المملكة عبر دعمها خطط الاستجابة الإنسانية المختلفة على مرّ الأعوام السابقة، فيكفي أن المملكة تستضيف نحو مليوني يمني يعملون داخل المملكة في مختلف المهن، وهذا دعم كبير لليمن، لا تقدمه أي دولة أخرى.
> دعنا نغوص قليلاً في محمد آل جابر الإنسان، ما دور وادي بن هشبل في صقل شخصيتك أثناء الطفولة؟
– لا شك أن البيئة والتربية والمحيط الذي تعيش به يصقل الشخصية. وبلا شك أن التربية الحازمة والجادة والدافعة إلى تحقيق الإنجاز المستمر ومواجهة الصعوبات لها تأثير قوي على مسار حياتي المهنية والخاصة.
> ما الكتب التي تستهويك؟
وما آخر كتاب قرأته؟ – لديّ اهتمام بكتب التاريخ والسياسة والأدب، وكان آخر كتاب قرأته «إعادة بناء اليمن» الذي أصدره مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، إلا أن الوضع الراهن وكثرة المشاغل قلّلا من وقت قراءة الكتب لديّ