4
كريتر نت – متابعات
لم يسع رئيس أرض الصومال موسى بيهي عبدي إلى تهدئة المخاوف الإقليمية التي سادت مباشرة بعد الإعلان عن مذكرة التفاهم بين بلاده وإثيوبيا بشأن منحها منفذا إلى البحر الأحمر، بل ضاعف المخاوف بتأكيده أن الهدف هو منح أديس أبابا قاعدة عسكرية بحرية.
وعلى عكس عبدي بدا رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد أكثر قدرة على المناورة حين قال إن بلاده “تهدف إلى استخدام البحر فقط لا غير”.
وقال رئيس أرض الصومال إن إثيوبيا تسعى إلى استئجار جزء من الساحل لإنشاء قاعدة عسكرية بحرية، ونفى ارتباط الأمر بأنشطة تجارية كما كان يعتقد سابقا.
وذكر أن إثيوبيا ستعترف بكون أرض الصومال دولة مستقلة مقابل استئجار 20 كيلومترا من ساحل المنطقة. وأدانت جماعات إقليمية ودولية الاتفاق. وترى دول غربية أنه يمس وحدة أراضي الصومال ويسبب توترات قد تهدد الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي.
لا شك أن رئيس الوزراء الإثيوبي تعلّم من تجربة سد النهضة، حيث كانت أديس أبابا تقابل تحذيرات المصريين بالمضي قدما في ملء السد وتنفيذ مختلف مراحله
ويهدف كلام عبدي إلى لفت نظر العالم إلى بلاده، ويتضمن نوعا من التحدي لدول إقليمية كانت قد احتجت على الاتفاق وحذرت من تداعياته السلبية على أمن البلدان المطلة على البحر الأحمر، ومنها مصر، وكأن لسان حاله يقول “الآن فقط تذكرتمونا وصرتم تهتمون بنا”.
وبدا رئيس جمهورية أرض الصومال غير معني بالتهديدات الإقليمية لأنه يعرف أنها لا تتعدى التصريحات، وفي الوقت نفسه تريد التهديدات رهن قرار بلاده بقرارات سلطات الصومال الذي لم يقدر على تأمين أمنه الداخلي فكيف له أن يقدر على حماية البحر الأحمر من تهديدات إثيوبيا.
وشددت حكومة أرض الصومال قبل أسبوع على معارضتها لأي تدخل خارجي في شؤونها الداخلية، وذلك ردا على تصريحات شديدة اللهجة أدلى بها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ومن بين ما جاء فيها أن بلاده “لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو (بأن) يمس أمنه”.
ولئن قالت أرض الصومال إنها “تعترف بالمخاوف والهواجس المصرية”، فإنها نصحت القاهرة بـ”إعادة توجيه جهودها الدبلوماسية إلى معالجة الصراعات المستمرة مع جيرانها المباشرين مثل السودان وليبيا وغزة”، في رد هادئ يظهر أن حكومة عبدي لا تُبدي اهتماما بالردود الخارجية أيا كانت الجهة التي صدرت عنها.
كما عارضت الصومال الاتفاق واعتبرته تهديدا لسيادتها. ويُذكر أن أرض الصومال منطقة تتمتع بموقع إستراتيجي على طول خليج عدن، وانفصلت عن الصومال في 1991 حين انجرّت البلاد إلى صراع قاده أمراء الحرب. ولم تلق أرض الصومال اعترافا دوليا.
وعلى عكس التصعيد الذي اتسم به موقف رئيس أرض الصومال حيال التدخلات الإقليمية، سعى رئيس الوزراء الإثيوبي إلى تهدئة مخاوف الدول المعنية بالجدل حول الاتفاق، ومن بينها الصومال. وقال آبي أحمد إن بلاده “لا ترغب في معاداة حكومة الصومال وشعبه”.
ورغم أن الخطة متطابقة بين أرض الصومال وإثيوبيا، أي أن هدف الاتفاق هو منح أديس أبابا قاعدة عسكرية على البحر الأحمر، إلا أن آبي أحمد لم يرد على التصعيد، وخاصة من مصر.
ولا شك أن رئيس الوزراء الإثيوبي تعلّم من تجربة سد النهضة، حيث كانت أديس أبابا تقابل تحذيرات المصريين بالمضي قدما في ملء السد وتنفيذ مختلف مراحله. وكان آبي أحمد يعتمد أسلوبا يقوم على عدم اللجوء إلى التصعيد في التصريحات حيال مصر، شعاره “اعمل ما تريده فالمصريون سينشغلون عنك بوضعهم الداخلي أو بغزة أو بقضايا أخرى”.
وأوضح آبي أحمد، في كلمته، أن الخطوة التي أقدمت عليها بلاده بتوقيع الاتفاق مع أرض الصومال “تهدف إلى استخدام البحر فقط لا غير”، وأنه “حق عادل” تسعى إليه بلاده. ولفت إلى أن “الصومال جار شقيق لإثيوبيا أكثر من أي دولة أخرى”.
الاتفاق سيسمح لإثيوبيا الاستيراد والتصدير عبر ميناء بربرة، وهو الأكبر في أرض الصومال
وآراء مواطني أرض الصومال حول الاتفاق متباينة؛ إذ يرى البعض فوائد اقتصادية محتملة بينما يخشى آخرون خطر المساس بالسيادة الوطنية. واستقال وزير الدفاع في الإقليم الانفصالي عبدالقاني محمود عطي بسبب الاتفاق.
وعُقد اجتماع في يناير الجاري شمل مسؤولين من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وأعاد التأكيد على دعمهم لسيادة الصومال ووحدته وسلامة أراضيه، بما في ذلك منطقة أرض الصومال.
وقال مايكل هامر، المبعوث الأميركي الخاص لشؤون القرن الأفريقي، خلال الاجتماع “إن الولايات المتحدة متخوفة من أن تقوض التوترات المرتبطة بالصفقة الجهود المدعومة دوليا لمحاربة المسلحين المرتبطين بتنظيم القاعدة في الصومال”.
وقال مات برايدن، المستشار الإستراتيجي في مؤسسة ساهان للأبحاث في كينيا، “إن الكثير من الجهات الفاعلة المتنوعة في المنطقة، بما في ذلك مصر وإريتريا وحتى مقاتلو حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، يمكن أن تتحد ضد الاتفاق وتعارض دورا أكثر قوة لإثيوبيا”.
وأضاف برايدن “قد تشعر إريتريا بقلق عميق بسبب تدهور علاقتها مع إثيوبيا وسواحلها الطويلة على البحر الأحمر”. وذكر أن مصر قد تعارض المشروع أيضا، فهي في مواجهة مع إثيوبيا بسبب بناء أديس أبابا سد النهضة الكبير الذي تقول القاهرة إنه يمسّ حصتها من مياه نهر النيل.
وستصبح إثيوبيا قادرة على الاستيراد والتصدير عبر ميناء بربرة، وهو الأكبر في أرض الصومال. وكانت قد خسرت منفذها إلى البحر الأحمر عندما انفصلت عنها إريتريا في 1993. وهي تعتمد منذ ذلك الحين ميناء جيبوتي في جل وارداتها.