كريتر نت – متابعات
إطلاق إيران لأيدي ميليشياتها في الشرق الأوسط تفاعلا مع الحرب على غزة يزيد من تعزيز مواقف المتشددين المؤيدين لإسرائيل، وهو ما يسهل دعم الإدارة الأميركية لتل أبيب.
ويرى محللون مفارقة في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط وهي أن إسرائيل تجعل من الصعب على نحو متزايد أن يدعمها الرئيس الأميركي جو بايدن، في حين تعمل إيران على تعزيز المتشددين المحليين المناهضين لإيران والمؤيدين لإسرائيل.
ويكتسب المتشددون المزيد من الجرأة بعد فشل الضربات الأميركية المحسوبة، ردا على الهجمات العديدة على القوات الأميركية في الشرق الأوسط وعلى الشحن في البحر الأحمر لردع الميليشيات المدعومة من إيران في العراق وسوريا واليمن.
ومن المحتمل أن يمثل مقتل ثلاثة جنود أميركيين الأسبوع الماضي، في هجوم على قاعدة عسكرية أميركية على الحدود الأردنية السورية من قبل تحالف الميليشيات العراقية المدعومة من إيران، نقطة تحول يمكن أن تخرج التوترات الإقليمية عن نطاق السيطرة.
ويقول الباحث في شؤون الشرق الأوسط جيمس دورسي في تقرير نشره موقع مودرن بوليسي، إن المتشددين داخل الإدارة الأميركية والمناهضين لإيران والقوى المؤيدة لإسرائيل يضغطون بشدة على بايدن للرد بقوة، ربما من خلال استهداف إيران مباشرة.
جيمس دورسي: تصاعد المشاعر المعادية لإيران في واشنطن يفيد إسرائيل
و يضيف دورسي إنه قد لا توجه إيران الهجمات أو تخطط لها، لكن من المحتمل أن تتمكن من إقناع حلفائها من غير الدول، الذين يبررون هجماتهم بالهجوم الإسرائيلي على غزة، بالتراجع.
وقد أكدت إيران وشركاؤها من غير الدول علنًا أن الميليشيات المختلفة تستفيد من التمويل الإيراني وإمدادات الأسلحة والتدريب.
وترغب إيران في إبقاء الشرق الأوسط عند نقطة الغليان دون أن تؤدي التوترات إلى توسيع نطاق غزة إلى حرب إقليمية، إذ أنها تستفيد من تأجيج غزة للمشاعر الشعبية المناهضة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وحتى الآن، بدلاً من استخدام نفوذها، ترتدي إيران عباءة الإنكار المعقول وتصر على أن الميليشيات المتحالفة معها تقرر بشكل مستقل ما إذا كانت ستهاجم المنشآت الأميركية.
وفي خطوة مفاجئة، أعلنت كتائب حزب الله، العضو المؤسس للمقاومة الإسلامية في العراق، التحالف الذي قال إنه هاجم القاعدة الأميركية في الأردن، هذا الأسبوع، أنها علقت مهاجمة أهداف أميركية.
ونفت كتائب حزب الله مشاركة إيران في صنع القرار في الجماعة، وقالت إن التعليق كان يهدف إلى تجنب وضع الحكومة العراقية في موقف صعب.
ومن المرجح، أن المجموعة لا تريد تعقيد المفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن انسحاب القوات الأميركية من العراق.
وقال زعيم الجماعة أبوحسين المحمداوي في بيان على موقع الجماعة على الإنترنت، “إذا حدث أي عمل أميركي عدائي تجاههم، فإن الله هو الذي يقرر”.
وجاء بيان المحمداوي في أعقاب رسالة بعث بها إلى الحكومة العراقية، يحذر فيها من أن الولايات المتحدة سيكون لديها “الرد المناسب” على الجماعات التي تهاجم قواتها في العراق وسوريا.
وقُتل سلف المحمداوي، أبومهدي المهندس، عام 2020 في غارة أميركية في بغداد استهدفت قاسم سليماني، قائد قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني والتي تدير علاقات إيران مع الميليشيات غير الحكومية في الشرق الأوسط.
ولدى إيران أكثر من سبب للتحرك بحذر. ومع وجود القوات الروسية في سوريا، حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره السوري بشار الأسد من أنه لا يريد رؤية سوريا متورطة في حريق إقليمي.
وعلى نحو مماثل، نصحت الصين إيران بتجنب خطر نشوب حرب أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط.
وقال مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام ج. بيرنز “لقد شجعت الأزمة النظام الإيراني، ويبدو أنه مستعد للقتال حتى آخر وكيل له في المنطقة”.
ويقول دورسي إن “تصاعد المشاعر المعادية لإيران في الولايات المتحدة يفيد إسرائيل”.
ويضيف دورسي أنه مثل إيران، يكافح بايدن لاحتواء الصراع في الشرق الأوسط، مع الحفاظ على الدعم لإسرائيل.
ومشكلة الرئيس هي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يجعل من الصعب على نحو متزايد أن يدعم الرئيس إسرائيل دون قيد أو شرط، ليس فقط بسبب سلوك إسرائيل في غزة والضفة الغربية ولكن أيضاً بسبب تطرف شركائه في الائتلاف وأعضاء حزب الليكود.
من المقرر أن يزور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن القدس هذا الأسبوع، وهي زيارته السادسة منذ بدء الحرب، لإقناع إسرائيل بتغيير تكتيكاتها الوحشية في غزة والضفة الغربية، والمساعدة في تهدئة التوترات الإقليمية، والتخطيط للانتقال في غزة نحو استعادة الحكم الفلسطيني، لكن من غير المرجح أن يكون نتنياهو متعاوناً للغاية.
نتنياهو يسيّر الحرب بقبضة أكثر تشددا
والأسبوع الماضي، سارع نتنياهو إلى صب الماء البارد على التفاؤل بأن المزيد من عمليات تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل وشيكة.
ورفض نتنياهو وقفا دائما لإطلاق النار، وأصر على بقاء القوات الإسرائيلية في غزة، وتعهد بعدم إطلاق سراح “الآلاف من الإرهابيين” مقابل إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس.
وأشار استطلاع للرأي أجرته القناة 12 الإسرائيلية إلى أن 50 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون رفض نتنياهو.
وتنص الخطة التي وضعها رئيس الوزراء القطري محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، ورئيسي المخابرات الإسرائيلية والمصرية، في نهاية الأسبوع الماضي، على وقف طويل الأمد لإطلاق النار وتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل.
ويقال إن الخطة عبارة عن مزيج من خطة قطرية ومصرية أصلية واقتراح إسرائيلي مضاد.
ويتضمن الاتفاق وقفا مبدئيا لإطلاق النار لمدة 45 يوما، يتم خلاله تبادل ما يصل إلى 40 امرأة ومسنين ومرضى من الرهائن الذين اختطفوا لدى حماس خلال هجوم 7 أكتوبر على إسرائيل، مقابل 4000 فلسطيني محتجزين في إسرائيل.
وستشهد المرحلة الثانية والثالثة التي سيتم التفاوض عليها قرب نهاية الهدنة التي تستمر 45 يوما، تبادل جنديات إسرائيليات أولا ثم العسكريين الذكور وبقايا الرهائن الذين قتلوا في الأسر مقابل عدد غير محدد من الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وتحتجز حماس 136 رهينة وجثة. وفي نوفمبر، أطلقت الحركة سراح أكثر من 100 رهينة مقابل 240 سجينا فلسطينيا.
ورفض نتنياهو العناصر الرئيسية للخطة في معهد ديني في مستوطنة بالضفة الغربية. ويبدو أن تصريحاته تهدف إلى تهدئة اليمين المتطرف في إسرائيل الذي يشغل حكومته.
وتحدث نتنياهو بينما كان إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحماس، في طريقه إلى القاهرة لمناقشة الاقتراح الأخير مع رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل.
وقبل مغادرته إلى القاهرة، قال هنية إن حماس “منفتحة على مناقشة أي مبادرات أو أفكار جادة وعملية، بشرط أن تؤدي إلى وقف شامل للعدوان”.
وشدد عضو المكتب السياسي لحماس محمد نزال على أن “هدفنا هو وقف إطلاق النار الدائم”، وأضاف “يمكننا أن نفعّل وقف إطلاق النار الدائم في المرحلة الثانية، والمرحلة الثالثة من اتفاق تبادل الأسرى”. وحذر قائلا “وإلا فإن المعركة والحرب بيننا وبين القوات الإسرائيلية ستستمر”.
ويشير دورسي إلى أن الحيلة في سد الفجوة بين حماس وإسرائيل تكمن في صيغة من شأنها أن تسمح لكلا الطرفين بالادعاء بأنهما حققا أهدافهما التي لا يمكن التوفيق بينها، وهي وقف دائم لإطلاق النار مقابل استمرار الحرب.
وإحدى الصيغ قيد الدراسة هي وقف طويل الأمد لإطلاق النار دون نهاية رسمية للحرب، وهو ما يسمح لحماس بالمراهنة على عدم حصول إسرائيل على الدعم الغربي لإحياء الأعمال العدائية.
ويشير بعض الدبلوماسيين إلى أن وصف وقف إطلاق النار بأنه “انتقالي”، قد يسهل على حماس التراجع عن إصرارها على وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية.
من المقرر أن يزور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن القدس هذا الأسبوع، وهي زيارته السادسة منذ بدء الحرب، لإقناع إسرائيل بتغيير تكتيكاتها الوحشية في غزة والضفة الغربية
ومع ذلك، فمن المرجح أن ترفضها قيادة حماس في غزة، على عكس قادة الحركة في المنفى.
ويتصدر زعيم حماس في غزة يحيى السنوار قائمة المطلوبين في إسرائيل ويُنظر إليه على نطاق واسع على أنه متشدد، ومن المقرر أن تنتهي فترة ولايته بموجب حدود ولاية الجماعة إذا مضت حماس قدما في الانتخابات المقرر إجراؤها في وقت لاحق من هذا العام.
ويُنظر إلى هنية، مفاوض الرهائن وسلف السنوار، على نطاق واسع على أنه المرشح الأوفر حظا في الانتخابات.
وتقول شخصيات عسكرية إسرائيلية رفيعة المستوى إن إسرائيل بحاجة إلى ترجمة إنجازاتها على الأرض في غزة دبلوماسياً لمنع حماس من ملء الفراغ في غزة.
وكما هو الحال في أي مكان آخر في غزة، كانت قدرة حماس على إعادة بناء نظام الحكم والقانون والنظام واضحة في مخيم شيلا للاجئين في غزة، والذي عادت إليه المجموعة بمجرد مغادرة القوات الإسرائيلية.
واجتمع اليمين المتطرف، بما في ذلك 12 من وزراء نتنياهو، و15 من مشرعي الائتلاف الحاكم، في القدس قبل أسبوعين، فيما وصفه عنوان رئيسي في صحيفة هآرتس بأنه “عربدة التفوق اليهودي والنشوة المناهضة للديمقراطية، بتشجيع من نتنياهو”.
ودعا المؤتمر إلى إعادة احتلال إسرائيل لغزة، وطرد الفلسطينيين، والاستيطان الإسرائيلي في القطاع.
وأشار استطلاع الرأي الذي أجرته القناة 12 إلى أن 38 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون إعادة توطين اليهود في غزة.
ووصف المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، تصريحات الوزراء الإسرائيليين في المؤتمر بأنها “غير مسؤولة ومتهورة وتحريضية… لقد أوضحنا أنه لا يمكن أن يكون هناك تقليص في أراضي غزة”.
ويرى دورسي أن الصعوبات الداخلية التي يواجهها نتنياهو، والتي عززها استطلاع الرأي الذي أجرته القناة 12 والذي يشير إلى أنه وشركاءه اليمينيين المتطرفين في الائتلاف سيخسرون الانتخابات المقبلة، قد غذت التكهنات بأن رئيس الوزراء ليس لديه مصلحة في صفقة الأسرى، ناهيك عن إنهاء الحرب.