كريتر نت – متابعات
انتقد مقال في موقع “إنترسبت” الإخباري الأميركي أسلوب الكيل بمكيالين الذي تنتهجه الولايات المتحدة إزاء الصراعات الدولية، والذي تجلى بشكل واضح في تعاملها مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والحرب الدائرة في السودان بين الجيش الرسمي وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وأشار المقال إلى أن وزارة الخارجية الأميركية وصفت ما ترتكبه قوات الدعم السريع والجماعات المسلحة المتحالفة معها من أعمال بأنها “تطهير عرقي” و”جرائم ضد الإنسانية”، لكنها تتجنب إصدار أحكام على ممارسات إسرائيل في قطاع غزة.
ووفقا للموقع الإخباري، تمتنع وزارة الخارجية الأميركية عن اتخاذ قرار مماثل يدين إسرائيل. وبدلا عن ذلك، درجت على اعتبار تصرفات الجيش الإسرائيلي وتصريحات بعض الوزراء بأنها لا تمثل موقف تل أبيب الرسمي.
مطالبة بإصدار قرار عن فظائع أي صراع
وذكر الكاتبان ريان غريم ونيك تورس في مقالهما المشترك بموقع “إنترسبت”، أن 50 منظمة إنسانية طلبت من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في رسالة، إصدار قرار بشأن الفظائع المرتبطة بأي صراع يسترعي اهتماما دوليا، بالتركيز على ما ترتكبه قوات الدعم السريع من أهوال في السودان.
ورد بلينكن على الرسالة بالتشديد على أن الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية “مذنبان”، وأكد في تصريح آخر في 6 ديسمبر/كانون الأول أن كليهما ارتكبا جرائم حرب. ولكنه ذهب أبعد من ذلك حين قرر أن قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها “ارتكبت جرائم ضد الإنسانية وتطهيرا عرقيا”.
غير أن وزارة الخارجية بدت غير راغبة في اتخاذ قرار مماثل فيما يتعلق بحرب إسرائيل على قطاع غزة.
كيل بمكيالين بشكل صارخ
وقالت مديرة مكتب منظمة هيومن رايتس ووتش في واشنطن لموقع “إنترسبت” إن المسؤولين الأميركيين دأبوا على إدانة تصرفات أطراف متحاربة أخرى في مناطق مثل أوكرانيا وإثيوبيا والسودان، “ولكن عندما يتعلق الأمر بغزة، يتجنب المسؤولون الأميركيون إصدار حكم على سلوك إسرائيل”.
وأفاد كاتبا المقال بأن الصحفيين يوجهون أسئلة بصورة شبه يومية إلى المتحدث باسم الخارجية حول الفظائع التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية مؤخرا واستهدفت مدنيين في إحدى كنائس غزة؛ وقصفها مستشفيات، ومدارس، ومباني سكنية؛ أو منع الغذاء والوقود والدواء عن سكان القطاع. واستند الصحفيون في ذلك على أدلة موثقة من فيديوهات أو تصريحات لوزراء إسرائيليين.
وبرفضها اتخاذ قرار بشأن فظائع القوات الإسرائيلية، فإن الولايات المتحدة تتخلى بذلك عن إحدى أدواتها الحاسمة، على حد قول غريم وتروس اللذين يضيفان بأن واشنطن لطالما استغلت الفظائع المرتكبة في الصراعات لإصدار قرارات تهدف إلى جذب اهتمام المجتمع الدولي وتعبئته.
فقد فعلت ذلك بوتيرة متصاعدة في السنوات الأخيرة، حيث وظّفت الأفعال في البوسنة والهرسك (عام 1993)، ورواندا (1994)، والعراق (1995- 2014)، ودارفور (2004)، وميانمار (2021)، والصين (2021)، وإثيوبيا (2023)، والسودان (2023).
أميركا تتنصل من مسؤوليتها
ويقول خبراء إن الخارجية الأميركية تتنصل من مسؤوليتها تجاه تقييم ما إذا كانت إسرائيل تمتثل لقوانين الحرب. وعلّق الكاتبان على ذلك بالقول إن واشنطن فشلت في البتّ في طلبات سرية قدمتها نفس الجهات التي مارست ضغوطا على الإدارة الأميركية لإصدار قرار بشأن الصراع في السودان، ودعتها بأن تفعل شيئا مماثلا فيما يتعلق بحرب إسرائيل في غزة.
ونقل موقع “إنترسبت” عن جون رامينغ تشابيل، الباحث الحقوقي في “مركز المدنيين في الصراعات” -ومقره في واشنطن- تشديده على ضرورة أن تضطلع الولايات المتحدة بتقييم انصياع إسرائيل للقانون الدولي، وحذرها بأنها تغامر بأن تصبح “متواطئة في جرائم وحشية محتملة” باستمرارها في تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل.
وأوضح الكاتبان غريغ وتروس -نقلا عن تقرير صادر في مارس/آذار عن خدمة أبحاث الكونغرس- أن إجمالي ما قدمته الولايات المتحدة من مساعدات لإسرائيل بلغ 158 مليار دولار في شكل معونات ثنائية وتمويل منظومات دفاع صاروخي، أكثر مما قدمته لأي دولة أخرى منذ الحرب العالمية الثانية.