كريتر نت .. متابعات
أعلن المجلس الرئاسي اليمني، تعيين وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك، رئيسا جديدا لمجلس الوزراء، في خطوة تأتي بالتزامن مع توترات في البحر الأحمر بسبب استهداف الحوثيين لسفن تجارية، ورد تحالف تقوده الولايات المتحدة بضربات استهدفت مواقع للجماعة، التي تصنفها واشنطن إرهابية.
وأصدر المجلس المعترف به دوليًا، مرسوما بتعيين بن مبارك رئيسا جديدا للحكومة، خلفا لسلفه معين عبد الملك سعيد، الذي شغل المنصب منذ عام 2018.
ولم يذكر المجلس الرئاسي سبب هذا التعديل، لكن بحسب ما ذكره محللون لموقع الحرة، فإن المسألة تأتي في إطار توازنات داخلية، وإرضاء لأطراف سياسية في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليا، المدعومة من السعودية.
ويسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء وأغلب مناطق الشمال اليمني، بعد حرب أهلية اندلعت منذ عام 2014.
وتدخل تحالف بقيادة السعودية ووجه ضربات للحوثيين بهدف إعادة الحكومة المعترف بها دوليًا، مما تسبب في معاناة أفقر دولة عربية من كارثة إنسانية من بين الأسوأ في العالم، ومقتل أكثر من 150 ألف شخص، بينهم مسلحون ومدنيون، وفق تقديرات أممية.
وقالت وكالة رويترز إن رئيس الحكومة الجديد مقرب من السعودية، ووصفت الخطوة بأنها “غير متوقعة” في ظل تزامنها مع الغارات التي يشنها التحالف بقيادة الولايات المتحدة على مواقع للحوثيين المدعومين من إيران.
كما يأتي التغيير في ظل مفاوضات على مدار الأشهر الأخيرة بين الحوثيين والسعودية، بهدف الاتفاق على صيفة للسلام، والتوصل لحل سياسي في اليمن. ثلاثي تعز لكن محللين يمنيين أشارا، في تصريحات لموقع الحرة، إلى أن خطوة تغيير رئيس الحكومة ليست بالمفاجأة، إذ دارت بشأنها أحاديث خلال الأشهر الماضية، باعتبار أن قائد المجلس الرئاسي رشاد العليمي، ورئيس مجلس النواب سلطان البركاني، ورئيس الحكومة السابق معين عبد الملك، جميعهم من مدينة تعز وسط البلاد.
وأضافا أن الأطراف من المدن الجنوبية طالبوا مرارا بمثل هذا التغيير، وهو بالفعل ما تم باختيار بن مبارك، وهو من مدينة عدن على الساحل الجنوبي للبلاد.
وبعد اندلاع الحراك اليمني في عام 2011 بمواجهة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، كان بن مبارك عضوا في اللجنة التحضيرية المكلفة بالإعداد للحوار الوطني الشامل، وفي يناير 2013 أصدر الرئيس السابق عبدربه منصور هادي قرارا بتعيينه أمينا عاما للحوار الوطني.
وفي أكتوبر عام 2014 تم تكليفه لساعات قليلة بمنصب رئيس الحكومة الانتقالية من هادي، لكن القرار تم التراجع عنه وقدم استقالته سريعا بعد معارضة الحوثيين، بحسب السيرة الذاتية التي نشرتها وزارة الخارجية اليمنية. دورية للقوات اليمنية في مدينة التربة.
واختطفه الحوثيون لمدة 13 يوما في يناير 2015، خلال توجهه لتسليم مسودة الدستور اليمني الجديد بصفته أمين عام لجنة صياغة الدستور. وفيما يتعلق بقرار المجلس الرئاسي بشأن بن مبارك، قال رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ماجد المذحجي، إن قرار تعيينه رئيسا للحكومة “متصل بجدل قديم ولا علاقة له بالأزمة الحالية”.
وأضاف في تصريحات لموقع الحرة: “الأمر جزء من توازنات داخلية محلية”، مشيرًا إلى أن الأطراف السياسية الجنوبية طالما طالبت بهوية جنوبية لرئيس الوزراء.
وواصل: “معظم أصحاب المناصب الكبرى ليسوا من الجنوب، وبالتالي رأوا ضرورة وجود رئيس وزراء جنوبي”.
واتفق مع هذا الطرح، المحلل السياسي، فارس البيل، وأكد أن “تغيير رئيس الوزراء حديث قديم، ومنذ عامين والحديث يجري بشأن هذا التغيير، خصوصا بعد تشكيل مجلس للقيادة، وكان هناك رغبة في تغيير حكومي يحاول أن يحل المشكلة الاقتصادية والتدهور في الأوضاع، لكن لأن مجلس القيادة ظل في حالة خلاف بشأن من يكون المرشح، طالت فترة إحداث التغيير”.
ولفت في تصريحات للحرة، إلى أنه مع التطورات في البحر الأحمر وتوقف ملف المفاوضات السياسية مع الحوثيين “عاد الحديث عن التغيير، وبالأخص في ظل تدهور قيمة الريال اليمني والعجز الكبير في موارد الحكومة، وبالفعل تم الإعلان عن رئيس وزراء جديد”.
تأثير على التوترات ومفاوضات السلام؟ ينفذ الحوثيون منذ 19 نوفمبر، هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب، يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعما لقطاع غزة الذي يشهد حربا بين حركة حماس وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر.
لكن بعض السفن التي حاولت الجماعة استهدافها لم تكن مرتبطة بإسرائيل. ولمحاولة ردعهم، شنت القوات الأميركية والبريطانية سلسلة ضربات على مواقع عسكرية تابعة لهم. وينفذ الجيش الأميركي وحده بين حين وآخر ضربات على صواريخ يقول إنها معدة للإطلاق ومواقع عسكرية حوثية.
ويرى المذحجي أن فكرة تعيين رئيس جديد للحكومة ربما تكون مفيدة على مستوى التنسيق فيما يتعلق بالتصعيد الحالي، وأضاف “يمكن أن نضع في الحسبان أنه كان سفير اليمن لدى واشنطن مما يعني أن لديه أبواب خلفية أكثر
حذرت منظمات إغاثية من تصعيد المواجهات بين الولايات المتحدة ومجموعة الحوثي (المدرجة على قوائم الإرهاب)، مشيرة إلى أن مثل هذا التصعيد يعمق الأزمة الإنسانية في اليمن في وقت تعاني فيه المنظمات الإغاثية من أجل توفير احتياجات الدولة التي مزقتها الحرب.
وواصل حديثه بالقول إنه فيما يتعلق بالمسار السياسي والمفاوضات بين السعودية والحوثي، فإنه “توقف في الوقت الحالي، ونشهد عناوين سياسية جديدة ليس بينها المفاوضات، وذلك على الأقل في المستقبل القريب، إذ الأولوية لما يحدث في البحر الأحمر”.
كما أوضح البيل أنه في ظل توقف ملف المفاوضات وتوترات البحر الأحمر، يعتبر الشارع اليمني أن هذا التغيير “لم يأت بجديد، فشخص بن مبارك يتنقل بين المناصب دون أن يكون صاحب قدرة اقتصادية أو ثقل يؤهله لحل المشكلات المُلحّة”.
وواصل: “هذا التغيير تدوير للمدوّر، والتزام عتيق بالتقليد السياسي اليمني الذي يعني أن البيت كما هو لكن يتم تغيير الباب”، مشيرًا إلى أن القرار “لا جدوى له في نظر الشارع اليمني ولا يبعث على التفاؤل أو إحداث تغيير لتحسين الأوضاع وحلحلة الأمور”.
وكانت 26 منظمة إغاثية أصدرت بيانا في وقت سابق من يناير، وذكرت أن سنوات الحرب تركت نحو 21 مليون شخص في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدات المنقذة للحياة، معربة عن قلقها إزاء التأثير السلبي على الأوضاع الإنسانية في أعقاب التصعيد العسكري الأخير.
وأعلن برنامج الغذاء العالمي في ديسمبر الماضي، أنه سيوقف عمليات توزيع المساعدات في مناطق سيطرة الحوثيين، مما سيؤثر على 9.5 مليون شخص يعانون من تحديات تخص الأمن الغذائي شمالي اليمن.
يذكر أن الولايات المتحدة أنفقت نحو 738 مليون دولار خلال السنة المالية 2023، كمساعدات إلى اليمن، لتوفير الغذاء ومياه الشرب والضروريات الأخرى.
ووعدت إدارة الرئيس جو بايدن بالحفاظ على التزامها نحو اليمنيين، مع ضمان بذل جهود مكثفة لضمان ألا يتسبب التصنيف الأخير لجماعة الحوثي كإرهابية، في تفاقم الأوضاع في البلاد، وفق تقرير سابق لصحيفة “واشنطن بوست”.
وفي السابع عشر من يناير ، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية، بعدما كانت رفعت اسمها من قائمة الإرهاب قبل 3 سنوات.