كريتر نت – متابعات
أبقت قطر سبب اعتقال ومحاكمة ثمانية ضباط هنود سرا إلى حين إطلاق سراحهم لتوظفهم ضد إسرائيل والرد على اتهامها للدوحة بدعم حركة حماس وإثارة غضب الرأي العام اليهودي ضدها وتعريض مصالحها للخطر.
وكانت تسريبات قد قالت إن سبب اعتقال الهنود هو التجسس لصالح إسرائيل، وهو ما يعني أن الدوحة تستعد لاستخدام الجواسيس الهنود في الوقت المناسب كورقة مقايضة.
وقالت وزارة الخارجية الهندية الاثنين إن قطر أفرجت عن ثمانية ضباط سابقين بالبحرية الهندية بعد إسقاط أحكام الإعدام التي صدرت بحقهم العام الماضي، ونسبت الفضل في القرار إلى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بعد أكثر من 18 شهرا من عملية الاعتقال التي مثلت تحديا للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وقال وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار للصحافيين إن رئيس الوزراء ناريندرا مودي الذي “أشرف شخصيا على جميع التطورات” المتعلقة بالقضية سيزور قطر في 14 فبراير الجاري وسيجري محادثات مع الشيخ تميم.
إشادة الهند بالعفو عن الضباط يظهر أن الملف يحتوي تفاصيل يمكن أن تمثل ورقة بيد الدوحة لمواجهة حملة نتنياهو
ويظهر العفو الذي أصدره أمير قطر عن الضباط، وامتنان الهند لهذه الخطوة ووصفها بالنجاح الدبلوماسي لحكومة مودي، أن الملف يحتوي تفاصيل يمكن أن تمثل ورقة بيد الدوحة لمواجهة الحملة التي يقودها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضدها بالتشكيك في وساطتها واتهامها بدعم حماس وعدم الضغط عليها بما يكفي لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين.
ورغم حاجة إدارة الرئيس جو بايدن إلى قطر في فتح قنوات التواصل مع حماس وممارسة الضغط عليها، إلا أن الرأي العام الأميركي لا يهتم كثيرا بهذه التفاصيل؛ فما يعلق في الأذهان هو الدعم المقدم إلى حماس المصنفة حركة إرهابية في الولايات المتحدة.
وقالت الهند إن سبعة من المفرج عنهم عادوا إلى البلاد وإن السلطات تبذل جهودا لإعادة المواطن الثامن. وقال بعض هؤلاء الرجال لوسائل إعلام محلية لدى وصولهم إلى نيودلهي إن تدخل مودي هو الذي ساهم في إطلاق سراحهم.
وقال أحد الرجال لوكالة أنباء آسيا الدولية (إيه.إن.آي) “لم يكن الأمر ممكنا لولا تدخله الشخصي وعملية التسوية التي قام بها مع قطر”.
ولم تقدم نيودلهي تفاصيل بشأن الهنود الثمانية أو جرائمهم المزعومة، فيما لم تعلق قطر على القضية ولم تعلن عن الاتهامات.
لكن وسائل إعلام هندية ذكرت أن الرجال، ومن بينهم ضباط بحرية سابقون رفيعو المستوى، اعتقلوا في الدوحة في أغسطس 2022.
وقال شخص مطلع على القضية إن الرجال الذين يعملون لدى شركة خاصة كانوا يقدمون الدعم لعدد من البرامج والأنشطة التابعة للبحرية القطرية.
وكان الرجال الثمانية موظفين في الظهرة، وهي شركة مقرها الخليج تقدم “حلول دعم شاملة” لقطاعات الطيران والأمن والدفاع، وفق ما تقوله على موقعها الإلكتروني.
وذكرت صحيفة “ذا هندو” أن الرجال تجسسوا لمصلحة “دولة ثالثة”، فيما أفادت صحيفة “تايمز أوف إنديا” بأنهم “متهمون بالتجسس لمصلحة إسرائيل استنادا إلى مصادر عدة”.
ولم تعلّق تل أبيب على القضية، لكنّ وسائل إعلام إسرائيلية ذكرت في وقت سابق أنّ التهم التي وجهت إلى الرجال الثمانية تمحورت حول قيامهم بجمع معلومات استخباراتية عن مشروع سري لبناء غواصة تصنع في إيطاليا لحساب قطر.
ونُقل عن مصدر مخابراتي في الهند قوله “إن نيودلهي حاولت إقناع الدوحة بأن رعاياها لم يشاركوا في أي نشاط استخباراتي معاد لقطر لكن الجهود باءت بالفشل”، مشيرا إلى أنّ القطريين أصرّوا على أن المعلومات الاستخباراتية الخاصة ببرنامج الغواصة القطرية تم نقلها إلى إسرائيل.
ويندرج التكتّم القطري على تفاصيل القضية في إطار حرص الدوحة على الحفاظ على سرّية برنامجها لامتلاك غوّاصات، والذي كانت قد كشفت عنه مجلّة “فوربس” الأميركية في وقت سابق، مؤكّدة إبرام قطر لصفقة بقيمة 5 مليارات يورو مع شركة الدفاع الإيطالية العملاقة فينكانتيري لبناء سفن حربية وغواصات متطورة.
كما شملت الصفقة، بحسب المجلة ذاتها، حاملة طائرات عمودية وأربع سفن حربية وقاربي دورية.
وذكر المصدر أن وكالة المخابرات القطرية قالت إنها اعترضت اتصالات إلكترونية نقل فيها المتهمون معلومات حساسة حول برنامج الغواصة. ومع ذلك لم يتم تقديم الأدلة إلى الهند.
وانخرطت نيودلهي في محادثات مع قطر استمرت أشهرا بعد اعتقال الرجال الثمانية، ومثلت هذه القضية تحديا للعلاقات مع الدوحة التي تعد موردا مهما للغاز الطبيعي إلى الهند، أحد أكبر مستوردي الطاقة في العالم.
تأتي أنباء الإفراج عن الرجال الثمانية بعد مرور أيام على توقيع شركات قطرية وهندية أكبر صفقة منفردة لإمدادات الغاز الطبيعي المسال وبعد لقاء مودي مع الشيخ تميم على هامش مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28) في دبي خلال ديسمبر ومناقشتهما “وضع الجالية الهندية في قطر”.
ويعيش في قطر ويعمل فيها أكثر من 800 ألف مواطن هندي.