كريتر نت – متابعات
ضاعف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين انتصاراته في وجه المعسكر الغربي المنقسم الذي يعجز عن إخفاء تشاؤمه ومخاوفه، مع سقوط مدينة أفدييفكا الأوكرانية ووفاة المعارض الروسي أليكسي نافالني وتراجع المساعدات الأميركية لكييف.
واختتم مؤتمر الأمن في ميونخ بألمانيا الأحد أعماله، وعقدت خلاله طاولات مستديرة وأُلقيت خلاله خطابات استباقية في بعض الأحيان غالبا ما كانت متشائمة، لمدة ثلاثة أيام.
فالاقتصادات الغربية تعاني، والعقوبات المفروضة على موسكو لا تحقق النتائج المرجوة. والجيش الروسي متفوق عدديا على خصمه، ويراقب شرقي أوروبا بقلق تراجع تصميم حلفاء أوكرانيا.
وفي المدينة الألمانية تم تخصيص طاولة مستديرة لموضوع “الإرهاق من المعركة: انتصار أوكرانيا بأي ثمن”.
وقال غابريلوس لاندسبرغيس وزير خارجية ليتوانيا بعد أن نشر صورة له بوجه محبط على موقع إكس “الأمور لا تسير بشكل جيد. نحن كتاب مفتوح بالنسبة لخصمنا؛ خطوط حمراء واضحة لعدم الالتزام وخلافات حول تمديد المساعدات وتفاؤل أعمى للمخاطر المتزايدة”.
مع ثبات موقعه، يبدو بوتين أقوى من أي وقت مضى، وقد يدفع الغرب إلى التفاوض لإقرار مكاسبه الميدانية في أوكرانيا
وبعد عامين على الغزو الروسي لأوكرانيا أكد القادة الغربيون وحدة صفهم، لكنهم أعربوا أيضا عن مخاوفهم من تباطؤ المساعدات الأميركية واحتمال عودة دونالد ترامب إلى السلطة.
وضمنيا سادت الفكرة أن بوتين كان على حق على الأرجح في تأكيده أن الوقت إلى جانبه في بداية الحرب.
وصرّح بيير رازو المدير الأكاديمي لمؤسسة المتوسط للدراسات الإستراتيجية بأن “فلاديمير بوتين يراهن على الوقت لكننا كنا نعرف ذلك منذ البداية”. وأضاف “ينتظر، ويستعد بالتأكيد لانتخاب دونالد ترامب، الأمر الذي من شأنه أن يقلل بشكل كبير من دعمه لكييف”.
واحتمال عودة الرئيس الأميركي السابق إلى السلطة كان في أذهان الجميع. وأكد ترامب الذي أعرب مرارا عن إعجابه ببوتين خلال ولايته الأولى، في يوليو أنه سيكون قادرا على إنهاء الحرب في أوكرانيا “خلال 24 ساعة” إذا أعيد انتخابه.
وبينما وقّعت ألمانيا وفرنسا اتفاقات ثنائية مع أوكرانيا، كشكل من أشكال التنصل من السياسة الدفاعية الأوروبية وحلف شمال الأطلسي، تتجه الأنظار نحو الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر.
وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ “نعتمد على الولايات المتحدة”. وأضاف “لذلك من المهم أن تتمكن الولايات المتحدة من اتخاذ قرار”، في حين تنتظر كييف منذ أشهر الإفراج عن مساعدات أميركية حاسمة تبلغ نحو 60 مليار دولار يعرقلها الجمهوريون.
وقال رئيس الوزراء الهولندي مارك روته الأوفر حظا لخلافة ستولتنبرغ، إن “الأمر رهن بالأميركيين. لست أميركيا ولا أصوت في الولايات المتحدة”.
ترامب أكد أنه سيكون قادرا على إنهاء الحرب في أوكرانيا “خلال 24 ساعة” إذا أعيد انتخابه
وأضاف “علينا أن نعمل مع أي شخص يكون في الساحة (…) هذا أمر بالغ الأهمية”. وتابع “كل هذا البكاء والنحيب بشأن ترامب، سمعت ذلك باستمرار في الأيام الماضية. دعونا نتوقف عن ذلك”.
وفي وقت تركزت النقاشات والمحادثات الثنائية على الحربين في أوكرانيا وبين إسرائيل وغزة، فإن الإعلان الجمعة عن وفاة المعارض الروسي أليكسي نافالني في سجن بالقطب الشمالي حيث كان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 19 عاما، أثار صدمة بين الحاضرين في المؤتمر.
وبإعلان وفاته، يكون الخصم الوحيد الوازن لفلاديمير بوتين قد اختفى، مما أثار سيلا من الإدانات.
وقال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل “علينا أن نستعد لفترة طويلة من التوتر مع روسيا (التي) يرجح أن تزيد استفزازاتها السياسية والعسكرية”.
ومع ثبات موقعه في الداخل، يبدو بوتين أقوى من أي وقت مضى، وقد يدفع الغرب إلى التفاوض لإقرار مكاسبه الميدانية في أوكرانيا.
وقال رازو إن الدول المجاورة لروسيا تخشى ذلك، لكن “هذا الأمر قد يكون مفيدا لدول غرب أوروبا وأولئك الذين يستفيدون جيدا من المظلة الأميركية الأطلسية ويشعرون بقلق جسدي ومالي من تجدد التوترات أو حتى احتمال حدوث مواجهة مع روسيا”.
وأعلنت روسيا السبت أنها سيطرت بالكامل على أفدييفكا شرق أوكرانيا. وتخشى بلدات أخرى مجاورة من أن تواجه المصير نفسه.
وأشار كريستيان مولينغ من مركز الأبحاث الألماني DGAP إلى “الأجواء القاتمة جدا” في ميونخ.
وأضاف “كان هناك قلق كبير (…) إذا تراجعت إمكانات أوكرانيا في الدفاع عن نفسها أكثر وأكثر، فهذا يعني أن أكبر مشروع حالي للغرب مهدد بالفشل وستكون لذلك عواقب وخيمة على أمننا”.