كريتر نت – متابعات
بعد أكثر من 10 أعوام من الحكم بتحالفات مختلفة، وفي سياقات سياسية واجتماعية واقتصادية متباينة من مرحلة إلى أخرى، لم تنجح حركة النهضة الإخوانية في الاستجابة إلى مطالب التونسيين في الرفاه الاقتصادي والاجتماعي، وواجهت صعوبات في إدارة الحكم وسط نظام برلماني معدل، تم بمقتضاه تحجيم صلاحيات رئيس الجمهورية وتعزيز صلاحيات البرلمان.
وهو ما فاقم الغضب الشعبي ضدّها ودفع إلى اتخاذ الإجراءات التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد في 25 تموز/ يوليو 2021، والتي أنهت تجربة الحكم الإخواني، وع تراجع نشاط الحركة تتباين المواقف إزاء احتمال غياب الإسلام السياسي عن المشهد في تونس.
إجابة عن ذلك، يؤكد أستاذ العلوم الجيوسياسية في الجامعة التونسية رافع الطبيب أنّه “ستتم إعادة بناء المشهد السياسي في البلاد خارج المعادلة الإسلامية، ولن تكون حركة النهضة فاعلة في هذا المشهد لا كحزب أقلي، ولا مهيمن”.
وأرجع في تصريحه لـ”اندبندنت عربية”، ذلك إلى “تفكك حركة النهضة على المستوى التنظيمي الداخلي وانحسار شعبيتها، إضافة إلى ما يكنه لها الشعب التونسي من عداء بعدما تعاملت مع السلطة على نحو لا أخلاقي”.
وأضاف أنّ “حركة النهضة استثمرت الورقة الدينية وتعايشت من سردية المظلومية إلى أن نفد رصيدها”، مستحضراً أنّ “تفعيل الورقة الإسلامية في تونس لم يكن ناتجاً من معادلة داخلية، بل من مسألة جيوسياسية، قد تلجأ إليها مجدداً بعض الدول لإعادة تفعيل هذه الورقة، كلما رأوا أنّ ذلك ضرورياً”، مشيراً إلى أنّ “الإسلاميين لم يكن لهم وجود في 2011، بل تم إقحامهم بعد تفعيل منظوماتهم من الخارج”.
وعن النزعة المحافظة في المجتمع التونسي، يقول الطبيب إنّ “الإسلام السياسي لا يعبر عن النزعة المحافظة للمجتمع التونسي، بل هذه النزعة يعبر عنها الإسلام الطرقي (الصوفية) والكتلة الزيتونية وليس الإسلام السياسي الذي يسعى إلى وضع اليد على فئة مجتمعية لا علاقة له بها”.
ويخلص إلى أنّ “اندثار الإسلام السياسي في تونس لن يكون بقرار سياسي بل بقرار شعبي بعدما خفت صوت التيار الإسلامي وتراجع تأثيره ووجوده في البلاد”.
يُذكر أنّ الحركة قدمت نفسها بعد 2011 على أنّها حزب تونسي مدني ديمقراطي ذو مرجعية إسلامية، وتصدرت المشهد السياسي لـ10 أعوام، إلا أنّ منسوب السخط الشعبي تجاهها بدأ يتعاظم أمام عدم قدرتها على خلق الثروة لامتصاص الطلب المتزايد على العمل، بخاصة من حاملي الشهادات العليا علاوة على المناخ السياسي العام الذي تمزقه الخلافات، والوضع الأمني الذي تدهور ببروز الجماعات الإرهابية.