كريتر نت – متابعات
لقد كان الفشل السريع في الحكم والإخفاق في العمل السياسي وتطبيق الديمقراطية مصيراً مشتركاً، تقاسمته التيارات الإسلاموية التي صعدت بسرعة لافتة إلى مقاعد الحكم بعد “الربيع العربي” عام 2011، بعد أن روجت لنفسها بأنّها معارضة “مدنية”، ونجحت في خلق حالة استقطابية داخل المجتمع واستفادت منها في جذب الناخبين بما جعلها تظفر باستحقاقات سياسية وانتخابية كما حدث في مصر وتونس والمغرب.
وسقطت هذه التيارات بفعل ثورات شعبية، لا سيما في ظل سيطرة هذا الاستقطاب المقصود والذي جعل المجتمع في درجة عصبية وتوترات بين فئات وعرض السلم الأهلي للخطر.
في السياق، كشف الباحث المغربي والمختص في شؤون الإسلام السياسي الدكتور محمد زكاري أنّ هناك ميلاً عاماً لدى الأحزاب ذات المرجعية الدّينية إلى استمداد شرعيتها من الفئات الاجتماعية الهشة، والتي تمثل قاعدة كبرى في حملاتهم الانتخابيّة والدعائية لأحزابهم، متابعاً: إذا كانت هذه الظاهرةُ عامةً فذلك يرجعُ إلى الإيديولوجيا التي تقودُ تلك الأحزاب في علاقتها بالقواعد الاجتماعية التي تخاطبها.
واعتبر أنّه لا يمكن أن نقارن بأيّ وجه من الأوجه الأحزاب الدّينية في العالم الغربي بنظيرتها الإسلامية، لسبب بسيط يرجعُ إلى الدور الذي لعبتهُ المؤسسة (أي الكنيسة) في تاريخ الغرب، والذي لم يكن له مثيلٌ في تاريخ الإسلام؛ لأنّ السياسة التهمت الدّين كلَّهُ وحوّلته إلى إيديولوجيا من أجل الحكم والسلطة.
ويقول زكاري لموقع “الحل نت” إنّ ما استفادتهُ تجاربُ الإسلام السياسي في الفترة المعاصرةِ، وبالأخص في سياق ظهورها إبان القرن العشرين، هو أنّ كل مظاهر الشرعية ينبغي أن تُستمدّ من القواعد الشعبية والتي يكون منسوب التّديّن عندها أعلى من نظيراتها في الطبقات المتوسطة، مرجعاً ذلك إلى عوامل اقتصادية بالدرجة الأولى، وتعقبها عوامل سوسيواقتصادية، وثقافية.
كما أضاف أنّ الإسلام السياسي استغل في كل نماذجه الخطاب الديني من أجل تمرير مشاريعه في العالم الإسلامي، لكن غايته الكبرى شأنه في ذلك شأن منافسيه على السلطة تتمثلُ في رغبته في ممارسة السلطة بكل الوسائل السياسية المتاحة.
يُذكر أنّ أغلب تجارب الإسلام السياسي في العالم العربي لم تنجح بتحقيق أي من الوعود الانتخابية المرتبطة بحل الأزمات الاقتصادية والتضخم والبطالة وكذا ترميم الفجوة بين الطبقات وتطبيق العدالة في السياسة كما في القانون والمجتمع، وتحقيق تكافؤ الفرص بين الجميع من دون المحسوبية أو الوساطات.