كريتر نت – متابعات
فيكتوريا وودهول ناشطة أميركية وزعيمة حركة “حق المرأة في الاقتراع”، ولدت في 1838، واشتهرت بأنها أول امرأة تترشح لرئاسة أميركا أوائل سبعينيات القرن 19، وأول امرأة تعمل في مجال السمسرة في وول ستريت بنيويورك. عملت في الإعلام ثم انتقلت إلى إنجلترا، وعاشت واستقرت فيها حتى وفاتها في 1927.
أسست مع أختها صحيفة روّجت من خلالها لأفكارها “التحررية”، إذ عُرف عنها أنها “ناشطة ثورية نسوية”، وأثارت كثير من مقالاتها الجدل لمخالفتها القيم والأخلاق التي كانت سائدة في مجتمعها، واستمرت كذلك إلى أن اعتنقت المسيحية في أواخر حياتها وغيرت قناعاتها.
النشأة والتعليم
ولدت فيكتوريا كلافلين (اشتهرت لاحقا باسم فيكتوريا وودهول) في بلدة هومر الريفية بولاية أوهايو، في 1838 لأبوين غير متزوجين؛ هما: روكسانا كلافلين، والمحامي روبن بوكمان كلافلين الذي كان يُعرف بأنه شخص محتال.
كانت فيكتوريا الطفلة السابعة لأبويها اللذين أنجبا 10 أطفال، وعاشت طفولة تعيسة، إذ تعرضت للجلد والتجويع والاعتداء الجنسي من والدها في طفولتها، حسب كاتبة سيرتها الذاتية باربرا غولدسميث.
كانت فيكتوريا أمّيّة خلال السنوات الأولى من حياتها، ولم تتلق التعليم إلا بعد بلوغها سن11، إذ ذهبت إلى المدرسة 3 سنوات فقط ثم أُجبرت على تركها بعدما حرق والدها طاحونة العائلة عمدا للحصول على تعويض من شركة التأمين، لكن كُشف أمره واضطر لمغادرة البلدة مع عائلته.
وبعدما كبرت تعاونت مع أختها تينيسي سيليست كلافلين التي تصغرها بـ7 سنوات على تأسيس شركة للأوراق المالية وصحيفة في مدينة نيويورك.
حياتها الشخصية
عندما كانت فيكتوريا في الـ14 من عمرها، التقت كانينغ وودهول، الذي كان طبيبا يبلغ من العمر 28 عاما، وحسب بعض الروايات فقد اختطف فيكتوريا وتزوجها.
وسجل زواجهما في كليفلاند يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني 1853، وكان زوجها هذا مدمنا على الكحول والدعارة. وقد أنجبت منه طفلين أحدهما أصيب بإعاقة ذهنية، وكثيرا ما رددت فيكتوريا أن إدمانه الخمر كان السبب في إعاقة ابنهما.
لم يكن زواج فيكتوريا الأول سعيدا، وكان عليها أن تعمل لتعيل أطفالها، ولم يستمر طويلا، وسرعان ما طلقت زوجها إلا أنها احتفظت بلقبه.
في 1866، تزوجت فيكتوريا للمرة الثانية من العقيد جيمس هارفي بلود، الذي خدم في جيش الاتحاد أثناء الحرب الأهلية الأميركية، لكنها تطلقت منه في 1876.
وبعد ذلك بعام انتقلت مع أختها للعيش في بريطانيا، وواصلت نشاطها السياسي هناك وألقت العديد من المحاضرات، وفي إحدى محاضراتها التقت بالمصرفي جون بيدولف مارتن، الذي أعجب بها وتزوجها رغم معارضة عائلته لهذا الزواج، ومنذ ذلك الحين عرفت باسم فيكتوريا وودهول مارتن.
التجربة المهنية
آمنت فيكتوريا منذ شبابها بالحركة الروحانية الجديدة التي نشطت في القرن 19، وكانت من أتباع المتصوف النمساوي فرانز ميسمر، وبسبب اعتناقها هذا المذهب الروحاني، اعتقدت أنها تمتلك قدرات خاصة، إذ ادّعت أنها تستطيع التواصل مع 3 أشقاء ماتوا في بلدتها وأنها تستطيع شفاء المرضى.
ولأن عائلتها كانت تعمل في مجال ما يصطلح عليه بـ”الطب البديل”، فقد انخرطت فيكتوريا في بداياتها في هذا العمل، بعد ادعائها أنها تستطيع التواصل مع الأرواح.
وفي بدايات شبابها استطاعت كسب بعض المال من العمل في مجال التنويم المغناطيسي، لكنها لم تنتقل من الفقر إلى الثراء الفاحش إلا بعد أن دخلت مجال السمسرة والاستثمارات في السوق المالية، فكانت مع أختها تينيسي كلافلين، أول امرأتين تعملان في هذا المجال بنيويورك، إذ افتتحتا في 1870 شركة وساطة في وول ستريت حملت اسم “وودهول، كلافلين، وشركاؤهما”.
حققت الشركة أرباحا هائلة في بورصة نيويورك، من خلال تقديم المشورة للعملاء الأغنياء وذوي النفوذ، الذين كسب بعضهم الملايين جراء اتباع نصائح وودهول في سوق الأسهم، ومنذ ذلك الوقت أصبحت شركة الأختين حديث الصحف، ووصفتهما بـ”ملكات التمويل”، وقد أثار ذلك غيرة العاملين في المجال من الرجال، وتعرضت الأختان نتيجة ذلك لاتهامات بالفجور والدعارة لعملهما وحدهما في السوق دون وجود رجل يشرف عليهما.
لم تأبه الأختان لتلك الاتهامات، بل على العكس وسعتا مجال أعمالهما، وفي 1870، استخدمتا الأموال التي جمعتاها من العمل في مجال السمسرة لتأسيس صحيفة خاصة بهما، كان الهدف منها دعم فيكتوريا وودهول في رحلتها للترشح لمنصب رئيسة الولايات المتحدة الأميركية.
وكانت وودهول من المدافعات البارزات عن حقوق المرأة، وقد ألقت خطابا مثيرا للإعجاب أمام اللجنة القضائية بمجلس النواب دافعت فيه عن حق المرأة في التصويت، لتكون بذلك أول امرأة تتحدث أمام لجنة في الكونغرس، وكانت كذلك ثاني امرأة في الولايات المتحدة تقدم التماسا شخصيا إلى الكونغرس بهذا الخصوص.
وانضمت وودهول كذلك إلى رابطة العمال الدولية، ودعمت أهدافها بمقالات في صحيفتها. وكان يشار إليها على أنها ناشطة نسوية اشتراكية، فقد كان مفهومها لإعادة التنظيم الاجتماعي والسياسي، مثل كارل ماركس، يعتمد على الاقتصاد.
وفي مقال بعنوان “حق المرأة في التصويت في الولايات المتحدة” في 1896، خلصت إلى أن “حق الاقتراع ليس سوى مرحلة واحدة من السؤال الأكبر المتمثل في تحرير المرأة. والأهم من ذلك مسألة وضعها الاجتماعي والاقتصادي. إذ إن استقلالها المالي يكمن وراء كل هذه الحقوق”.
وعندما غادرت وودهول الولايات المتحدة إلى بريطانيا في 1877، انخرطت في نشاطات سائقي السيارات، وانضمت إلى نادي السيارات للسيدات، وعُرفت بأنها أول امرأة تقود سيارة في هايد بارك في الطرق الريفية الإنجليزية.
ترشحها لرئاسة أميركا
في 2 أبريل/نيسان 1870 أعلنت فيكتوريا وودهول ترشحها لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، إذ رُشّحت من حزب الحقوق المتساوية، الذي شُكّل حديثا في 10 مايو/أيار 1872، في مدينة نيويورك.
وفي 1871 تحدثت وودهول علنا ضد احتكار الرجال للمناصب الحكومية، واقترحت وضع دستور جديد وتشكيل حكومة جديدة بعد ذلك بعام. وقد تمت المصادقة على ترشيحها في 6 يونيو/حزيران 1872، مما يجعلها أول امرأة تترشح لهذا المنصب في تاريخ الولايات المتحدة.
أثارت حملة وودهول جدلا في الأوساط السياسية بسبب ترشيح زعيم حركة الحقوق المدنية للأميركيين الأفارقة، فريدريك دوغلاس لمنصب نائب الرئيس، إذ لم يكن مقبولا اختلاط البيض والسود في الحياة العامة.
قوبل ترشح فيكتوريا وودهول بالاستهجان من قبل كثيرين، وشُهّر بها بسبب آرائها العامة غير المحافظة، التي خالفت فيها قيما أخلاقية رأت الحديث عنها من المحظورات.
كرست وودهول صحيفتها لنشر مقالات روّجت فيها لأفكارها، مما قاد لاعتقالها مع أختها وزوجها، قبل أيام قليلة من الانتخابات بتهمة “نشر الأخبار الفاحشة”، واحتُجزتا في سجن شارع لودلو قبل نيل البراءة بعد 6 أشهر.
لم تحصل وودهول في نهاية المطاف على أي أصوات انتخابية في انتخابات في 1872، وهي الانتخابات التي حصل فيها 6 مرشحين مختلفين على صوت انتخابي واحد على الأقل، ونسبة ضئيلة، ولكنها غير معروفة، من الأصوات الشعبية.
حاولت وودهول مرة أخرى الترشح للرئاسة في 1884 و1892، وذكرت الصحف أن محاولتها في 1892 توّجت بترشيحها من “اتفاقية ترشيح المرأة الوطنية لحقوق المرأة” في 21 سبتمبر/أيلول، دون أن تحصل في النهاية على المنصب.
آراؤها المثيرة للجدل
عندما كانت فيكتوريا لا تزال تعتنق المذهب الروحاني، نشرت آراء مخالفة لقيم مجتمعها آنذاك عبر صحيفتها، وكذلك عبر الخطابات العامة التي كانت تلقيها، على الرغم من تراجعها عنها جميعا بعد اعتناقها المسيحية.
فقد نادت بحق المرأة في إقامة علاقة مع الرجل خارج إطار الزواج، ونددت بتعامل المجتمع مع المرأة المطلقة آنذاك، وطالبت بالحرية التامة للمرأة في تطليق زوجها، وانتقدت تسامح المجتمع مع خيانة الزوج لزوجته، وكانت ممن نادى بالمساواة بين الرجل والمرأة، وأعربت في أحد مقالاتها عن دعمها لشرعنة الدعارة.
أصبحت مجلتها سيئة السمعة بسبب تناولها لهذه المواضيع المحظور نقاشها حينئذ، إضافة إلى موضوعات أخرى مثيرة للجدل؛ مثل: التربية الجنسية، وحق المرأة في ارتداء التنانير القصيرة، وتحديد النسل، وغيرها.
لكن آراءها تغيرت تماما بدءا من 1875، فقد تخلت عن الروحانية حتى وصفت الروحانيين بالمحتالين، واعتنقت المسيحية. ومنذ ذلك الحين بدأت بكتابة مقالات ضد الاختلاط، ووصفته بأنه “لعنة المجتمع”، كما تنكرت لآرائها السابقة حول العلاقات خارج إطار الزواج، وبدأت تركز على العفة والأمومة والزواج والكتاب المقدس في كتاباتها.
الوفاة
على الرغم من أن فيكتوريا زارت الولايات المتحدة مرات عدة، فإنها عاشت واستقرت في إنجلترا حتى وفاتها في 1927 في بلدة بردنس نورتن قرب مدينة مانشستر.