الحبيب الأسود
أثار إعلان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب عن مقتل زعيمه خالد باطرفي، المكنى بـ(أبي المقداد الكندي)، جملة من التساؤلات حول الجهة التي كانت وراء مقتله، والطريقة التي قضى بها بعد سنوات من النشاط الإرهابي. وقال التنظيم الذي يتخذ من اليمن مقرا له، أن سعد بن عاطف العولقي هو زعيمه الجديد، وهو عضو في مجلس شورى التنظيم وعلى قائمة “برنامج المكافآت من أجل العدالة” الأميركي حيث عرضت الولايات المتحدة مكافأة تصل إلى 6 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.
وبحسب مصادر يمنية، فإن باطرفي لقي مصرعه في مواجهات مع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في أبين، وهو الذي سبق وأن دخل في مواجهات عدة معها، بينما كان يرفض الدخول في معارك مع الميليشيات الحوثية.
وقال المحلل السياسي اليمني خالد بن سلمان إن “هناك طرفا يخوض مواجهات ضارية مع الإرهاب في المناطق المحررة، دون دعم وإسناد أو حتى إقرار بشراكته الدولية ضد التطرف العابر للحدود الوطنية، وهناك أطراف وقوى أخرى محسوبة على الشرعية، تفتح أبواب التنسيق والتمويل مع عناصر وقوى الإرهاب، لتصفية خصومات سياسية من المفترض أن يكون مجالها التباري بالأفكار ومحاججة المشاريع بالسياسة، لا بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة”.
وأضاف بن سلمان “إذا كنا ندعو لائتلاف عسكري ضد الحوثي، فإنه من الأجدى أولا أن تكف بعض القوى الشريكة في مجلس القيادة، عن دعم هذه التيارات من الباطن وبالعلن، بإطلاقها من السجون وتوفير الملاذات الآمنة لها وتسليحها. والصادم أن تتلقى موازناتها من وزارة الدفاع الشرعية (معسكر أمجد خالد نموذجا)”.
وقالت صحيفة “4 مايو” إن إعلان تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مقتل زعيمه المدعو خالد باطرفي مثّل ضربة كبرى للتنظيم المتطرف وإنجازا آخر يضاف للنجاح الساحق التي حققته القوات المسلحة الجنوبية في حربها على الإرهاب.
وأضافت في تقرير لها أنه “ورغم صعوبة الأرض، والتكوينات الجبلية المعقدة، والرمال الشاسعة، إلا أن القوات الجنوبية نجحت في استئصال التنظيمات الإرهابية التي ظلت لعقود تنهش في جسد أبين وتعيث في أرضها الخراب والدمار والموت. وتمكنت القوات الجنوبية المشتركة وخلال وقت قياسي من فرض السيطرة وتأمين المناطق المحيطة بالعرقوب وحتى مناطق الخضر في إطار مديرية خنفر، وصولاً إلى أحور أكبر مديريات محافظة أبين الساحلية”.
وتابع التقرير أن “القوات المشتركة نجحت خلال هذه المرحلة في تصفية أوكار العناصر الإرهابية، والسيطرة على عدد كبير من مخازن الأسلحة والمتفجرات وأجهزة الاتصالات، قبل أن تتواصل العمليات القتالية وتصل القوات الجنوبية إلى وادي موجان بأحور وهو أحد المعاقل الرئيسية لتنظيم القاعدة”.
وأشار التقرير إلى أن “آخر الضربات التي تلقاها تنظيم القاعدة هو مقتل قائده خالد باطرفي والذي حاول التنظيم المتطرف التكتم على خبر مقتله على يد القوات الجنوبية في محافظة أبين عبر الإعلان عن وفاته بصورة طبيعية”. وأردف أن “العديد من المصادر أكدت أن زعيم القاعدة قتل خلال اشتباكات مع القوات الجنوبية وأن أمير القاعدة لم يكن يعاني من أي أمراض خطيرة، وظهر في تسجيل مصور في شهر يناير الماضي وهو بكامل صحته”.
وكان باطرفي تولى قيادة تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في أوائل عام 2020 بعد مقتل سلفه قاسم الريمي في هجوم لطائرة مسيرة أميركية، فيما قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إنها عملية لمكافحة الإرهاب في اليمن. وباطرفي، وهو سعودي مولود في الرياض في أوائل الأربعينيات من عمره، كان من بين 150 عضوا سجينا من التنظيم أطلق سراحهم عندما استولت الجماعة على مدينة المكلا الساحلية اليمنية في عام 2015، حيث كان محتجزا.
وقبل توليه قيادة التنظيم عمل قاضيا شرعيا ومتحدثا رسميا باسم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وصنفته الولايات المتحدة في 2018 “إرهابيا عالميا” وعرضت مكافأة بقيمة 5 ملايين دولار مقابل الإدلاء بمعلومات عنه. وبحسب المراقبين، فإن مقتل باطرفي على أيدي القوات الجنوبية يؤكد نجاعة دورها في التصدي للإرهاب العابر للحدود وقدرتها على تأمين مناطق نفوذها.
وعلى مدى السنوات الماضية انخرطت النخب الأمنية المحلية وجميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي بقوة في عدّة عمليات استهدفت تنظيم القاعدة من بينها عملية “سهام الشرق” التي نفّذت على مرحلتين بدءا من أغسطس 2022 وأفضت إلى سيطرة تلك القوات بشكل كامل على أكبر معاقل التنظيم في أبين بما في ذلك معسكر عومران الإستراتيجي شرقي مديرية مودية وهو ما يفسّر تركيز التنظيم الاستثنائي على أبين.
وتنامى حضور تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي تأسس في 2009، كغيره من المجموعات المتطرفة في غمرة الفوضى التي تسببت بها الحرب بين الحكومة اليمنية والمتمرّدين الحوثيين.
لكن الضربات التي شنّها التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن وخصوصا بين مارس 2015 وأبريل 2022 وكذلك الولايات المتحدة، أضعفت التنظيم وغيره من الجماعات التي استغلت الفوضى في المنطقة. ويعد اليمن معقلاً رئيسياً لـتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، إذ تساعد الطبيعة الجبلية للبلاد أعضاء التنظيم على التحرك بسهولة، وإنشاء معسكرات التدريب، والقيام بإدارة العمليات العسكرية.
المصدر : العرب اللندنية