كريتر نت – متابعات
ما إن وقع الهجوم على قاعة الحفلات الروسية بالقرب من موسكو، مخلفا وراءه عشرات القتلى والجرحى، حتى انطلقت وكالات أنباء عالمية، للإشارة بأصابع الاتهام إلى تنظيم «داعش».
اتهامات وافقت بيانات منسوبة للتنظيم، أعلن فيها مسؤوليته عن الهجوم الدامي، مؤكدا أن مقاتليه «هاجموا تجمعا كبيرا» بالقرب من موسكو، بل نشر ما قال إنه مقطع مصور للهجوم على قاعة للحفلات الموسيقية قرب موسكو.
ويُظهر المقطع المصور ومدته دقيقة و31 ثانية لقطة عن قرب لأحد المسلحين وهو يفتح النار على عدة أشخاص في أثناء دخوله إلى ما يبدو أنها قاعة الحفلات الموسيقية.
رواية التنظيم أكدت عليها الولايات المتحدة مرات عدة كان آخرها يوم السبت، بتصريح أدلت به المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي أدريان واتسون، قائلة إن تنظيم «داعش» يتحمل بمفرده المسؤولية عن الهجوم المميت بالقرب من موسكو يوم الجمعة، وإن أوكرانيا غير ضالعة في الهجوم.
وذكرت واتسون، في بيان، أن الحكومة الأمريكية شاركت في وقت مبكر هذا الشهر معلومات مع روسيا عن هجوم مزمع في موسكو، وأصدرت أيضا نصائح عامة للأمريكيين في روسيا في السابع من مارس/آذار.
وأضافت: «يتحمل تنظيم داعش بمفرده المسؤولية عن هذا الهجوم، ولا يوجد أي تورط أوكراني على الإطلاق».
نفي علاقة أوكرانيا بالحادث سبق وأشارت إليه كييف في بيانات تلت الهجوم الدامي مباشرة، وأعاد الرئيس فولوديمير زيلينسكي السبت التأكيد عليها، بل إنه اتهم نظيره الروسي فلاديمير بوتين بالسعي إلى «إلقاء اللوم» على بلاده.
وفي إحاطته اليومية بعدما ذكر مسؤولون روس فرضية تورط أوكرانيا في الهجوم، قال الرئيس زيلينسكي إن «ما حدث في موسكو واضح: بوتين والآخرون يحاولون فقط إلقاء اللوم على طرف آخر»، مضيفا «لديهم دائما الأساليب نفسها».
ما موقف روسيا؟
ساقت وسائل إعلام روسية بدءا من لحظة إعلان داعش مسؤوليته عن الهجوم، أدلة عدة، ادعت أنها «تكذب» رواية التنظيم، بينها
النص كتب على خلفية وبكلمات متزاحمة
أضيفت للنص عبارة مصدر أمني بخلاف الإعلانات السابقة التي تبدأ مباشرة دون الاستناد إلى أي مصدر.
الإعلان أضيف إليه التاريخ وكلمة عاجل بخلاف الإعلانات السابقة.
الإعلان لا يتضمن اسم وكالة «أعماق» بالإنجليزية، خلافا لإعلانات سابقة للتنظيم.
ولم تقتنع موسكو بالمقطع الذي نشره «داعش» يوم السبت، والذي يظهر أحد مقاتليه في موقع قال إنه قاعة للحفلات الموسيقية، فتجاهله الرئيس بوتين في خطاب متلفز في وقت سابق السبت.
ليس هذا فحسب، بل إن الرئيس الروسي قال في خطابه إن المسلحين الأربعة الذين اعتقلوا إثر الهجوم كانوا «متّجهين نحو أوكرانيا حيث -وفقا لمعلومات أولية- كانت لديهم نافذة عبور للحدود».
وأكد الرئيس الروسي، الذي أعلن الأحد يوم حداد وطنيا، أن «أولئك الذين يقفون وراء هؤلاء الإرهابيين سيعاقبون، وسيواجهون مصيرا لن يحسدوا عليه»، في إشارة إلى أوكرانيا.
الأمر نفسه أشار إليه جهاز الأمن الفيدرالي (إف إس بي) والذي أكد يوم السبت أن المشتبه بهم كانت لديهم «جهات اتصال» في أوكرانيا، إلى حيث كانوا يعتزمون الفرار، دون تقديم أي دليل على هذه الاتصلات المفترضة التي لم تحدّد طبيعتها.
وكانت السلطات الروسية أعلنت، السبت، ارتفاع حصيلة الهجوم إلى 133 قتيلا، وهي مرشحة للارتفاع مع استمرار البحث في أنقاض المبنى الذي التهمته النيران وانهار سقفه جزئيا، وقد تستغرق العمليات أياما.
فهل يقف «داعش» حقًا وراءه؟
نقلت وكالة «رويترز» عن محللين أمنيين قولهم، يوم السبت، إن إعلان تنظيم «داعش» مسؤوليته عن مذبحة في قاعة حفلات روسية بالقرب من موسكو جدير بالتصديق على ما يبدو، وإنه يتوافق مع نسق هجمات سابقة من تنفيذ مسلحين تابعين له.
ولم تكشف روسيا عمن تعتقد أنه يقف وراء الهجوم الضخم، لكنها ذكرت، دون تقديم أدلة، أن للجناة صلات في أوكرانيا. وقالت إن المسلحين فروا بسيارة وأُلقي القبض عليهم بعد ساعات بالقرب من الحدود الأوكرانية. ونفت كييف بشدة ضلوعها في الهجوم.
وقال آدم دولنيك، الخبير الأمني التشيكي الذي يدرس هجمات سابقة لجماعات إرهابية في الهند وكينيا وروسيا وغيرها، إن إعلان تنظيم «داعش» مسؤوليته يبدو جديرا بالتصديق، مشيرا إلى أن هجمات المسلحين هي طريقة العمل المعتادة في الأعوام القليلة الماضية لتنظيمي داعش والقاعدة.
وأشار إلى أن «داعش» له سجل من الهجمات السابقة على روسيا، بما في ذلك تفجير رحلة في 2015 كانت متوجهة من شرم الشيخ إلى سان بطرسبرغ، والهجوم على السفارة الروسية في كابول عام 2022. وفي وقت سابق هذا الشهر قال جهاز الأمن الاتحادي الروسي إنه أحبط هجوما على معبد يهودي في موسكو خطط له تنظيم داعش-ولاية خراسان.
وقال دولنيك «إذا جمعنا كل هذه الأمور معا فأعتقد أن من المقنع تماما أن يكون الهجوم من تنفيذ تنظيم داعش».
ثغرة في الهجوم
لكنّ خبيرا بارزا قال إن الأمر المفاجئ وغير المعتاد أن يضع المهاجمون خطة هروب وينفذوها بدلا من مواصلة الهجوم إلى أن يتم القضاء عليهم.
ورغم ذلك إلا أنه قال إن العامل الوحيد غير المعتاد هو أن الجناة هربوا على خلاف هجمات عناصر «داعش» المعتادة، حيث ينفذ الجناة الهجمات وهم مستعدون للموت ويتوقعون أن تصيبهم قوات الأمن بالرصاص في نهاية المطاف.