كريتر نت / تعز
يتهم يمنيون جماعة الإخوان المسلمين الممثلة محليا بـ“حزب الإصلاح” بتنفيذ أجندة خاصّة بالجماعة، ذات امتدادات إقليمية تتجاوز حدود اليمن وتتخطى قضاياه وعلى رأسها قضية تحرير مناطق البلد من سيطرة المتمرّدين الحوثيين، وتعطّل حسم الصراع الذي يرتّب على البلد وشعبه أعباء ومآسي كبيرة.
وما يزيد من التأثير السلبي لجماعة الإخوان في اليمن، أنّها ممثلة في السلطة المعترف بها دوليا ومتغلغلة في مؤسّساتها، وتحتفظ في نفس الوقت بولاءاتها لأطراف خارجية وجهات داعمة لها ماليا وإعلاميا على رأسها قطر التي تستخدم حزب الإصلاح في محاولة لتعطيل جهود بلدان تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية.
ويتابع اليمنيون خلال الفترة الراهنة بقلق نشوء “جسم ميليشياوي” جديد من شأن انخراطه في النزاع المسلّح باليمن أن يزيد من تعقيد الأوضاع ويرفع مستوى التوتّر بالبلد، وأن يفتح حربا جانبية ذات طابع حزبي وأيديولوجي محض، موازية للصراع الأساسي ضدّ المتمرّدين الحوثيين، ومساعدة لهم في تخفيف الضغوط عنهم.
وكشفت المواجهات الدامية التي شهدتها مدينة تعز بجنوب غرب اليمن خلال الأيام الماضية والتي فجّرها حزب الإصلاح، لأوّل مرّة عن وجود ميليشيا مسلّحة تابعة للحزب نفسه تحت اسم “الحشد الشعبي”، وقالت مصادر محلّية إنّ تشكيلها لم يكتمل بعد وإنّ القائمين عليها بصدد تلقّي التمويلات من داخل اليمن وخارجه وتجميع الأسلحة والمقاتلين في عدّة معسكرات وتوزيع المهام على القادة الميدانيين والمشرفين على التنظيم والتدريب.
وأوضحت ذات المصادر أنّ حزب الإصلاح بصدد الاستفادة في تأسيس الميليشيا التابعة له من ثلاثة عوامل رئيسية، أولها خبرات العشرات من الضباط السابقين والحاليين بالجيش اليمني من ذوي الميول الإخوانية، وثانيها الأسلحة والذخائر المنهوبة من معسكرات القوات المسلّحة، وثالثها الدعم المالي السخيّ المقدّم من قبل قطر غير البعيدة أصلا عن فكرة تأسيس “جيش يمني مواز” تابع لجماعة الإخوان تُستلهم فكرته من تجربة الحشد الشعبي في العراق، بل يستعار منه نفس الاسم في رسالة لجماعة الحوثي التي تشترك مع الميليشيات العراقية في التبعية لإيران، بأنّ تأسيس ذلك “الجيش” لا يستهدفها، ولن يستخدم في الحرب ضدّها.
ومعروف أن تغلغل جماعة الإخوان في القوات المسلّحة اليمنية كبير جدّا وخصوصا تشكيلاتها وفروعها الموجودة في تعز، لكنّ ما يدفع الجماعة لتشكيل ميليشيا موازية هو خوفها من إعادة الهيكلة التي ما تنفكّ تطالب بها شخصيات سياسية وعسكرية يمنية رفيعة المستوى.
ويجري التركيز على محافظة تعز لتكون موضع سيطرة الإخوان نظرا لثقلها الاقتصادي والسكاني وموقعها الاستراتيجي المشرف على مضيق باب المندب في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
وحالت سيطرة حزب الإصلاح على العمل العسكري في تعز وما أثاره عناصر الإخوان من خلافات وتناحر داخلها دون استرجاع كل مناطق المحافظة من سيطرة المتمرّدين الحوثيين.
وتروج معلومات مستقاة من مصادر أمنية بشأن تأهيل دفعتين من الحشد الإخواني في تعز. وورد في تقارير إخبارية تناقلتها مواقع إلكترونية يمنية أنّ الدفعة الأولى من الميليشيا “تم توزيعها على شكل كتائب وسرايا حيث بلغ قوام السرية الواحدة ستين فردا، وكل سرية من هذه السرايا تم تدريبها في إحدى المؤسسات التي يسيطر عليها حزب الإصلاح لمدة خمسة وأربعين يوما”.
كما تحدّثت المصادر عن التركيز في التدريبات على مهارات تتصل بـ”حرب الشوارع واقتحام المنازل ومداهمة المنشآت”، بالإضافة إلى عمليات تعبئة فكرية وأيديولوجية ضدّ الأحزاب والتيارات المناهضة للإخوان من قومية واشتراكية وسلفية.
ومع وجود قوى مناهضة لسيطرة الإخوان على تعز على رأسها مقاومون سلفيون بقيادة عادل عبده فارع المعروف بأبي العبّاس أطلقت قيادات أمنية وعسكرية مؤخّرا عملية واسعة النطاق في المدينة تحت غطاء ضبط الأمن، لكنّ الطابع الحزبي للعملية سرعان ما بدا واضحا مع استهداف قوى وعناصر بعينها تشترك في مناهضتها لجماعة الإخوان.
وأوقعت العملية خسائر مادية وبشرية معتبرة فجّرت حالة من الغضب في تعز ترجمتها مظاهرات رفعت فيها شعارات مندّدة بالإخوان وتصرفاتهم غير المسؤولة.