كتب .. ماجد الداعري
كم أتمنى لو أتمكن من الحصول على مقاطع فيديو لكاميرات المراقبة بمطار مومباي وهي ترصد لحظات توثيق وصول هنيدي اليمن إلى مطار مومباي ومستوى الجهل والأمية اللغوية التي اكتشفتها بنفسي، عند وصولي إلى الهند، لأول مرة، حيث شعرت بمدى حاجتي الماسة لجلد ذاكرتي واستدعاء كامل قدراتي العقلية لاستذكار كل كلمة انجليزية ماتت أو تجمدت بذاكرتي منذ سنوات طويلة دون أي مبالاة مني أو أدنى شعور بأن لا غنى لاي صحفي عن اللغة الانجليزية، وأن من المعيب بحقه أن يستدعي مترجما لفك عقدة جهله وشفرة أميته بلغة العالم!
خاصة بعد ان صدمتني العاصمة الاقتصادية الهندية مومباي بمستوى تقدمها وجوانب التطور التكنولوجي التي شهدته مؤخرا وسعة مطارها الرئيسي وتعدد ادواره وتنوع أسواقه وصالاته وأبوابه ومكاتب شركات الطيران المختلفة فيه، واستحالة تكمن أي شخص لا يجبد لغة انجليزي اوهندية ولو بنسبة كلمات كافية لاعانته على أهم مايحتاجها في تعاملاته الطويلة المملة بالمطار، أن يدخل إلى الهند وحيدا، دون مترجم ينقذه أودليل سفر يعينه على كيفية استكمال اجراءات الدخول من المطار أولا، وقبل الانتقال بعدها إلى اجراءات الترانزيت والبحث الاصعب عن مكتب شحن الطائرة الهندية المحلية التي حجزت عليها للانتقال إلى الولاية الآخرى التي يقصدها في سفريته، ويسعى لتجاوز كل مافي الوصول إليها، من صعوبات انتظار ممل لدوره بين طوابير بشر بالمئات يصطفون امام عشرات من مكاتب شركات طيران مختلفة وفي رحلات باوقات مختلفة و من وإلى المناطق والولايات الهندية ال٢٧ التي تحتضن أكبر تجمع سكاني على وجه الأرض بمليار ونصف المليار نسمة حسب الإحصائيات الرسمية وماخفي يمكن أن يقذف بالهند إلى حاجز المليارين، كما يعتقد المشككين باحصائيات الهند السكانية.
وبالتالي فلا يمكنك ان تصطف امام أي مكتب طيران مالم تكن لتعرف القراءة والمطابق أولا بين اسم شركة الطيران المطلوبة بتذكرتك وأسماء شركات الطيران المكتوب بكل جناح خاص بشركات الطيران الهندي المحلية الآخرى المنتشرة بالمطار، ومن ثم مقارنة توقيت الرحلة ورقم بوابة الصعود للطائرة وبأي دور او رمز بالذات، وتجريب قدرتك اللغوية على التفاهم مع الموظف او الموظفة الهندية الخاصة بتقييد بيانات حقيبتك عند الشحن.. وكم وزنها المسموح محليا..وماعليك ان تدفعه مقابل أي وزن يزيد على ١٥ كيلو غرام مسموم به في أغلب شركات طيران النقل الهندي الداخلي؛ ناهيك عن تعمد الموظفين هناك التمسك بلغتهم الهندية ولكنانهم الانجليزية السريعة وسخريتهم من محاولتك طلب مساعدتهم باي لغة أخرى او قولك لهم انك لا تجيد التحدث بالإنجليزية أو الهندية: نوه سبك انجليش ..نوه سبيك انديه..
لأن ردهم سيكون معتادا
What brought you?
مع كل علامات الاستغراب وملامح الدهشة من وجودك أمامهم ودخولك إلى بلد وانت لا تعرف أي لغة للتفاهم مع أهلها..
بل والتعامل معك باستغراب وكأنهم لا يعرفون بأن المترجمين اليمنيين والعرب عموما، من أكثر فئات المقيمين والمسترزقين العرب اليوم في الهند 🇮🇳 وان قصصهم مشاكلهم باتت حلقات يومية متكررة في السفارة اليمنية ومراكز الشرط الهندية، بسبب تعمد غالبيتهم استغلال جهل المرضى بتعاملهم مع المستشفيات والمراكز الصحية وكل الجهات الهندية بنسب تصل ل25% تعود للمترجم من كل مبلغ يدفعه المريض للمستشفى أو الصيدلية أو أي جهة بالهند حينما يكون المريض تحت رحمة مترجم يتولى التنسيق له والترجمة وتحديد المستشفيات والجهات التي يتعالج لديها وصولا الى الفنادق والشقق والمطاعم والمحال التجارية التي يتعامل معها أيضا…
وللحديث بقية في سلسلة كتابات سأكتبها لاحقا بإذن الله تعالى حول #يومياتي_في_الهند