كريتر نت : متابعات
لم يكن للمسيرات في حرب السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع دور كبير عندما اندلع الصراع في أبريل 2023، حيث تقدمت قوات الدعم السريع في عدة محاور وسيطرت على نقاط حيوية في العاصمة الخرطوم وبعض مقرات القوات المسلحة.
ويعتبر وصول المسيرات إيرانية الصنع إلى الجيش السوداني الذي استنجد بالجمهورية الإسلامية لوقف تقدم قوات الدعم السريع، لاسيما في العاصمة الخرطوم، تطورا نوعيا في مسار الحرب التي تدخل عامها الثاني.
ويرى محللون أن دخول الطائرات المسيرة إلى حرب السودان تطور قد يطيل أمد الصراع ويحجم فرص الحسم العسكري للأزمة، خاصة أن طرفي النزاع يملكان هذه الأسلحة.
ويشير المحللون إلى أن استحالة الحسم العسكري الذي يراهن عليه الجيش السوداني في ظل توازن قوة الردع قد تدفع في نهاية المطاف إلى الحل الدبلوماسي وتخلي قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان عن تعنته في التفاوض وإفشاله في العديد من المناسبات منابر تفاوضية، في الوقت الذي يبدي فيه خصمه قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) مرونة أكبر.
وقال الخبير الأمني السوداني أسامة العيدروس لوكالة أنباء شينخوا “يستخدم الطرفان المسيرات بصورة متزايدة”.
وأضاف “شكلت المسيرات وخاصة
المستخدمة من قبل الجيش السوداني عنصر تفوق في معارك رئيسية، وساهمت في تدمير الجيش نقاط ارتكاز رئيسية للدعم السريع في العاصمة الخرطوم”.
ورأى العيدروس أن “التوسع في استخدام المسيرات من شأنه أن يوسع رقعة الحرب، وذلك لقدرة المسيرات على الوصول إلى كل المناطق وإلى مدن كانت خارج المواجهات العسكرية”.
وقال “ليس صعبا الحصول على المسيرات بالنسبة إلى طرفي القتال بسبب أنها رخيصة السعر ومتوفرة، كما أن استخدامها يؤشر على إمكانية توسع رقعة الحرب”.
ويطرح ظهور الطائرات المسيرة بكثافة في سماء الخرطوم، وتصاعد رهان الطرفين عليها في العمليات العسكرية الهجومية والدفاعية، أسئلة بخصوص طريقة حصول الطرفين عليها، خاصة في ظل قرار مجلس الأمن الذي صدر في 2004 وقضى بحظر توريد السلاح إلى السودان.
ويشير مراقبون إلى أن “الطائرات المسيرة لعبت دورا محوريا في سيطرة الجيش على مقر الإذاعة والتلفزيون الواقع في مدينة أم درمان، بعد أن كان تحت سيطرة الدعم السريع”.
ولفتوا إلى أن الجيش يستخدم طائرات مصنعة محليا في مجمع الصافات بمنظومة الصناعات الدفاعية السودانية، وكذلك في منطقة وادي سيدنا العسكرية وفي مصنع اليرموك.
وكانت وكالة بلومبرغ نقلت في يناير الماضي عن ثلاثة مسؤولين غربيين قولهم إن الجيش السوداني تلقى شحنات من طائرة “مهاجر 6″، وهي طائرة مسيرة مزودة بمحرك واحد، تم تصنيعها في إيران بواسطة شركة القدس للصناعات الجوية، وتحمل ذخائر موجهة بدقة.
وأثار تقرير حول استخدام أوكرانيا مسيّرات ضد قوات تابعة للدعم السريع، يعتقد أنها على علاقة بقوات فاغنر الروسية، الكثير من التساؤلات عن التوسع في استخدام الطائرات المسيرة في الحرب الجارية بين الجيش والدعم السريع، حيث ذكر كل طرف سابقا أنه أسقط طائرات تابعة للآخر.
ولم يؤكد التقرير ما إذا كانت أوكرانيا قد استهدفت مواقع لقوات الدعم السريع في السودان، أو أن هناك علاقة وطيدة بينها وبين فاغنر، ولجأ إلى نظرية الاحتمالات والتخمينات والترجيحات.
وقالت شبكة “سي أن أن” الأميركية، التي أذاعت التقرير، إنه “يُرجَّح أن القوات الخاصة الأوكرانية نفذت هجمات بطائرات مسيّرة، مستهدفة عناصر مدعومة من فاغنر قرب الخرطوم”، وإن الشبكة “لم تتمكن من التأكد بشكل مستقل من وقوف أوكرانيا وراء الهجوم، لكن مقاطع فيديو للهجوم كشفت عن تشابه بينه وبين الهجمات التي تنفذها الطائرات الأوكرانية دون طيار”.
وأكد الخبير العسكري السوداني اللواء محمد خليل الصائم أن الجيش يمتلك طائرات مُسيرة ويقوم بتصنيعها، كما أن قوات الدعم السريع قبل نشوب الحرب امتلكت عددا قليلا منها، وطوّرت الأسلحة التي بحوزتها بعد اندلاع الحرب وحصلت على مسيرات من عدة جهات، لذلك يستخدم الطرفان المسيّرات في المعارك الدائرة الآن.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “معظم الطائرات دون طيار في يد الجيش، ما يخدمه عسكريا في حسم بعض المعارك التي تحتاج إلى تدخل من المسيرات. غير أن المشكلة تكمن في المخاطر التي تنعكس على المواطنين بعد أن تعرضوا لأشكال مختلفة من الجرائم، فالمجتمع الدولي لا يتحرك بشكل كاف لوقف الحرب”.
ولجأت قوات الدعم السريع إلى استخدام طائرات مسيرة مسلحة بقنابل وبعضها بالقذائف خلال هجومها على مواقع إستراتيجية مكنتها من الاستيلاء على أماكن عديدة، وحصلت على بعض المسيرات من مصنع اليرموك العسكري في الخرطوم.
ولجأت قوات الدعم السريع إلى استخدام طائرات مسيرة مسلحة بقنابل وبعضها بالقذائف خلال هجومها على مواقع إستراتيجية مكنتها من الاستيلاء على أماكن عديدة، وحصلت على بعض المسيرات من مصنع اليرموك العسكري في الخرطوم.
وعزا خبراء تركيز قوات الدعم السريع على سلاحيْ المهندسين والمدرعات إلى معرفتها بوجود طائرات دون طيار يمكن أن يؤدي الاستحواذ عليها إلى تغيير سير المعارك. وفي أكثر من مرة قال الجيش السوداني إنه أسقط مسيرات تابعة لقوات الدعم السريع، من بينها المرة التي حاولت فيها الهجوم على سلاح المهندسين في أم درمان، وأخرى في محيط قيادة الخرطوم بحري، وثالثة في محيط سلاح المدرعات بالخرطوم.
وأشارت المعلومات إلى أن قوات الدعم السريع استخدمت طائرة دون طيار صربية الصنع ومعدلة وتحمل قنابل هاون عيار 120 ملم، ظهرت في أجواء السودان خلال يونيو الماضي، وهاجمت مقريْ سلاح المدرعات والقيادة العامة للجيش.
ووفقا لآخر إحصائية لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية “أوتشا”، أدى النزاع المسلح الي مقتل 13 ألفا و100 شخص، وجرح 26 ألفا و51 آخرين.
وأجبرت الحرب أكثر من 8.1 مليون شخص على الفرار إلى مناطق آمنة داخل السودان وفي دول الجوار.