كريتر نت : متابعات
قال مسؤولان بالحكومة الهندية إن الهند وسلطنة عمان ستوقعان اتفاقا تجاريا خلال الأشهر المقبلة، إذ تسعى نيودلهي إلى توسيع علاقاتها مع الشرق الأوسط وخاصة دول الخليج في مسعاها لتحويل الممر الهندي، الذي تم الاتفاق عليه في قمة العشرين بالعاصمة الهندية، إلى واقع.
وذكر أحد المسؤولين لرويترز “سيساعد ذلك الهند في الحصول على شريك إستراتيجي والوصول إلى طرق التجارة الرئيسية في منطقة مضطربة”.
وتقل التجارة السنوية بين الهند وعمان عن 13 مليار دولار، لكن تلك العلاقات لها أهميتها بالنسبة إلى نيودلهي لأن السلطنة هي البوابة إلى مضيق هرمز (بين عُمان وإيران)، وهو نقطة عبور رئيسية لشحنات النفط العالمية.
واتسع نطاق الحرب التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة إلى أعمال قتالية متبادلة مع إيران. ويشن الحوثيون المتحالفون مع طهران في اليمن هجمات على نحو متكرر بطائرات مسيرة وصواريخ في منطقة البحر الأحمر قائلين إنه تضامن مع الفلسطينيين في غزة.
المسؤولان إن الاتفاق التجاري يتطلب موافقة الحكومة التي ستفوز في الانتخابات الوطنية الجارية في الهند، والتي من المقرر أن تعلن نتائجها في الرابع من يونيو.
وترجح التوقعات فوز رئيس الوزراء ناريندرا مودي بولاية ثالثة، وهو أمر نادر الحدوث.
ولم تحرز الهند تقدما كبيرا في التوصل إلى اتفاق مع مجلس التعاون الخليجي، وتركز على إبرام اتفاقات ثنائية مع الدول الأعضاء في المجلس مثل عمان والإمارات والسعودية.
وقال المسؤولان إن الاتفاق المزمع مع عُمان “يعطي أيضا ميزة تنافسية إذ يتفاوض مجلس التعاون الخليجي على اتفاقيتين تجاريتين مع باكستان والصين”.
وأوضحا أن سلطنة عمان وافقت على إلغاء الرسوم الجمركية على صادرات هندية قيمتها ثلاثة مليارات دولار سنويا بما في ذلك المنتجات الزراعية والأحجار الكريمة والحلي والجلود والسيارات والأجهزة الطبية والمنتجات الهندسية والمنسوجات.
وأضافا أن الهند وافقت على خفض الرسوم الجمركية على بعض المواد البتروكيماوية والألمنيوم والنحاس من عمان، مع وضع حد أقصى لواردات هذه السلع.
ولم تكن سلطنة عمان هي الأولى التي توصلت إلى اتفاقيات نوعية مع الهند، فقد سبقتها دول أخرى في سياق تثبت الممر الهندي منها خاصة الإمارات والسعودية.
وفي فبراير الماضي، وقّعت الهند والإمارات اتفاقيات استثمارية وتجارية، بينها اتفاق إطار لمشروع الممر، وذلك خلال زيارة لرئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى أبوظبي.
وتعزز سلسلة الاتفاقات الموقعة علاقات الإمارات والهند التي توطّدت تدريجًا منذ زيارة تاريخية قام بها مودي عام 2015 وكانت الأولى لرئيس وزراء هندي خلال أكثر من ثلاثة عقود.
والإمارات هي ثالث أكبر شريك تجاري بالنسبة إلى الهند، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 85 مليار دولار بين عامي 2022 و2023.
ووقّعت السعودية والهند على 20 اتفاقية تعاون اقتصادي وتجاري ومصرفي وتكنولوجي بين البلدين، ضمن مساعيهما لتعزيز التقارب المشترك.
وخلال مشاركته في قمة العشرين، أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان توقيع مذكرة تفاهم بشأن مشروع إنشاء الممر الذي يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
وقال ولي العهد السعودي إن “الممر الاقتصادي سيزيد التبادل التجاري بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، وسيعمل على مد خطوط أنابيب لتصدير الكهرباء والهيدروجين”.
ولاحقا اتفقت السعودية مع الهند على ضخ استثمارات قيمتها نحو 100 مليار دولار، نصفها مخصص لمشروع مصفاة السعيد النفطية على طول الساحل الغربي للهند.
وفي القمة التي استضافتها نيودلهي في التاسع والعاشر من سبتمبر الماضي، وقّعت الهند والولايات المتحدة والسعودية والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا مذكرة تفاهم لإنشاء الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، المستهدف منه زيادة التجارة وتوفير موارد الطاقة وتحسين الاتصال الرقمي، في خطوة أزعجت الصين.
وفي حين أن الدول الموقعة على المذكرة، لم تقدم التزاما ماليا ملزما، إلا أنها وافقت على إعداد “خطة عمل” لإنشاء الممر في غضون شهرين.
وسيبدأ المشروع، الذي يشبه طريق التوابل القديم، من مومباي بالهند بحرا إلى ميناء دبي بالإمارات، ومن هناك إلى منطقة الغويفات الإماراتية بالسكك الحديد.
ويمتد المسار إلى السعودية ويصل إلى جنوب الأردن، ثم يصل إلى مدينة حيفا الساحلية، ومنها إلى ميناء بيرايوس اليوناني بحرا، ومنه إلى أوروبا برا. ويختصر هذا المسار في حال تنفيذه طريق التجارة بين الهند وأوروبا بنسبة 40 في المئة.
ويهدف المشروع إلى إنشاء خطوط للسكك الحديد وربط الموانئ البحرية لتعزيز التبادل التجاري وتسهيل مرور البضائع. وكذلك تيسير عملية نقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط أنابيب، من أجل تعزيز أمن الطاقة، ودعم جهود تطوير الطاقة النظيفة، إضافة إلى تنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية.
ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن الاتفاق بأنه “سوف يغير قواعد اللعبة”، في وقت تشدد فيه الولايات المتحدة من قواعد التجارة مع الصين وتفتح اتفاقات للتبادل التجاري في مناطق حول العالم، مثل الاتفاق مع فيتنام، وهي مناطق تخشى الإدارة الأميركية من أن تقع أسواقها تحت نفوذ الصين.
ويطرح الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا مستقبل وفعالية مشروع مبادرة الحزام والطريق الذي يهدف إلى زيادة تجارة بكين مع آسيا الوسطى وأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا.
ويطلق على مبادرة الحزام والطريق، التي أعلنها الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال زيارته إلى كازاخستان في عام 2013، اسم “خطة مارشال” الصينية.
وتهدف المبادرة التي أصبحت شريكة لأكثر من 150 دولة ومنظمة دولية في العقد الأخير إلى زيادة القوة التجارية لبكين في منطقة جغرافية تغطي ثلثي سكان العالم. كما يعتبر المشروع الذي يشمل مسارات بحرية بالإضافة إلى السكك الحديد والطرق البرية، مبادرة تربط الصين بالعالم.
ويتكون هذا الممر، الذي من المقدر أن يغطي أكثر من 2600 مشروع في أكثر من 100 دولة، من 6 طرق رئيسية، ومن هذه الطرق مشروع “الممر الأوسط” الذي يبدأ من تركيا ويصل إلى الصين.