رنا نمر
عندما أطلق مسلحون متطرفون النار على قاعة مدينة كروكوس في موسكو يوم 22 مارس (آذار) وقتلوا أكثر من 140 من رواد الحفل وأشعلوا النار في القاعة، أصيبت وكالات الاستخبارات في مختلف أنحاء الغرب بالذعر، كان هذا أوضح تحذير من أن تنظيم “داعش” الذي هزم قبل خمس سنوات، يعود إلى ارتكاب أعمال الإرهاب الدولي، وتخشى الدول الغربية أن تصبح أهدافاً.
يزداد الوضع خطورة نظراً للتعقيدات الجيوسياسية
تقول مجلة “إيكونوميست” إن الرهبة كانت أعمق في فرنسا وألمانيا اللتين تستضيفان اثنين من أكبر الأحداث الرياضية في العالم هذا الصيف: الألعاب الأولمبية وبطولة أوروبا 2024 لكرة القدم.
وقد تم تقليص الحفل العائم على طول نهر السين لافتتاح دورة الألعاب الأولمبية في باريس للحد من المخاطر، فيما “الخطة البديلة” قيد التنفيذ أيضاً.
ويوضح جيل كيبل، الخبير في شؤون الجهاد “إذا كان بإمكانك القيام (بالإرهاب) في موسكو، فيمكنك القيام (به) في باريس.. قد تكون موسكو بمثابة جولة تدريبية للأولمبياد”.
وأضافت أن الإرهاب مسرح مروع للعنف، حيث تشكل الأحداث الكبرى مسرحاً مغرياً له، والتنظيمات الإرهابية تحب أن تضرب في أماكن كبيرة ومزدحمة كمسرح باتاكلان في باريس عام 2015، وساحة مانشستر عام 2017، والآن قاعة مدينة كروكوس.
وحالياً حول الغرب انتباهه إلى حد كبير عن “الحرب الطويلة على الإرهاب”، بعد أن تكبد الكثير من الدماء والأموال لتدمير داعش والقاعدة.
لكن المتطرفين عادوا إلى الساحة مرة أخرى. لقد عادوا إلى الظهور في الملاذات القديمة والجديدة، وهم ينشطون في الفضاء الإلكتروني.
وبعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001، أطاحت أمريكا وحلفاؤها بتنظيم القاعدة، قتلت القوات الأمريكية زعيمها أسامة بن لادن في باكستان عام 2011. ثم تم القضاء على خليفته أيمن الظواهري في غارة بطائرة بدون طيار في كابول عام 2022. ولم يعين تنظيم القاعدة زعيماً جديداً بعد. وفي الوقت نفسه، أثار تنظيم “داعش” الأكثر وحشية، ضجة كبيرة من خلال إقامة “الخلافة” في أجزاء كبيرة من العراق وسوريا في عام 2014، وجذب المتطوعين من أوروبا وأماكن أخرى. ودُمر آخر معقل له في عام 2019 وفقد 4 من قياداته منذ بداية ذلك العام.
ومع ذلك، لا يزال الإرهابيون يقاتلون وما زالوا يغذون حركات التمرد من مالي إلى الفلبين.
ويقول آرون زيلين من معهد واشنطن، وهو مركز أبحاث أمريكي: “في حرب الأفكار، هزم داعش تنظيم القاعدة، وخاصة بين الشباب… داعش أقام الخلافة، وإن انهارت. القاعدة تحدث عن ذلك فقط”.
وكلما زادت درجة التنظيم، زادت المذبحة التي يمكن أن يرتكبها، وبدون يد مرشدة، عادة ما تكون هجمات الذئاب المنفردة أقل فتكاً، ولكن من الصعب اكتشافها ويمكن أن تكون مرعبة رغم ذلك.
وفي فرنسا، تم قطع رأس مدرس في عام 2020 وطعن آخر حتى الموت العام الماضي، ويشعر الكثيرون بالقلق إزاء العدد المتزايد من القاصرين الذين ينجذبون إلى التشدد.
واليوم، أصبحت الحركات الإرهابية مشتتة، وتركز بعض الفصائل على قتال “العدو القريب”، أي الحكومات المحلية، والسيطرة على المناطق، ويتجه آخرون مرة أخرى نحو “العدو البعيد”، الغرب.
“يضرب حيث يرى فرصة”
ويقول هوغو ميشيرون من جامعة SciencesPo في باريس إن “داعش خراسان يضرب حيث يرى ثمة فرصة.. إذا لم يكن قد شن هجوماً في أوروبا فذلك لأنه تم إحباطه حتى الآن”.
ويزداد الوضع خطورة نظراً للتعقيدات الجيوسياسية الأخرى. فالقوات الأمريكية في العراق وسوريا منتشرة بشكل محدود، وربما تتراجع أكثر، لأسباب ليس أقلها أنها تعرضت لهجمات متكررة من قِبَل حلفاء إيران.
وتعيد أمريكا التفاوض بشأن وضع قواتها في العراق. والانسحاب الأمريكي من سوريا – الذي دعا إليه الرئيس السابق ترامب والذي ناقشه بايدن على ما يبدو – يمكن أن يضعف الحلفاء الأكراد بشكل قاتل ويؤدي إلى فرار الآلاف من المقاتلين الإرهابيين المحتجزين في معسكرات اعتقالهم.
المصدر : موقع “24”