كريتر نت – متابعات
نجيب محفوظ أديب وروائي مصري، نُشر له أكثر من 55 كتابا في حياته ما بين روايات ومجموعات قصصية ومسرحيات، وهو أول أديب عربي يحصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1988، ورابع أديب أفريقي، وثاني المصريين الحاصلين على الجائزة بعد الرئيس الراحل محمد محمد أنور السادات.
امتدت سنوات نشاطه الأدبي لأكثر من 70 عاما، بداية من نشر ترجمته الأدبية الأولى لكتاب “مصر القديمة” عام 1932، وصولا إلى نشر “أحلام فترة النقاهة” عام 2004 قبل وفاته بعامين، وتضمنت أعماله أساليب أدبية عدة سعى من خلالها إلى استدعاء التراث الثقافي الإسلامي والعربي باستخدام النظرية الروائية الأوروبية.
المولد والنشأة
ولد نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا يوم 11 ديسمبر/كانون الأول 1911 في بيت القاضي بحي الجمالية في العاصمة المصرية القاهرة.
رأى النور في أسرة متوسطة عمل ربها تاجرا، وقد تعثرت ولادته بسبب كبر أمه في السن، ويبلغ فرق العمر بينه وبين أقرب إخوته 10 سنوات.
وفي نشأته تأثر نجيب محفوظ بشدة بحزب الوفد وقياداته السياسية الأولى، خاصة سعد زغلول ومصطفى النحاس رغم أنه لم ينتمِ سياسيا إلى الحزب.
تأثر فكريا بالأديب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي والروائي والناقد الفرنسي مارسيل بروست والفيلسوف الألماني فريديرك نيتشه والفيلسوف الفرنسي رونيه ديكارت والأديب الفرنسي فرانسوا ماري أرويه المعروف باسم فولتير، فضلا عن تأثره برواد الثقافة المصرية طه حسين وسلامة موسى وتوفيق الحكيم.
جمعت مصادر تأثره بين التراث الإسلامي والعربي والفلسفة والأدب الغربيين، وهو الأمر الذي جعل الدكتور حسن طلب يقول “لقد خسرت الفلسفة أحد أبنائها الموهوبين بتحول نجيب محفوظ إلى الأدب، غير أن ما كسبته الرواية قد عوضنا بلا شك أضعافا مضاعفة”.
التسمية
يرجح أن اسمه المركب “نجيب محفوظ” قد حصل عليه امتنانا للطبيب الذي أشرف على ولادته المتعسرة والذي يحمل الاسم نفسه، لكنه يؤكد أن هذه القصة قد لا تكون صحيحة، إذ أراد والده تسميته “حافظ نجيب” على اسم الكاتب واللص الشهير، لكن الشخص الذي ذهب لتسجيل اسمه في الصحة نسي الاسم وتذكر نجيب محفوظ الطبيب الذي اتسعت شهرته في أحياء القاهرة.
الدراسة والتكوين
التحق نجيب محفوظ بالكُتّاب كحال أغلب المصريين في ذلك الوقت، وتعلم القراءة والكتابة، ثم درس في التعليم العام، والتحق بكلية الآداب جامعة فؤاد الأول (القاهرة بعد ذلك) عام 1930 وحصل على ليسانس (بكالوريوس) الفلسفة.
شرع في إعداد رسالة الماجستير عن “الجمال في الفلسفة الإسلامية”، لكنه لم يستمر فيها نظرا للاضطراب الشديد بين حياته الأدبية وحياته العملية، فقد كان هوسه بالأدب شديدا، مما جعله قلقا من قدرته على الترقي في عالم الفلسفة.
يضاف إلى ذلك التمييز الذي تعرض له بالخطأ، إذ كان من حقه السفر لاستكمال دراسة الماجستير في فرنسا لأنه كان الثالث على دفعته، لكن إدارة الجامعة وجدت أن الأول كان قبطيا، وظنت أن نجيب محفوظ قبطي أيضا فقررت الاكتفاء بشخص واحد وسعت إلى إرسال شخص آخر بدلا عنه.
الوظائف والمسؤوليات
على الرغم من الشهرة الكبيرة التي حصل عليها نجيب محفوظ أغلب سنوات حياته فإنه ظل متمسكا بحياة الوظيفة، وقال إنها في البداية كانت ضرورية لأن الأدب لا يوفر استقرارا ماديا، لكنه في ما بعد اعتبرها ملهمة له في الأدب، فضلا عن أنها ساعدته في الحفاظ على روتينه اليومي الدقيق مثل الساعة.
اشتغل نجيب محفوظ في بداية حياته العملية موظفا بوزارة الأوقاف (1938-1945)، ثم مديرا لمؤسسة القرض الحسن حتى عام 1954، واختارها رغم بعدها عن سكنه لوقوعها في منطقة الأزهر، لكنه يقول إنها ألهمته بشخصياتها المتنوعة في القاهرة العريقة.
انتقل بعد ذلك مديرا لمكتب وزير الإرشاد، ثم مديرا للرقابة على المصنفات الفنية، وعيّن مديرا عاما لمؤسسة دعم السينما ثم رئيسا لها حتى أحيل إلى المعاش عام 1971.
الحياة الأدبية
بدأ اهتمام نجيب محفوظ الكتابة في سن صغيرة، إذ كان يكتب سيرته الذاتية منذ صغره تحت عنوان “الأعوام” متأثرا بكتاب “الأيام” لطه حسين، لكنه في البداية لم يعر الأدب كامل اهتمامه، فقد كان طموحه أن يصبح لاعبا لكرة القدم.
وفي شبابه بدأ التركيز أكثر على الأدب، ليصل إلى مرحلة الاضطراب الوجداني في سنوات الجامعة، بين استكمال دراسته الفلسفية التي أثبت فيها جدارته، أو الانشغال بعالم الأدب والالتزام به، فمالت كفته إلى هذا الأخير بعد أن رُفض سفره إلى فرنسا لاستكمال دراسته الفلسفية.
خلال سنوات الجامعة نشر مقالات فكرية وفلسفية عدة في مجلة “الرسالة” و”المجلة الجديدة” التي كان سلامة موسى رئيس تحريرها، والذي نشر له عام 1932 ترجمته الأولى لكتاب جيمس بيكي “مصر القديمة”.
لكن هذه السنوات كانت سنوات الكتابة الهاوية كما يصفها محفوظ الذي لم يكن ينشر باستمرار، ولم ينتمِ بكامل وجدانه إلى عالم الأدب إلا سنة 1939 مع رواية “عبث الأقدار” التي يظهر فيها تأثره الشديد بالحضارة الفرعونية.
كان الإطار العام للقصة مستوحى من قصة لم تكتمل في كتاب “مصر القديمة”، وبعد ذلك نشر روايتي “رادوبيس” عام 1943 و”كفاح طيبة” في العام الذي بعده، وساير رغبته في كتابة روايات تحيي التاريخ الفرعوني في وجدان الحاضر، وكان هذا هدفه الأول والأهم في دخوله عالم الأدب.
لكنه تحول عن الرواية التاريخية إلى الواقعية الاجتماعية التي يصف من خلالها المجتمع وصفا دقيقا من خلال بناء سردي يعتمد على شخصيات وأماكن واقعية، وتركزت أغلب رواياته على حي الجمالية ومنطقتي الحسين والأزهر.
فبداية من رواية “القاهرة الجديدة” (1945) ووصولا إلى نشر الجزء الأخير من ثلاثية القاهرة “السكرية” (1957) نشر خلال هذه الفترة 8 روايات تربع بها على عرش الكتابة الواقعية الاجتماعية التي لم تكن ذات باع طويل في الأدب العربي.
وبعد فترة توقف لأكثر من 3 سنوات اعتقد فيها أنه فقد قدرته على الكتابة -خاصة مع وصوله إلى أوج كمال الأدب الواقعي الاجتماعي- قرر أن يدخل عالم السينما كاتبا للسيناريو، وشارك في الكتابة مع المخرج صلاح أبو سيف، لكنه كان على موعد مع رواية “أولاد حارتنا” التي نشرها بين عامي 1959 و1960، وفيها ترك الكتابة الواقعية تماما واتجه إلى الكتابة الرمزية بأسلوبه الخاص.
وبعدها نشر أعمالا رمزية عدة ما بين رواية ومجموعة قصصية، منها “اللص والكلاب” (1961)، و”دنيا الله” (1962)، و”الطريق” (1964)، و”الشحاذ” (1965)، ليصل إلى ذروة الكتابة الرمزية في رواية “الحرافيش”.
وعلى الرغم من غزارة إنتاجه الأدبي فإن محفوظ لم يحصل على الشهرة في السنوات الأولى من حياته، فقد بدأت عيون النقاد تتجه إليه عقب نشر روايته السادسة “زقاق المدق” عام 1947، أي بعد 8 سنوات من نشر روايته الأولى، ولم يثر الانتباه إلا بعد الإشادة التي قدمها له عميد الأدب العربي طه حسين، والنقد الذي كتبه عنه المفكر الإسلامي سيد قطب.
تميزت حياة محفوظ الأدبية بابتكاره أساليب جديدة تجمع بين الواقعية والرمزية والكتابة البوليسية، فضلا عن الكتابة الرومانسية.
* عبث الأقدار
* رادوبيس
* كفاح طيبة
* خان الخليلي
* زقاق المدق
* السراب
* قصر الشوق
* بين القصرين
* السكرية
* أولاد حارتنا
* اللص والكلاب
* ثرثرة فوق النيل
* الحرافيش
* حديث الصباح والمساء
أما مجموعاته القصصية فقد نشر أولاها “همس الجنون” في أربعينيات القرن الـ20، وهي مجموعة القصص التي كتبها أثناء فترة الدراسة الجامعية، ونشر أيضا:
* دنيا الله
* خمارة القط الأسود
* حكاية بلا بداية بلا نهاية
* الحب فوق هضبة الهرم
* الشيطان يعظ
* محاولة الاغتيال
في 1994 طعنه أحد المسلحين في رقبته أمام منزله، وقالت تقارير إعلامية إنه أقدم على ذلك بعدما اعتبر أن الأديب المصري قد سخر من الذات الإلهية والأنبياء في رواية “أولاد حارتنا”.
وأثرت هذه المحاولة على أعصاب يده اليمنى، فلم يستطع الكتابة بعد هذا التاريخ، وكانت جميع أعماله المنشورة بعد ذلك من مسودات سابقة.
الجوائز والأوسمة
حصل نجيب محفوظ على العديد من الجوائز والأوسمة، أهمها:
جائزة نوبل في الأدب عام 1988 عن مجمل أعماله، وقد أشادت اللجنة بـ”ثلاثية القاهرة”، و”الحرافيش”، و”زقاق المدق”.
جائزة الدولة في الأدب عام 1957.
وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1962.
قلادة النيل العظمى عام 1988.
الوفاة
توفي نجيب محفوظ يوم 30 أغسطس/آب 2006 في حي العجوزة بالجيزة عن عمر ناهز 95 عاما.
المصدر : الجزيرة