كريتر نت – متابعات
يبدو أن روسيا بدأت تعاني في شبه جزيرة القرم تحت وطأة مزيج فتاك من الهجمات الصاروخية والمسيّرات المتطورة التي تستخدمها أوكرانيا بشكل متزايد لإضعاف الدفاعات الجوية الروسية في القرم بشكل منهجي، وفقا لمجلة بريطانية.
وتقول ذي إيكونوميست إن كييف ما فتئت تقصف القواعد الجوية التي تنطلق منها الطائرات الاعتراضية الروسية، وتضرب أهدافا لوجيستية واقتصادية حيوية في شبه الجزيرة.
وأوضحت إيكونوميست، في هذا الإطار، أن الموافقة الأميركية في أبريل/نيسان الماضي على حزمة الدعم العسكري التي قدمتها إدارة بايدن بقيمة 61 مليار دولار بدأت تؤتي ثمارها، خصوصا أنها سمحت بتزويد كييف بصواريخ باليستية من طراز “آتاكامز” (ATACM) يصل مداها إلى 300 كيلومتر، وهو ما يعني أن أوكرانيا قادرة الآن على ضرب أي هدف في شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا، بشكل مؤثر.
وذكرت المجلة أن ما قد تحققه أوكرانيا، إذا لم تعد مضطرة إلى القتال وإحدى يديها مقيدة خلف ظهرها، يتجلى في حملتها في شبه جزيرة القرم.
وتنقل المجلة عن بن هودجز -وهو القائد السابق للقوات الأميركية في أوروبا ومستشار كبير لحلف شمال الأطلسي (الناتو) في الشؤون اللوجيستية- أن الأوكرانيين “يعملون بشكل منهجي على جعل أوكرانيا بيئة طاردة للقوات الروسية”.
ولفتت المجلة إلى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين راهن كثيرا على شبه جزيرة القرم فربطها بالبر الرئيسي لروسيا عن طريق جسر كيرتش منذ عام 2018، واعتبرها “حاملة طائرات غير قابلة للغرق”، حيث يمكن استخدام المراكز اللوجيستية والقواعد الجوية وأسطول البحر الأسود، الذي يعمل انطلاقا من عاصمتها سيفاستوبول، للسيطرة على جنوب أوكرانيا، ووقف صادرات أوكرانيا الحيوية من الحبوب، وتوفير تدفق مستمر من الرجال والعتاد للجبهة الروسية لدفع أوكرانيا إلى الانسحاب كليا من مقاطعة دونباس، وقد استثمر الرئيس الروسي مبالغ ضخمة في البنية التحتية العسكرية في شبه جزيرة القرم، وكلها الآن معرضة للخطر، وفقا للمجلة.
ولئن كانت إيكونوميست تستبعد، في ظل ميزان القوى الحالي، أن يقوم الأوكرانيون بهجوم برمائي واسع لتحرير شبه جزيرة القرم، فإنها شددت على أن هذه المنطقة هي الخاصرة الرخوة لروسيا ولديها فيها الكثير مما يجب الدفاع عنه.
ولذلك فإن ما تحاول أوكرانيا القيام به هو جعل القرم عائقا وليس مصدر قوة لبوتين، والهدف هو عزلها وبالتالي دفع القوات الجوية والبحرية الروسية بعيدا عن جنوب أوكرانيا وخنق القرم كمركز لوجيستي، وفقا للمجلة.
وقدرت المجلة أن تكون المسيّرات والصواريخ الأوكرانية قد أوقفت حوالي نصف أسطول البحر الأسود الروسي، وهو ما أُجبر كل ما تبقى منه –تقريبا- على الانتقال من سيفاستوبول إلى ميناء نوفوروسيسك، على بعد أكثر من 300 كيلومتر في البر الرئيسي الروسي.
وأضافت أن نوفوروسيسك نفسها تعرضت لهجوم من مسيّرات أوكرانية بحرية وجوية في 17 مايو/أيار. وتعرضت محطة للسكك الحديدية ومحطة لتوليد الطاقة بالإضافة إلى القاعدة البحرية للقصف.
ويقول الجنرال هودجز إنه واثق من أن الأوكرانيين سوف “يهدمون جسر كيرتش عندما يكونون جاهزين”.
وتوقعت إيكونوميست أن يكون الاختبار المبكر للنجاح الإستراتيجي الأوسع نطاقا لحملة أوكرانيا في شبه جزيرة القرم هذا الصيف، عندما يتدفق المصطافون الروس عادة عبر جسر كيرتش إلى المنتجعات في شبه الجزيرة.
ونقلت في هذا الصدد عن الباحث في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية بن باري قوله إن توقف الروس عن التدفق على القرم هذا الصيف سيمثل نذير شؤم بالنسبة لبوتين، إذ تعتمد شبه الجزيرة بشكل كبير على صناعة السياحة، وقد انخفضت الحجوزات العام الماضي بمقدار النصف تقريبا. ويقول بن باري: “لقد تحولت شبه جزيرة القرم من مشروع مرموق إلى استنزاف للموارد الروسية”.