ناصر الحزيمي
لم أستغرب كلام الحركي الإخواني طارق السويدان في تغريدته التي أطلقها قبل فترة طويلة والتي تدل على مقدار الصلف الذي يتسم به هذا الإنسان.
وكما هو معروف أن طارق السويدان من الجيل الحركي الثاني في جماعة الإخوان المسلمين في الكويت والخليج، وكان نشاطه مكثفا في اتحادات الطلبة خارج الكويت منذ أواخر السبعينات، كما أنه منتمٍ بشكل عقائدي لجماعة الإخوان المسلمين “جمعية الإصلاح الاجتماعي”، ومنذ عام 1979م تقريبا كان عضوا في مجلس إدارة جمعية الإصلاح الاجتماعي، ويقال إن طارق السويدان هو الذي أخون هذه الجمعية بنسبة 99 بالمئة، وهو الذي أوجد تبعية وثيقة بين تنظيم الإخوان المسلمين في الخليج وتنظيم الإخوان المسلمين ومكتب الإرشاد في مصر بسبب الأموال التي كانت تتدفق على مكتب الإرشاد والقيادة العامة، بل وصل بهم الحال أنهم كانوا يسددون الاشتراكات للتنظيم الأم في مصر.
هذه الأمور تمت بهندسة طارق السويدان وجهوده، وكما هو معروف أن طارق السويدان لم يكن صوتا لوطنه بل كان صوتا لقرارات مكتب الإرشاد في مصر وكان يخذل (( بتشديد الذال)) الطلبة الكويتيين في أميركا عن القيام بدور المترجمين لقوات التحالف التي تعمل على إخراج المحتل من الكويت تحت ذريعة مكتب الإرشاد أنه يجب أن يخرج صدام حسين من الكويت قوات إسلامية.
لو تم ذلك كما أراد إسماعيل الشطي وطارق السويدان وقتها لما خرج صدام حسين من الكويت حتى هذه الساعة.
وأنا لا أستبعد أن طارق السويدان كان يعلم أن مكتب الإرشاد في مصر قد حصل على بونات البترول التي وزعها صدام في تلك الفترة بكل سخاء، وكان الوسيط في هذه الفضيحة جماعة الإخوان المسلمين في الأردن ومجموعة حماس، لهذا لا نستغرب ما يبدر من أمثال طارق السويدان من أوابد وهي كثيرة ومخزية.
يقول في لقاء معه في مجلة المجتمع وقد جاء السؤال هكذا: (( بعد سقوط الخلافة، ظهر الكثير من الحركات الإسلامية، وشاهدنا هجوماً على هذه الحركات منذ بدايتها من قبل القوى الغربية وبعض الأنظمة؛ فلماذا هذا الهجوم الشديد؟ هل هو خوف من عودة الخلافة؟)).
فأجاب السويدان هكذا: ((ليس خوفاً من عودة الخلافة فقط، بل من الإسلام نفسه؛ فهو تحدٍّ حضاري وليس فقط تحدياً سياسياً، اليوم الغرب يعتبرون أنفسهم هم المرجع لكل البشر… ونحن نقول لهم: أنتم لستم المرجع، نحن نعتبر أن الإسلام هو المرجع؛ فهو الذي سيسود الدنيا كلها وسيحكمها بالأخلاق التي دمرتموها أنتم، فهذا تحدٍّ وصراع حضاري.
هذا جانب، أيضاً في فترة ما بعد سقوط الخلافة كان التمهيد لظهور الصهيونية، وكان أكبر تحدٍّ للوجود الصهيوني كله هو الحركة الإسلامية… فالمهدد الحقيقي للكيان الصهيوني هو الحركة الإسلامية، هذه هي الحقيقة.
فإذاً، الحركة الإسلامية تهدد الكيان الصهيوني، وتهدد أنظمة الاستبداد، وتهدد الحضارة الغربية كلها بأنها البديل لهذه الحضارة، هذا التهديد الضخم طبعاً كان لا ينبغي أن يمر بسلام؛ ولذلك تكالبت عليها الدنيا، ومع ذلك، وهذا من فضل الله عليها، ومع تعلُّق الشعوب بالإسلام؛ ما زالت الحركة الإسلامية رغم كل هذا الضغط صامدة وثابتة، ولم تغيِّر مبادئها أو مواقفها، وظلت تتحدى الصهاينة، وتتحدى الغرب وتغيِّر في الأمة تغييراً جذرياً إلى اليوم…)).
هنا طارق السويدان يروج الوهم والزيف لكي يداري فشل نموذج الإسلام السياسي وإخفاقه عند اختباره لشعاراته التي كان يروجها من خلال العلم الزائف “تطوير الذات” لقد اختبرت هذه الشعارات في السودان مثلا أثناء حكم الإسلاميين وعلى رأسهم حسن الترابي، وهو أي طارق السويدان شاهد على ذلك، فقد كان طارق السويدان ممن كان يحضر اجتماعاتهم الخاصة والسرية، كما شاهدناه في الاجتماعات المسربة والتي بثتها قناة العربية على حلقات ولم تبدر من طارق السويدان أي بادرة تدل على سعيه لنقد الذات بل اكتفى بتلفيق كلام يدل على جهل بالتاريخ والأحداث، وهي طريقتهم المعهودة في معالجة ردود الفعل بسبب أخطاء الإخوان المسلمين الكارثية.
نقلا عن “العربية”