كريتر نت – متابعات
حذر وزير الخارجية النرويجي إسبن بارث إيدي الاثنين من أن السلطة الفلسطينية قد تنهار خلال الأشهر المقبلة، مشيرا إلى نقص التمويل واستمرار العنف ومسألة عدم السماح لنصف مليون فلسطيني بالعمل في إسرائيل.
ويعتبر تحذير الوزير النرويجي تأبينا رمزيا لمرحلة أوسلو وإعلانا عن نهايتها، خاصة أن ذلك تزامن مع تراجع دور السلطة الفلسطينية واقعيا واستمرار إسرائيل في تنفيذ سياسات تتعارض مع اتفاق أوسلو وتمهد لمرحلة جديدة، في وقت تقول فيه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن تمويلها قد ينفد بحلول نهاية يوليو القادم.
وقال بارث إيدي “الوضع بالغ الخطورة. تحذرنا السلطة الفلسطينية التي نعمل معها بشكل وثيق من أنها ربما تنهار هذا الصيف”.
ويرى مراقبون أن شهادة النرويج بشأن مستقبل السلطة الفلسطينية مهمة؛ فهي التي احتضنت المفاوضات التي انتهت إلى اتفاق أوسلو الذي وقعه عام 1993 الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين.
الحرب الحالية أظهرت أن سلطة محمود عباس شبه غائبة؛ فلا تأثير له في غزة، كما أن قبضته على الضفة الغربية تتلاشى
وأدى الاتفاق إلى اعتراف منظمة التحرير بحق إسرائيل في الوجود ونبذ العنف وإنشاء سلطة فلسطينية تتمتع بحكم ذاتي محدود في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ولا يتعلق وضع السلطة الفلسطينية المتراجع بالحرب الحالية في غزة، وإنْ أظهرت هذه الحرب أن سلطة الرئيس الفلسطيني محمود عباس شبه غائبة؛ فلا تأثير له في غزة ولا سلطة له على الفصائل، كما أن قبضته على الضفة الغربية تتلاشى بالتزامن مع تسلل السلاح إليها وتنفيذ عمليات ضد الجيش الإسرائيلي ووقوع اشتباكات معه، وتراجع شعبيته وشعبية حركة فتح لصالح حركة حماس في الضفة كما في غزة.
وأدى التشدد الإسرائيلي إلى إضعاف سلطة عباس ومصداقيته حتى داخل حركة فتح التي فقدت الكثير من تأثيرها بسبب انسحاب قيادات بارزة من داخلها نتيجة غياب الديمقراطية الداخلية واستمرار سياسة تصعيد المحسوبين على عباس إلى قيادة الحركة والسلطة.
وأضاف وزير الخارجية النرويجي لرويترز “إذا انهارت (السلطة الفلسطينية) فقد ينتهي بنا الأمر إلى وجود غزة أخرى، وهو ما سيكون مروعا للجميع، بمن في ذلك شعب إسرائيل”.
وتترأس النرويج مجموعة المانحين الدولية للفلسطينيين، وهي من داعمي السلطة الفلسطينية.
وحذر فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، من أن الوكالة لديها تمويل حتى يوليو وأن الأمر غير معروف بعد ذلك، وأن التمويل يجري من شهر إلى شهر وليس وفق رؤية واضحة، كما قد ينبئ بوضع تعجز فيه الوكالة عن تنفيذ تعهدات.
وقال لازاريني إن “الأعمال القتالية مستمرة في رفح وجنوب قطاع غزة على الرغم من إعلان الجيش الإسرائيلي عن وقف تكتيكي للعمليات للسماح بدخول المساعدات الإنسانية”.
وتأثرت الأونروا، التي تتولى تنسيق كل المساعدات الموجهة إلى غزة تقريبا، باتهامات إسرائيلية أفادت بأن 12 من موظفي الوكالة، البالغ عددهم 13 ألفا، ضالعون في الهجوم الذي شنته حركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي.
وأدت الاتهامات الإسرائيلية إلى تعليق بعض الدول المانحة الرئيسية تمويلها للأونروا، ومن بينها الولايات المتحدة، لكن بعضها عاد واستأنف مساعداته. وأعلنت النرويج الاثنين أنها ستزيد مساعداتها للوكالة بمقدار 100 مليون كرونة (8.7 مليون يورو).
وتلعب الأونروا دورا رئيسيا في استمرار السلطة الفلسطينية التي تأسست كنتيجة لاتفاق أوسلو. وتراجع دور الوكالة هو عنصر إضافي في سياسة إضعاف السلطة مع احتجاز إسرائيل لأموال الضرائب التي يفترض أن تحولها بشكل منتظم إلى رام الله، والتي تمثل 65 في المئة من إجمالي إيراداتها.
التشدد الإسرائيلي أدى إلى إضعاف سلطة عباس ومصداقيته حتى داخل حركة فتح التي فقدت الكثير من تأثيرها
ويتزامن ذلك مع إخلال إسرائيل بأهم بنود التفاهمات مع سلطة عباس، وهو وقف عمليات الاستيطان.
وقالت منظمة السلام الآن الإسرائيلية إن عدد المستوطنين ارتفع من 250 ألفا في عام 1993 إلى 695 ألفا بعد ثلاثة عقود. ويقول الفلسطينيون إن هذا يقوض أساس الدولة القادرة على الحياة.
وبحث المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) مساء الأحد اتخاذ خطوات عقابية ضد السلطة الفلسطينية، من بينها تعزيز الاستيطان.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان “بحث الكابينت خطوات لتعزيز الاستيطان في يهودا والسامرة (التسمية التوراتية للضفة الغربية المحتلة)”.
وتؤكد الأمم المتحدة أن الاستيطان في الأراضي المحتلة غير قانوني ويقوض فرص معالجة الصراع وفق مبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية)، ومنذ عقود تطالب بإنهائه، لكن ذلك ظل دون جدوى.
وقال مكتب نتنياهو إن الإجراءات المقترحة “تأتي ردا على اعتراف بعض الدول بدولة فلسطينية بشكل أحادي الجانب بعد 7 أكتوبر”.
وفي مايو الماضي اعترفت سلوفينيا وإسبانيا والنرويج وأيرلندا بدولة فلسطين، ما رفع عدد الدول المعترفة بها إلى 148 من أصل 193 دولة عضوا في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وأضاف المكتب أنه “جرى أيضا بحث سلسلة من الخطوات التي ستُتخذ ضد السلطة الفلسطينية جراء أنشطتها ضد إسرائيل في المحافل الدولية”.
وتحمّل إسرائيل السلطة الفلسطينية مسؤوليّةَ طلبِ مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية كريم خان إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت؛ بسبب مسؤوليتهما عن ارتكاب “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية” في غزة.