مشاري الذايدي
تسمية الشوارع والميادين العامّة والمباني رسالة تقدير وتذكير تكتبها سلطات هذه الدولة أو تلك، أو رغبة اجتماعية تستجيب لها الدولة، أو القطاع الخاص، للتعبير عن قيمة تلك الشخصية، وتخليد ذكراها.
من هذا المنطلق نلاحظ جدل تسمية الشوارع، مثلاً، في العاصمة الإيرانية طهران، ومنها تسمية شارع باسم خالد الإسلامبولي قاتل الرئيس أنور السادات وعضو الجماعة الإرهابية، على شارع كانت تقع عليه السفارة المصرية، وكذلك تسمية شارع باسم الخطيب الإخواني المتطرف عبد الحميد كشك وما قيل عن إزالة هذا الاسم ضمن جهود إيرانية للتقارب مع مصر.
قبل أيام حدث تطور دالٌّ في الكويت، وهو شطب اسم حسن البنّا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، من شارع معروف بحي الرميثية بالعاصمة الكويت.
هذا الاسم كان مثار جدل من نخب كويتية معاكسة لتوجهات «الإخوان»، وطُرحت أسئلة عن ترميز هذا الرجل لدى أجيال متعاقبة في الكويت. الخبر هو أن مجلس الوزراء الكويتي كلّف وزير الأشغال العامة ووزير الدولة لشؤون البلدية باتخاذ الإجراءات اللازمة لاستبدال أسماء الأشخاص على الطرق والميادين، وذلك للتوجه نحو ترقيمها وموافاة مجلس الوزراء بمشروع قرار بهذا الشأن.
وحسب قرار مجلس الوزراء الكويتي، سوف تقتصر تسمية بعض الشوارع على السلاطين والملوك والحكام والأمراء ورؤساء الدول. وفيما يتعلق بالشوارع التي تحمل أسماء الدول والعواصم، سوف يجري التعامل وفقاً للمعاملة بالمثل.
في هذا السياق، جاء إلغاء اسم حسن البنّا من شارع الرميثية المُشار له، الذي ظلّ عقوداً متعاقبة يصافح عيون المارّة وسائقي السيارات في الكويت. حضور الإخوان المسلمين قديم في الكويت منذ الأربعينات، وقد التقى «آباء» الجماعة بالمرشد حسن البنّا شخصياً، ونعلم عن علاقة عبد العزيز العلي المطّوع بالبنّا، وحتى علاقة السلطات بالجماعة كانت على خير ما يُرام، مثل غيرها من الدول، بسبب أو أسباب متنوعة، سياسية واجتماعية وثقافية، أظن أنه لم يعد لها ما يشفع لها اليوم.
الأهم من شطب اسم مؤسس الجماعة و«إمامها» ومرشدها، من شارع ما، هو العمل على تطويق وتهميش إرث ثقافة الجماعة ومؤسسها وتلاميذه وامتداداته، من شوارع العقول وميادين النفوس، وهذه أصعب وأطول بكثير من مهمة بلدية العاصمة!
«بالنسبة لرجل هي مجرد خطوة صغيرة، بالنسبة للبشرية هي قفزة كبيرة».
نقلاً عن “الشرق الأوسط” اللندنية