ثكريتر نت – متابعات
في التاسع من يونيو/حزيران، فاجأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كل مراقبي الحياة السياسية الفرنسية، وحلّ الجمعية الوطنية، ثم حذر -بعد أيام قليلة من ذلك- من “خطر نشوب حرب أهلية”، فهل كان يتذكر أن حل البرلمان كان قد أشعل النار ونشر الفوضى، في فرنسا قبل أقل من قرنين؟
بهذه المقدمة، بدأت مجلة لوبوان -تقريرا بقلم جوزيف لو كور- استعاد فيه قصة تعيين الملك شارل العاشر في أغسطس/آب 1829، جول دي بولينياك رئيسا لحكومته، وهو شخصية لم تكن تحظى بشعبية كبيرة في ذلك الوقت، وكل ما كان مشتهرا عنه هو ولاؤه الأعمى للملك، وهذا ما أثار سخط المنتخبين الذين رفض غالبيتهم وضع الثقة في بولينياك.
وكتب المنتخبون رسالة إلى الملك موضحين فيها أن “الميثاق يجعل التعاون الدائم بين وجهات النظر السياسية لحكومتك ورغبات شعبك هو الشرط الأساسي للسير العادي للشؤون العامة. إن إخلاصنا وتفانينا يجبرنا على أن نخبرك أن هذا التعاون غير موجود”.
حل ثم ازدراء
شعر شارل العاشر بالإهانة “كيف يجرؤون؟”، وأعلن منزعجا حل البرلمان في 16 مايو/أيار واستدعى الناخبين في 23 يونيو/حزيران والثالث من يوليو/تموز 1830، ولكن يبدو أن الاستشارة التي قدمت للملك كانت سيئة، وبالتالي نشر في 13 يونيو/حزيران نداء موجها للفرنسيين في صحيفة “لو مونيتور” الدعائية، اتهم فيه نواب المجلس المنحل “بإساءة فهم نواياه”، وطلب من الناخبين “ألا يضللهم ما يقوله الخبيثون من أعداء رفاهيتهم”.
وختم الملك نداءه قائلا: “إن ملككم هو الذي يسألكم.. إنه والد يتصل بكم قوموا بواجبكم، وسأعرف كيف أقوم بواجبي”، ولكن عباراته المؤثرة هذه بقيت دون جدوى.
وأظهرت النتائج عودة المزيد من النواب الليبراليين إلى مجلس النواب، وبالتالي أدى الحل إلى تفاقم الوضع بالنسبة للملكيين عندما أرسل الفرنسيون أغلبية أكثر ليبرالية إلى المجلس، مع عدد أكبر من المعارضين.
وذكر الكاتب ساخرا، بأن أي تشابه مع الأحداث الجارية اليوم محض صدفة، علما أن انتخابات يوليو/تموز تلك شكلت انتصارا للمعارضة التي ارتفع نوابها من 221 إلى 274 نائبا معاديا لبولينياك، ولكن الملك أصر على تعيين بولينياك.
المتاريس في باريس
ونظرا لعدم قبوله الهزيمة، لجأ شارل العاشر إلى مراسيم سان كلود السيئة السمعة التي نُشرت في 26 يوليو/تموز في صحيفة لو مونيتور، وأعلن لحكومته أن “التراجع الذي قام به أخي البائس لويس السادس عشر كان بمثابة إشارة سقوطه […] إذا استسلمت في هذا الوقت لمطالبهم، سوف ينتهي بهم الأمر إلى معاملتنا كما عاملوا أخي”.
كان أثر هذا الكلام كبيرا على الشعب في باريس، وفي 27 يوليو/تموز ظهرت المتاريس في ضواحي تمبل وسان أنطوان، وسقطت باريس بعد 3 أيام في أيدي المتمردين، فيما سمي “ثورة الثلاثة المجيدة”، ليتردد النشيد الوطني في الشوارع ويرفرف العلم الثلاثي الألوان بفخر.
وبعد فرار شارل العاشر وعائلته، اختار النواب نظاما ملكيا دستوريا أكثر ليبرالية، وغيروا السلالة الحاكمة، ليخلف الفرع الأصغر من آل بوربون المتمثل في آل أورليان، الفرع الأكبر، فأُعلن دوق أورليان “ملكا لفرنسا” تحت اسم لويس فيليب الأول، وحل العلم الأزرق والأبيض والأحمر محل العلم الأبيض بشكل نهائي.