أحمد إسكندر
أرسل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إشارة واضحة مفادها أنه إذا تم انتخابه، فإن سياسته الخارجية القائمة على مبدأ “أمريكا أولاً” ستعود إلى حيز التنفيذ.
وكان العديد من أقرب حلفاء واشنطن يخشون بالفعل احتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض، ومع اختياره للجمهوري جي دي فانس نائباً له، أصبح لدى الحلفاء الكثير مما يدعو للقلق.
وبحسب تقرير لوكالة “سي إن.إن” يُعد فانس، وهو عضو صغير في مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، من أشد المنتقدين لإرسال الدعم إلى أوكرانيا، في الوقت الذي تحاول فيه الدفاع عن نفسها ضد روسيا، ويطابق بذلك ترامب الذي انتقد مراراً وتكراراً حلف شمال الأطلسي وأعضاءه الأوروبيين لعدم إنفاقهم ما يكفي على مهمة الدفاع.
نهاية الآمال الأوروبية
وبحسب الوكالة تعد خطوة اختيار وترشيح فانس لمنصب نائب الرئيس نهاية لآمال بعض حلفاء أمريكا في أن يخفف ترامب من موقفه في السياسة الخارجية، إذا أعيد انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني).
وغذى ترامب نفس هذا الأمل عند الحلفاء، عندما كرر في كثير من الأحيان أنه “سينهي الحرب” في أوكرانيا في يوم واحد إذا أُعيد انتخابه، وقال إنه لن يرسل أي أموال أخرى إلى كييف، إلا أنه لم يصل إلى حد إقناع حلفائه في الكونغرس بعرقلة حزمة المساعدات البالغة 61 مليار دولار، والتي تمت الموافقة عليها في وقت سابق من هذا العام.
وبحسب الخبيرة الجيوسياسية والأمنية التي تقود صندوق مارشال الألماني لبرنامج جيوستراتيجية الشمال التابع للولايات المتحدة كريستين بيرزينا: “كان بإمكانه أن يطلب من أعضاء الكونغرس عدم التصويت لصالحه، وبدلاً من ذلك سمح ضمنياً بتمريره.. لذلك كان هناك شعور في واشنطن بأن ترامب كان في لحظة مؤيداً لأوكرانيا إلى حد ما، ربما تكون وجهات نظره بشأن أوروبا وأوكرانيا تطورت، خاصة في ضوء الإنفاق الدفاعي الأعلى بكثير في أوروبا”.
ولكن مع اختياره فانس لمنصب نائب الرئيس، بدد ترامب هذه الآمال. وقالت بيرزينا: “لا يبدو أن جي دي فانس مهتم بأن يكون حليفاً جيداً لأوروبا”.
أوكرانيا وروسيا
واقترح فانس في مؤتمر ميونيخ الأمني في فبراير (شباط) أن تتفاوض أوكرانيا مع روسيا، لأن الولايات المتحدة وحلفاء آخرين لا يملكون القدرة على دعمها، ورفضت كييف وحلف شمال الأطلسي هذا السيناريو، لأنه يعني على الأرجح أن كييف سوف تضطر إلى التخلي عن بعض الأراضي، التي كانت تسيطر عليها قبل الحرب.
وفي ذات المؤتمر غاب فانس بشكل ملحوظ عن اجتماع رئيسي بين وفد من الحزبين من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قائلاً إنه لا يعتقد أنه سيتعلم أي شيء جديد هناك، وحضر اجتماعاً مع زيلينسكي في واشنطن في ديسمبر(كانون الأول)، لكنه غادر مبكراً.
ورداً على سؤال من “سي.إن.إن” حول تأكيد فانس بأن نتيجة الحرب لن تتغير حتى لو تلقت أوكرانيا تمويلاً أمريكياً، قال زيلينسكي إن فانس “لم يفهم ما يحدث هنا.. لفهم ذلك يجب أن يأتي إلى الخطوط الأمامية ليرى ما يحدث.. سيدرك أن ملايين الأشخاص سيقتلون إذا لم نحصل على الدعم.. إنه لا يفهم ذلك، ليست هناك حرب على أراضيكم لكي يدرك فانس ذلك”.
وزعم فانس أن الولايات المتحدة يجب أن تحول تركيزها بعيداً عن روسيا ونحو شرق آسيا، وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال إن الحرب في أوكرانيا يجب أن تنتهي “بسرعة”، حتى تتمكن أمريكا من التركيز على “القضية الحقيقية”، وهي الصين التي وصفها بـ”التهديد الأكبر”، الذي تنشغل عنه واشنطن بشكل كامل.
وفي مقال افتتاحي نشر في صحيفة “نيويورك تايمز” في أبريل (نيسان) قال فانس أيضاً إن “الجهود الأمريكية لتزويد أوكرانيا بأنظمة الدفاع الجوي يمكن أن تضر بدفاع تايوان، في حالة الغزو الصيني للجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي والتي تطالب بها بكين.. هذه الأسلحة لا تحتاج إليها أوكرانيا وحدها”، وأضاف “إذا كانت الصين ستضع أنظارها على تايوان، فإن نظام صواريخ باتريوت سيكون حاسماً للدفاع عنها”.
التهديد الصيني
وبحسب الوكالة يبدو أن فانس يعتبر فكرة شرق آسيا، والصين على وجه التحديد، تشكل تهديداً كبيراً للولايات المتحدة، إن لم يكن أكبر من روسيا، وقال خبير السياسة الخارجية الأمريكية والأستاذ المشارك في جامعة وارويك تريفور ماكريسكن، إن هناك اتفاقاً بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري على أن الصين هي أكبر تهديد دولي لمصالح الولايات المتحدة.
وقال مدير برنامج المرونة الديمقراطية في مركز تحليل السياسات الأوروبية وأستاذ السياسة الروسية في جامعة كينغز كوليدج في لندن سام جرين، إن ترشيح فانس يجب أن يوضح لحلفاء أمريكا أن التحول نحو “الترامبية” من الجمهوريين من المرجح أن يكون السياسة الخارجية طويلة المدى.
المصدر : “موقع 24”