منصور عبيد حسين
اوقفها صوته عن مواصلة سيرها ..رفعت عينيها من تحت اللثام اليه… رمى لسانه السؤال الروتيني : كيفك ? ردت : الحمد لله ، صب كلمات المجاملة … قالت في سرها وهي تعلم المطلوب : هات من الاخر ماذا تريد ? اخيرا قال: هل نجحتي ابنتي ? قل هل نجحت ابنتي فالطالب ينجح بمجهوده… تغير لون وجهه قليلا ورسم ابتسامة لامعنى لها وهو يقول: تذكرين كم ساعدتك… ردت بثقة : لم تساعدني يوما فجدي واجتهادي هو من ساعدني ، تركها غاضبا واتجه الى مكتب العميد ليقدم شكواه… طالب بفتح ملف ابنته ، احاله العميد الى رئيس القسم فرح رئيس القسم بذلك فهو يتمنى ان يمسك عليها نقطة فقد كانت طالبة مشاغبة لاتسكت عن الباطل… في مكتب العميد راح يراجع ملف الطالبة ويقرأ اجاباتها بدقة ، ولكن تلك الاجابات لم تكن تسمح باي مساعدة ..مل نائب العميد فقال : كم تستحق ? نظر رئيس القسم الى والدها وهو يقول: الفارق بينها وبين النجاح شاسع ..سأضيف لها خمسا فوق الخمس… عندما التقاها الدكتور مرة اخرى نظر اليها شزرا ..لم تعره اي اهتمام…فهي لم تطلب منه اومن غيره مساعدة يوما… واليوم تعطي كل طالب حقه ..اعادتها نظرته الغضباء الى قاعة الدراسة فقد كانت مملؤة حيوية ونشاطا وجدا رغم كل العقبات واشدها الما نفاق معلم مع طالب اوطالبة… مما جعلها تتسأل اين الامانة العلمية. اجتازت السنتين لتحصل على الدبلوم بتفوق ..ولكن الدبلوم لاوظيفة له ،بعد سنوات فتحت الكلية باب لمواصلة بك …كانت من اوائل المتقدمين فرحت عاد اليها النشاط والحيوية ، التقت ..مع طلابا حصلوا على الدبلوم خلال سنوات متفرقة كان اكثرهم محبين للعلم ، اشتدت المنافسة شمرت عن ساعديها… سهرت تعبت تحملت قسوة الظروف. وكان اخطر ماوجهته ان زميلة لها كان والدها مصرا على ان تكون الاولى بذل كل جهده وجند كل طاقته للقاء بالمعلمين… ووصل الامر الى اقناع رئيس القسم باعادة دراسة مواد الدبلوم، لترفع ابنته درجاتها المتدنية ..اثناء المحاضرة قال رئيس القسم لهم : ستعودون دراسة مواد الدبلوم ..وقع كلامه كالصاعقة عليها وعلى زملائها ..شعرت بالدوار قالت : هذا حرام كيف سنذاكر كل هذا الكم من المواد ، رد عليها بتكبر واضح: هذا قرار اتخذته وعليكم التنفيذ.. قالت : نحن اتينا لنكمل دراستنا ، لا لنعيد دراسة ما درسناه….. جمعت زملائها.. اعلنت ثورة الرفض اتت هي وزملائها الى معلم اخر كان اكثر تفهما وقف معهم… .فهدد رئيس القسم برفع الامر الى الجامعة والحصول على امر الاعادة لتلك المواد.. تطورت ثورة الرفض فقرر العميد الغاء ذلك القرار الجاهل… حقد رئيس القسم عليها واصبح يدقق في اجاباتها ويتعمد انقاصها درجة او درجتين ولكنها كانت تجيد مادة تخصصها تماما..اراد ان يحرق اعصابها فكان يزيد المنافسين لها درجة اواكثر ويقنع بعض المعلمين الميالين اليه بمحاربتها ..كان والد زميلتها مثل النحلة خلف المعلمين من اجل ابنته… قالت لزميلتها يوما : لقد جئنا لندرس ونتنافس بشرف لايهم من هو الاول ، المهم ان نحصد ذلك بعيدا عن شراء الضمائر والرشوة ، اضافت مايحدث عيب فنحن في كلية ولسنا في مدرسة اساسية… لم تجب زميلتها… اثناء التطبيق العملي اشاد بها المشرف فقد ابدعت عند شرح الدرس للطالبات فقال لها : انت افضل من كل زملائك… .ولكن عند وضع الدرجة اعطى زميلتها ومنافستها من المائة ناقص درجتين واعطاها من المائة ناقص ثلاث… لم تصدق جرت دموعها حارة مرة شعرت انه طعنها… كلمته فتحجج برئيس القسم انه هو من وضع الدرجة لم تصدق فما دخل رئيس القسم ..تسألت اين ذهبت اشادته بها اين الامانة العلمية اين الضمير?? اتجهت الي القوي الذي لايظلم عنده احد خفف والدها وولدتها واخوانها من حزنها…. قال والدها : أنا سأذهب اليهم.. رفضت بشدة فهي لم تتعود ان تذل والدها او نفسها لاحد من معلميها، اوتاخذ نجاحها بالرشوة ، سيطر عليها الخوف والقلق، اسودت الحياة في عينيها ..تمالكت نفسها فمازال امامها فصلا يجب ان تجتازه بقوة . . رفعت يدها بالدعاء وكذلك امها واخوانها.. كان اصعب يوما في حياتها عندما علمت برفع الدرجات ..ارتعدت خافت وبكت بكاء مرا.. رفضت الذهاب… فقالت اختها الصغرى انا من سيذهب ويحضر درجاتك منعتها توسلت اليها…. في اليوم الثاني ذهبت لتضع حدا لهذا الحزن الذي خيم على بيتهم… فكانت المفاجأة التي لم تتوقعها اوتصدقها ، طلبت من موظف الكنترول اعادت ماسمعته كرر ذلك ..خرجت مسرعة اتصلت باختها لم تصدق انهمرت دموعها…. ولكنها اليوم دموع النصر والشكر لرب الكون… لقد نفعها جهدها في مواد الدبلوم فرفع درجاتها…. اعادها صوت طالبا الى الواقع وهو يسألها متى الاختبار ، فقالت لا شعوريا تعرف لماذا نحن متخلفين علميا لان التعليم الجامعي عبارة عن ملازم واختبار او امتحان.. نظر اليها مستغربا…! ضحكت وهي تقول بعد يومين !!!”!
( ابريل 2019 )