كريتر نت – متابعات
روى الكاتب والإعلامي إسلام الكتاتني، في برنامج “مراجعات” الذي يُعرض على فضائية (العربية)، قصته مع الإخوان المسلمين وتجربته الفريدة والتحولات الفكرية التي مر بها والتي نتج عنها التحرر من قيود الجماعة، بعد أن أمضى أعواماً طويلة في صفوفها.
وقال الكتاتني: “نشأت في أسرة دينية، وكان من الطبيعي أن أبحث عن الإخوان، فلك أن تتخيل أنني منذ نعومة أظفاري قبل المرحلة الثانوية كنت أقرأ كتباً مثل أيام من حياتي أو مذابح الإخوان في سجون مصر”.
وتحدث الكتاتني باستفاضة عن فكرة المظلومية التي يروج لها التنظيم، والتي كانت من أكثر الأفكار تأثيراً عليه، حيث شعر بأنّ التنظيم يتعرض للظلم والاضطهاد، ممّا دفعه للانضمام إليهم، مضيفاً أنّ “فكرة المظلومية هذه من أكثر الأفكار التي تشجع الشباب على الالتحاق بذلك التنظيم”.
المرحلة الثانوية كانت نقطة تحول حاسمة في حياة الكتاتني، حين بدأ يشارك في أنشطة التنظيم وفعالياته، باحثاً عن هوية ومكان ينتمي إليه، ومقتنعاً بأنّ “الإخوان” هم من يحملون “لواء الإسلام الصحيح”، وانضمّ إليهم رسميّاً.
بعد انضمامه لتنظيم الإخوان في المرحلة الثانوية، بدأ الكتاتني في التدرج داخله، وقد تولى العديد من المسؤوليات كتجنيد الشباب في المراحل الثانوية والجامعية، وكان يعتبر هذه الفئة الأكثر تأثيراً وقابلية للانضمام إلى الجماعة.
وأقرّ الكتاتني خلال الحلقة بأنّ الانغماس في أنشطة التنظيم جعله يغفل عن عيوبه، مشيراً إلى أنّ الأنشطة التي مارسها لم تقتصر على التجنيد فقط، بل شملت أيضاً تنظيم الإفطارات الجماعية والأنشطة الرياضية والدعوية، وتلك الأنشطة تهدف لتعزيز الروابط بين الأعضاء وجذب المزيد من الشباب.
مع مرور الوقت، بدأت تتضح للكتاتني التناقضات والازدواجية بين الخطاب والممارسات داخل تنظيم الإخوان. كان ذلك بمثابة الشرارة الأولى التي أشعلت رغبته في الانفصال، فقد بدأ يلاحظ أنّ الممارسات السياسية لا تتسق مع المبادئ التي تربى عليها. وقال: إنّ “الممارسة السياسية كانت لا تتسق مع أخلاقيات رجل الدعوة، بل هي بعيدة كل البعد عن أخلاقيات الدعوة”.
وتابع: “إنّ واحدة من أبرز هذه التناقضات كانت غياب مفهوم الوطن لدى الجماعة، ممّا دفعه للبدء في التفكير جدياً في الانفصال.
وتناول الكتاتني صعوبة عملية الخروج من التنظيم، مؤكداً أنّ الانتقال من الداخل إلى الخارج لم يكن سهلاً، إذ كان يواجه صراعاً داخلياً بين الانتماء الذي نشأ عليه والرغبة في التحرر من قيود التنظيم. استغرق الأمر عدة أعوام من الصراع الداخلي حتى تمكن من اتخاذ قراره النهائي بالخروج، اللحظة التي وصفها الكتاتني بـ “الانعتاق الفكري”.
وأضاف أنّه بعد خروجه واجه العزلة والتشويه من قبل الجماعة، مؤكداً أنّ التنظيم كان يسعى دائماً إلى تشويه صورة من يتركه، لضمان عدم تأثيره على باقي الأعضاء.
وفق الكتاتني، “فإنّ أفكار سيد قطب للأسف الشديد كانت سبباً للدمار الذي حدث في المنطقة”. وتمثلت أفكاره في الحاكمية، والجاهلية، والعزلة الشعورية، والاستعلاء بالإيمان، والتي كانت تلعب دوراً كبيراً في تشكيل توجهات التنظيم، ممّا جعله ينحرف عن الطريق الصحيح.
وأشار الكتاتني إلى أنّ التنظيم يعاني اليوم من انقسامات داخلية كبيرة، فقد انقسم إلى (3) فرق رئيسية: جناح لندن، وجناح إسطنبول، والجناح الموجود داخل مصر، وللمفارقة أنّه يدعو إلى وحدة المسلمين”، مشيراً إلى أنّ هذا الانقسام يعكس التوترات الداخلية وعدم الاتفاق على رؤية موحدة للمستقبل.
وذكر الكتاتني أنّ الدعم الغربي، خاصة من الولايات المتحدة وبريطانيا، كان له دور كبير في صعود التنظيم في فترات معينة، لكنّ الأحداث الأخيرة تشير إلى تغيرات في بنية هذه العلاقة.
وقال: إنّ “الوضع الحالي لتنظيم الإخوان والتحديات التي تواجهه تشمل وضع القيادات في السجون، والدعم الغربي، والحاضنة الشعبية”.
وأوضح أنّ التنظيم فقد جزءاً كبيراً من تأييد الشعب المصري نتيجة لسلوك القيادات خلال الأعوام الماضية، ويبدو أنّ الشعب المصري لم يعد يثق بالجماعة كما كان في السابق، ممّا يشكل تحدياً كبيراً أمام محاولات الجماعة للعودة إلى الساحة السياسية.
في ختام حديثه، وجّه الكتاتني رسالة مهمة إلى الشباب، مؤكداً على أهمية التفكير النقدي والمراجعات الشخصية. وشدد على ضرورة أن يكون الشباب واعين وغير منساقين وراء الشعارات الرنانة دون التحقق من مصداقيتها.