كريتر نت – متابعات
قال معهد أمريكي إن الاتفاق الاقتصادي التي توسطت فيه الأمم المتحدة، بالتراجع عن قرارات البنك المركزي اليمني خفف الضغط عن جماعة الحوثي، وعزز مكانتهم وقوتهم العسكرية.
وأضاف معهد “دول الخليج العربي بواشنطن” في تحليل له بهذا الخصوص : إن الاتفاق الذي يسرته الأمم المتحدة، والذي تضمن إلغاء العقوبات المالية التي فرضها البنك المركزي اليمني والالتزام بتجنب إجراءات مماثلة في المستقبل، شكل تخفيفًا اقتصاديًا للحوثيين”.
وتابع التحليل “إن هذا التخفيف يسمح لهم من الضغوط الاقتصادية بإعادة تخصيص الموارد التي كان من الممكن استخدامها للتنقل عبر العزلة المالية نحو عملياتهم العسكرية ودعم جيشهم الكبير، الذي تضخم بمجندين جدد منذ بدء حرب غزة”.
وأردف المعهد الأمريكي “لقد مكنهم هذا من استخراج المزيد من الموارد من خلال الضرائب ورسوم التحويلات المالية لإطعام وتسليح قواتهم”
وأكد أن اتفاق الأمم المتحدة عزز قدرتهم على إظهار القوة العسكرية، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي.
وطبقا للتحليل فإن الاتفاق يضفي الشرعية على الحوثيين عن غير قصد، ويبرز ضمناً هيمنتهم في الشمال ونفوذهم الإقليمي، ويكافئ سيطرتهم على الأراضي الشمالية ويعزز سلطتهم بشكل فعال.
وبحسب التقرير فإنه بعد يوم واحد فقط من الإعلان عن اتفاق الأمم المتحدة، قدم أحمد غالب المعبقي، محافظ البنك المركزي اليمني، استقالته إلى مجلس القيادة الرئاسية احتجاجًا على الاتفاق. ومع ذلك، رفض مجلس القيادة الرئاسية استقالته بسرعة، وهو ما يشير ربما إلى أن اللوم لم يقع على البنك المركزي بسبب حملة الضغط الفاشلة وأن القيادة الفعالة للبنك ستظل ضرورية.
وفقًا للأمم المتحدة، يهدف الاتفاق إلى استقرار اقتصاد اليمن، وضمان دفع رواتب القطاع العام، وتسهيل المساعدات الإنسانية. ومع ذلك، ونظراً للتهديد المستمر الذي يشكله الحوثيون، هناك مخاوف واسعة النطاق من أن الحوثيين تلاعبوا بهذه القضايا للهروب من الضغوط الاقتصادية التي كانوا يتعرضون لها وقد يعرضون دفع الرواتب وتسليم المساعدات للخطر مرة أخرى عندما يختارون ذلك.
ويرى المعهد الأمريكي أنه من خلال فرض السيطرة على العملة وتفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، يهدف الحوثيون إلى إجبار الحكومة وحلفائها على التفاوض على شروط اعتبرت غير معقولة في السابق. ومن العناصر الأساسية لهذه الاستراتيجية رفضهم دفع رواتب الخدمة المدنية منذ عام 2014، وممارسة الضغط بدلاً من ذلك على الحكومة والمملكة العربية السعودية لتغطية هذه التكاليف، والتي تشمل رواتب المقاتلين والمسؤولين الحوثيين.
وأكد أن الحوثيين ركزوا استراتيجيًا على تعزيز قوتهم الاقتصادية، وفرض تعريفات مزدوجة (تعريفات بالإضافة إلى تلك التي تفرضها – وتسيطر عليها – الحكومة اليمنية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة) ورسوم جمركية زائدة عن الحاجة على نحو مماثل يسيطرون على عائداتها، في حين يوجهون الأموال والموارد إلى صناعتهم العسكرية. وقد أدى هذا إلى ترك المجتمعات الخاضعة لسيطرتهم تعتمد على الدعم الخارجي.
وبشأن الحسابات الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية يقول المعهد إنه “بعد أن شعرت السعودية بتجاهل حليفتها السابقة، الولايات المتحدة، ومواجهة الرياح المتقلبة للسياسة العالمية، وجدت نفسها معزولة ومضطرة إلى التصرف وفقًا لمصالحها الخاصة.
وأردف “في مواجهة التهديد الوشيك المتمثل في الأعمال العسكرية الحوثية والافتقار إلى الدعم الدولي القوي والفوري، اتخذت الرياض إجراءات حاسمة للتخفيف من المخاطر وتعزيز الاستقرار.
وتشير التسريبات من مصادر مجهولة إلى أن السعوديين مارسوا ضغوطاً دبلوماسية وفرضوا نفوذاً اقتصادياً على المجلس القيادي الرئاسي اليمني للامتثال لاتفاق الأمم المتحدة وعكس إجراءات البنك المركزي اليمني.
وطبقا للمعهد فإن القرار السعودي بممارسة مثل هذه الضغوط يفهم على أنه خطوة محسوبة للحفاظ على الاستقرار الإقليمي وحماية مصالحها. وتؤكد هذه المناورة على التوازن المعقد للقوة والنفوذ في المنطقة، وتسلط الضوء على التحديات التي تواجهها المملكة العربية السعودية في التنقل عبر مشهد جيوسياسي مضطرب دون حلفاء أو ضمانات للدعم الخارجي.
وبخصوص التداعيات على الاستقرار الإقليمي يفيد التحليل الغربي أن الضغوط السعودية على الحكومة اليمنية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة توضح الحقائق وراء صفقة البنك المركزي التي توسطت فيها الأمم المتحدة، إلا أن هناك تأثيرات أوسع نطاقاً للاتفاق.
وأكد أن فشل الاتفاق الذي توصلت إليه الأمم المتحدة في الحفاظ على الضغوط القائمة أو فرض شروط جديدة صارمة بما فيه الكفاية لمعالجة الاعتداءات العسكرية التي يشنها الحوثيون ودورهم التخريبي في المنطقة يهدد بتقويض السلام والأمن على المدى الطويل.
ولفت إلى هناك تكهنات مستمرة بأن المجتمع الدولي يسارع إلى دفع اليمن نحو تسوية سياسية لإنهاء الصراع، وهو أمر إشكالي للغاية بالنظر إلى القدرة العسكرية للحوثيين ونفوذهم الإقليمي الذي يمكن أن يشوه مثل هذه المفاوضات لصالحهم.
وخلص معهد “دول الخليج العربي بواشنطن” أن من الناحية المثالية، ينبغي لأي مفاوضات أن تجبر الحوثيين على كبح أنشطتهم المسلحة والالتزام بتدابير بناء السلام الحقيقية التي يمكن التحقق منها. وفي غياب مثل هذه الأحكام، قد يثبت أي اتفاق أنه انتصار باهظ الثمن، حيث يقدم هدوءا قصير الأجل يقيد السلام.