كريتر نت – متابعات
يراقب العالم كيف سترد إيران وحزب الله على سلسلة الاغتيالات الإسرائيلية التي طالت القيادات السياسية والعسكرية لمحور المقاومة. ويرى محللون أن طهران وحليفها حزب الله مضطران إلى الردّ حفاظا على مصداقيتهما إلا أن ” قوة” ردّهما ستحدد مسارات التصعيد في المنطقة.
وتتوقع إسرائيل ردا إيرانيا في أي لحظة على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران وتعد لصده برفع حالة الجاهزية العسكرية والصحية والداخلية.
وأعلنت الولايات المتحدة عن مساعدة إسرائيل في صد الهجوم المتوقع رغم الخلافات بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
والتقديرات في إسرائيل هي أن إيران وحليفها اللبناني حزب الله الذي يريد الانتقام لاغتيال القيادي العسكري البارز فيه فؤاد شكر في العاصمة اللبنانية بيروت، سيركزان على المنشآت العسكرية في شمال ووسط إسرائيل.
وفي حين يقدر المسؤولون الإسرائيليون أن التصعيد سيستمر عدة أيام فإن إسرائيل وإيران وحزب الله يقولون إنهم غير معنيين بحرب شاملة وإن كانت هذه الإمكانية حاضرة في كل التوقعات التي تخشى من ردود متبادلة. وتسود التقديرات في إسرائيل بأن الهجوم الإيراني سيكون أقوى من الهجوم الذي نفذته طهران في أبريل ويقول الجيش الإسرائيلي إنه صده بشكل كبير.
تصعيد يصعب وقفه
يقول المحلل العسكري في صحيفة هآرتس الإسرائيلية عاموس هارئيل “لا يتوقع المسؤولون العسكريون أن تتراجع إيران وحزب الله والمنظمات الأخرى في المحور الذي تقوده إيران عن تهديداتها بالانتقام. ويتوقعون أن تحدث الهجمات قريبا، وأن تركز على المنشآت العسكرية والدفاعية في شمال ووسط إسرائيل”.
ويضيف أن “التقييم الاستخباراتي الذي يؤكد أن إيران وحزب الله غير مهتمين حاليا بحرب إقليمية شاملة يظل قائما، ولكن الخوف هو أن تبادل الضربات بين الجانبين ــ الهجوم الإيراني، والرد الإسرائيلي، والتكرار ــ من شأنه أن يؤدي إلى تصعيد يصعب وقفه”.
وتخشى إسرائيل هجوما متعدد الجبهات من إيران ولبنان واليمن والعراق وسوريا. ويقول هارئيل “في أبريل، امتنع حزب الله عن الانضمام إلى الهجوم الإيراني، ولكن هذه المرة، هدد حزب الله بالمشاركة، كما فعل الحوثيون في اليمن”.
ويتابع “هذا يعني أن إسرائيل تواجه هجمات محتملة من كل الاتجاهات، وبعض النيران قادمة من لبنان، الذي هو ليس قريبا فحسب، بل ويحتوي أيضا على كمية هائلة من الصواريخ والقذائف والطائرات بدون طيار، بعضها دقيقة. ونتيجة لهذا فإن نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي سيواجه تحديا أشد صعوبة مما واجهه في أبريل”.
ويؤكد “رغم التهديدات الصريحة التي أطلقها المتحدثون الرسميون الإسرائيليون، فإن الرد الإسرائيلي سوف يعتمد بوضوح جزئيا على نجاح الهجوم الإيراني. ومن المرجح أن يؤدي الدمار الهائل، وخاصة الخسائر البشرية، إلى رد إسرائيلي قاس”.
هجوم غير متناسب
الإيرانيون سيكونون حذرين من هجوم غير متناسب من شأنه أن يثير ردا إسرائيليا قويا في عمق إيران ولبنان واليمن
يقول المحلل العسكري في موقع “واللا” الإخباري العبري أمير بوخبوط إن التقييم في إسرائيل هو أن الرد المتوقع من إيران مخطط له بالاشتراك مع حزب الله وحماس والحوثيين والميليشيات في العراق وسوريا.
ويضيف بوخبوط “ومع ذلك، يمكن افتراض أن الإيرانيين سيكونون حذرين من هجوم غير متناسب من شأنه أن يثير ردا قويا من الجيش الإسرائيلي في عمق إيران ولبنان واليمن”. ويلفت إلى أن “التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن إيران تخطط وتنسق ردها مع باقي أعضاء محورها”.
ويقول “تستعد مؤسسة الدفاع لعدد من السيناريوهات المتطرفة، بما في ذلك الهجمات على قواعد الجيش الإسرائيلي على نطاق غير مسبوق من قبل الطائرات بدون طيار والقذائف والصواريخ، والهجمات على أهداف من المنطقة الحدودية إلى حيفا وحتى تل أبيب، وإلحاق الضرر بالبنية التحتية الوطنية”. ويتابع “لكل سيناريو، لدى الجيش الإسرائيلي رد دفاعي وهجومي، فلدى الجيش أنظمة دفاع نشطة تعد من بين الأفضل في العالم – القبة الحديدية ومقلاع داود وأنظمة سهم 2 و3”.
ويشير إلى أن “قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا وصل إلى إسرائيل الاثنين للتنسيق النهائي ودراسة إمكانيات الرد على هجوم محور إيران على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، على غرار الهجوم الليلي لإيران في أبريل من هذا العام”. ويقول “في تلك الليلة، عملت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة والجيش الإسرائيلي معا لصد الهجوم قبل وصوله إلى المجال الجوي الإسرائيلي”.
وأيا كان الخيار الذي سيلجأ إليه “حزب الله”، إلّا أنه لم يحدث أي تغيير هائل في حساباته. فما زال الحزب غير قادر على تحمّل تكاليف الحرب الشاملة مع إسرائيل، إذ كان الأمين العام للحزب حسن نصرالله يصرّح مرارا وتكرارا منذ العام الماضي بأن حرب غزة ليست حربهم.
وعلاوة على ذلك، ما زالت طهران ترغب في الحفاظ على الأسلحة المتقدمة التي يملكها حزب الله وعلى أهم أصوله العسكرية كبوليصة تأمين. فما دام النظام الإيراني وبرنامجه النووي غير مهددين بشكل مباشر، لن يُطلَب من الحزب التضحية بأهم أصوله في المواجهة مع إسرائيل. وقد كان فقدان المئات من القادة والمقاتلين الآخرين بسبب الضربات الإسرائيلية بمثابة اختبار قاس لحزب الله في الأشهر القليلة الماضية، لكن الحرب الشاملة في لبنان ستزيد الأضرار بشكل كبير.
ويشير محللون إلى تحقيق “النصر” الدفاعي الذي حققه الحزب خلال الحرب السابقة في عام 2006. وإذا نجا من الحرب التالية، فسيخسر كل أسلحته المتقدمة وسيضطر إلى إعادة بناء ترسانته الضخمة في بيئة اقتصادية ومالية أسوأ بكثير من عام 2006. وتشن إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي حربا على قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 130 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وأكثر من 10 آلاف مفقود.
وللمطالبة بإنهاء هذه الحرب، تتبادل فصائل لبنانية وفلسطينية في لبنان، أبرزها حزب الله، مع الجيش الإسرائيلي منذ الثامن من أكتوبر قصفا يوميا، خلفّ المئات من القتلى والجرحى معظمهم بالجانب اللبناني.