محمد علي محسن
أتساءل إذا لم يكن مجلس القيادة باعضائه الثمانية هو أعلى هيئة ورمزية للسلطة الشرعية في اليمن فمن هي السلطة الشرعية ؟ .
الرئيس العليمي هو رأس هذه السلطة الشرعية المناط بها استعادة الدولة ومؤسساتها المنقلب عليها من جماعة الحوثيين السلالية الطائفية .
وفي الواقع لدينا رؤساء يناهضون رئيسهم الذي توافقوا عليه وفق اتفاق الرياض ؟
نعم ، رئيس في هضبة المعاشيق ولا يمتلك قدرة على تأمين وجوده ولو بفصيلة تابعة له ، ومهمة هذا الرئيس لا تتعدى الخطوط الموضوعة له أو المقترحة من رؤساء جمهوريات الموز في عدن والمخأ ومأرب أو الخ .
إنَّه اسد من ورق ، أو هكذا اريد له أن يكون بلا أسنان أو مخالب ، ووظيفته مراضاة هؤلاء الرؤساء وداعمينهم في ممالك الذهب الأسود ، لذا بات هاجسه الأوحد ليس تحرير صنعاء وإنما مصالحة الإخوة الأعداء ، إذا لم أقل تجنب إنقلابهم أو تمردهم .
هذه الحالة المضطربة والغريبة والشاذة أضعفت السلطة الشرعية في عدن ، وعندما ضعفت في عدن خلقت وضعية مريحة للجماعة الحوثية ، بل وأجزم أنه ولولا هذه المكونات المتناثرة والمتنافرة في صميمها وغايتها وقادتها ، ما كانت الجماعة ستقوى وتدوم كل هذا الاعوام .
أين المشكلة بالضبط ؟ طبعا الإجابة ليست بخافية على أحد ، فالمشكلة بارزة وواضحة ولها صلة مباشرة بمجلس الرئاسة الذي تم تصميمه من أقطاب عدة غير متناغمة أو متجانسة مع بعضها البعض لا ذاتيًا ولا موضوعيًا .
فكل طرف موجود في كيان الشرعية كمسمَّى ، بينما عمله وفعله لا يتوافق مطلقا مع ما تروم له الشرعية من مضامين سياسية مناهضة للانقلاب الحوثي ، وهذه المضامين من فرط تكرارها في وسائل الإعلام ، حفظها اليمنيين والمهتمين والمتابعين للشأن اليمني ، كمرجعيات ثلاث تمثلت بالمبادرة الخليجية ، ومقررات مؤتمر الحوار الوطني ، وقرارات الشرعية الدولية .
الرئيس العليمي وحكومته هم الطرف الضعيف في مجمل الحالة المشاهدة ، وهذا لعمري ما قد حدث في أي بلد آخر لا في السلم أو الحرب .
في صنعاء حسمت هذه الوضعية المختلة لمصلحة الجماعة الحوثية التي لم تستطع قبول شريك لها في السلطة ، فكان لها التخلّص من الرئيس الأسبق واتباعه ، ممن ساهموا في الإنقلاب على الرئيس هادي وحكومته .
وعندما تخلَّصت الجماعة من هذه الثنائية في كيانها الإنقلابي ، أضحت ممسكة بزمام السلطة السياسية والعسكرية والأمنية ، ما جعلها كتلة واحدة وقرارها الأول والأخير بيد السيد عبد الملك وعترته الشريفة الطاهرة .
المؤسف أنه ما من سلطة موازية لسلطة الرئيس العليمي أو حكومته أدركت فداحة تعدد السلطات في بنيوية الشرعية ، فقادة الانتقالي عملوا على إضعاف سلطة الرئيس هادي وحكوماته ومن ثم على إضعاف الرئيس العليمي وحكومته ، وهدفهم من ذلك السيطرة الكاملة على محافظات الجنوب سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا .
لماذا لجأوا لإضعاف السلطة الشرعية في عدن ؟ فبسبب خشيتهم من أن يتم تحرير محافظات الشمال من الحوثيين .
المسألة لها صلة بما استوطن في ذهنهم من هواجس مفادها أن تحرير صنعاء ليس لمصلحتهم ، ففي حال تمكنت السلطة الشرعية من استعادة الدولة اليمنية فإن الجنوب والجنوبيين سيكون مصيرهما في مهب الريح .
اعتقاد مثل هذا أفسد العملية السياسية برمتها ، والنتيجة أن الإنتقالي دعم الجماعة الحوثية ومن حيث لا يدري أو يعلم .
كان قد منحها اكسير حياة ، وفي وقت تزهق فيه الأرواح وتعفر الدماء ذودًا عن حمى يتربص بها الموت القادم من هذه الجماعة المسيطرة على محافظات الشمال كل هذه الأعوام بالقبضة الأمنية ونتيجة لتفكك وضعف السلطة الشرعية في محافظات الجنوب .
الان أو غدا سيستفيق قادة الانتقالي وأتباعهم على حقيقة مُرَّة وصادمة لهم ولأتباعهم ، سيكتشفون أن هادي والعليمي كانا اقرب لهم ولقضيتهم من أي فصيل اخر في عدن أو صنعاء أو الرياض او أبوظبي أو أو الخ .
والحال مع قادة حُرَّاس الجمهورية الذين عملوا أيضًا على إضعاف سلطة الرئيس هادي ومن ثم الرئيس العليمي وحكومته .
فبدلًا من أن ينضم هؤلاء القادة للشرعية قولا وفعلا ، أو تكفيرًا عن ذنب اقترفوه بحق اليمن واليمنيين عندما تحالفوا مع جماعة كهنوتية ؛ رأيناهم يجهدون ذاتهم في بناء قوة عسكرية هدفها استعادة جمهورية صالح وعائلته ومواليه .
قوة موازية لما هو لدى الانتقالي ، وهدف هذه القوة ليس استعادة الدولة اليمنية ومؤسساتها النظامية ، وإنما وضعها في مسار مختلف كليًا عن مسارات السلطة الشرعية أو الانتقالي الجنوبي ، أو ما بقي من الجيش الوطني الذي أضحى عبارة عن قوات متناثرة وممزقة في مأرب أو حضرموت .
ولهذه الأسباب لا استغرب اذا ما أذعنت السلطة الشرعية لأي اتفاق سلام سيوقف الحرب في اليمن ، اتفاق لن ينهي مسببات هذه الحرب . سلام سيكرس ما هو قائم وموجود هنا وهناك ، سلام يزيد الجماعة الحوثية سطوة وشهوة ، وبالمقابل لن نعثر على سلطة موازية قوية .
حينها سيدرك فرقاء الشرعية أنهم أكلوا جميعًا ، فلا فرق هنا بين ثور أبيض او أحمر او أسود ، فجميهم باتوا عبئًا ثقيلا على اليمنيين وعلى التحالف وعلى الدول الداعمة.
حتمًا سيذعنون وسيوقعون على اتفاق سلام ناقص ومذل مع جماعة كهنوتية طائفية أقل ما يقال عنها أنها بيضة رديئة من غراب رديء ، ولأنها فقاسة خبيثة ؛ فبكل تأكيد يستحيل التعايش معها ، ومن يظن أن السلام ممكنًا معها ، فهؤلاء يعيشون وهمًا كبيرا .
وقتئذ فرقاء الشرعية ربما سيشعرون بشيء من الندم ، فلا الجنوب استعاد دولته ، أو أن الشمال تحرر من الحوثيين ،أو أن جمهورية صالح عادت إلى صنعاء ، أو ان جمهورية اليمن الفيدرالية قامت لها قائمة .