ماهر فرغلي
عبّرت جماعة الإخوان عن رؤيتها بعد عزلها من السلطة من خلال الرسالة التي تم نشرها بعنوان «رُؤْيَتُنَا»، والتي جاء فيها أنّ الدعوة التي تربّى عليها أجيال الجماعة هي دعوةُ الحقِ، والقوةِ، وأنّ العودة للحكم ضرورة تستوجب تفكيك منظومةِ الدولة الاقتصاديةِ، عن طريق «قيادة مبدعة – فرق جريئة – جماهير عريضة».
وبدأت الجماعة بعدها الحراك المسلح الذى تم تنظيمه عن طريق لجنة أطلقت عليها «الإدارية العليا» فى «فبراير 2014 – مايو 2015»، وتضم كلاً من محمد طه وهدان، محمد كمال، محمد سعد عليوة، حسين إبراهيم، على بطيخ، مجدي شلش، عبدالرحمن البر، محمود غزلان، عبدالعظيم الشرقاوي.
وحوّلت الجماعة لجنة نشر الدعوة إلى نشر الوعى من أجل التواصل مع الجماهير وتكوين رأى عام مناهض، كما أنشأت لجنة باسم لجنة الحراك لكى تكون مسئولة عن تنظيم التظاهرات والفعاليات المناهضة، وتم دمج لجنة الطلاب بلجنة الشباب، وألغت لجان طلاب الإعدادي والثانوي، واستحدثت ما سُمي بـ«الوحدة الثورية».
ووضعت اللجنة الإدارية استراتيجية جديدة عُرفت لاحقا بخطة «الإنهاك والإرباك – الإفشال – الحسم»، حيث طُرح فيها اللجوء إلى ما سُمي بالعمل النوعي أو السلمية المبدعة، والتي كانت تعنى استخدام مستوى أعلى من العنف وبشكل أكثر منهجية من ذلك العنف المحدود والعشوائي الذي كان يُمارَس من قِبل أعضاء الجماعة في المرحلة السابقة.
وتم تكليف القيادي «علي بطيخ» بإعداد استراتيجية للحراك المسلح أُطلق عليها «القيادة العامة للجان الحراك المسلح»، حيث اعتمدت هذه الخطة على المناهج الجهادية، وأخذت نفس الهيكل التنظيمي للحرس الثوري الإيراني وطبقته حرفيا، وتوفرت وثائق مهمة تثبت ذلك؛ وهي محضر اجتماع للتنظيم الدولي بإسطنبول فى أواخر عام 2013 قرروا فيه ما يلي:
تشكيل لجنة إعادة أفكار سيد قطب؛ تشكّلت اللجنة التى عُرفت باسم «الهيئة الشرعية لعلماء الإخوان المسلمين» فى سبتمبر 2014، والتى أصدرت فى أوائل عام 2015 كتاب «فقه المقاومة الشعبية» الذى وضعوا فيه الضوابط لاستهداف الأفراد والمنشآت العامة، وفقه «دفع الصائل»، وتحدثوا فيه عن إلغاء شعار «سلميتنا أقوى من الرصاص» ليصبح «سلميتنا أقوى بالرصاص».
ومنذ عام 2014 وحتى عام 2019 ظل الإخوان يستخدمون 3 مستويات من ممارسة العنف؛ المستوى الأول العشوائي، مثل حرق أعمدة ومحولات الكهرباء.. إلخ، المستوى الثاني هو السلمية المبدعة التي تستهدف الإنهاك والإرباك وتتجاوز استهداف المنشآت والطرق والمرافق العامة إلى استخدام أسلحة خفيفة وبدائية تحت مبدأ تم نقله عن قول مرشدهم محمد بديع: «ما دون القتل سلمية»، أما المستوى الثالث فهو العنف العقابي الذي يستهدف التصفية والاغتيال.
كما نشأت بعد عزل محمد مرسي من الحكم ما يسمى بحركة «ثوار بني سويف» التي أعلنت مسئوليتها عن محاولة اغتيال ضابط بمحافظة الفيوم ومقتل طفلته، جاء في بيان للحركة تقول فيه: «أوشكنا على اغتيال شخصيات إعلامية معروفة».
وفي منتصف عام 2014 وحتى بداية 2016 ظهر ما يسمى «حركة العقاب الثوري»، التي كانت أول عملياتها هو إطلاق الرصاص على كمين شرطة.
وفي هذا الإطار، نشأ كذلك تنظيم «لواء الثورة» في 21 أغسطس 2016، ومن أبرز عملياته استهداف كمين شرطة العجيزي في مدينة السادات بمحافظة المنوفية، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من قوات الشرطة، وفي 22 أكتوبر 2016 تم اغتيال العميد «عادل رجائى» بعد إطلاق الرصاص عليه أمام منزله في مدينة العبور بمحافظة القليوبية، وفي 1 أبريل 2017، تم استهداف مركز تدريب تابع للشرطة بمحافظة الغربية عن طريق عبوة ناسفة مزروعة داخل دراجة بخارية أردت العشرات ما بين قتيل وجريح، وفى 16 يوليو 2016، ظهرت حركة «سواعد مصر – حسم»، ومن أبرز عملياتها اغتيال رئيس مباحث الفيوم، ومحاولة اغتيال مفتى الجمهورية الأسبق علي جمعة فى 6 أكتوبر 2016، وتفجير عبوة بمحيط نادي شرطة دمياط في 4 سبتمبر 2016، والعديد من الاغتيالات الأخرى، منها محاولة اغتيال النائب العام المساعد «زكريا عبدالعزيز عثمان» فى محيط منزله بحي الياسمين بالتجمع الخامس عن طريق استهداف موكبه بسيارة مفخخة، وكذلك تفجير كمين لوزارة الداخلية بشارع الهرم في الجيزة، أسفرت العملية عن مقتل 6 من رجال الشرطة وإصابة ثلاثة آخرين فى 16 ديسمبر 2016.
ونفذت حركة حسم، التي تضم طلابا من جامعة الأزهر، عملية اغتيال النائب العام هشام بركات في 29 يونيو 2015، وكانت الخلية قد تلقت أوامر بالتنفيذ من خلال عناصر هاربة خارج البلاد.
أما المرحلة الثالثة من مراحل السيطرة فهي السيطرة الأمنية والإدارية على إحدى مناطق الجمهورية واتخاذها مركزا للمواجهة العسكرية مع قوات النظام الحاكم، حيث تم تحديد «المنطقة الغربية» على أساس قربها من ليبيا ويمكن من خلالها التواصل مع قوات تنظيم «فجر ليبيا» لتوفير الدعم اللازم.
ومع الخلافات التي جرت في تركيا بين فصائل الإخوان أصدرت الحركة بياناً جاء فيه أنّها تخشى من الفرقة والتفكك، داعية إلى الوحدة، حيث قالت في 9 فبراير 2018: «إننا وفي هذه اللحظات الفارقة في تاريخ مصرنا وأمتنا لندعو شباب مصر وأهلها جميعا لرصّ الصفوف وإعداد العدة بكل المسارات استعداداً للحظة الخلاص، ونعاهد الله أن نكون لكم درعا وردءا نبذل أرواحنا فداءً لديننا».
وفي 15 فبراير 2019، استهدف الإخوان كمينا شرطيا بجوار مسجد الاستقامة بمحافظة الجيزة، وبعدها بأسبوع توصلت الأجهزة المختصة إلى المنفذ في منزل مهجور بمنطقة الدرب الأحمر لكنه فجر نفسه بالقوة قبل القبض عليه.
الانتحاري الذي فجّر نفسه في قوة أمنية بمنطقة الدرب الأحمر خلف الجامع الأزهر يحمل الجنسية الأمريكية، وكان قد احتجز على ذمة إحدى القضايا التى تتعلق بجريمة قتل، وخرج بعد 3 شهور فقط، ويدعى الحسن عبدالله، عمره كان 37 عاما، يحمل الجنسية الأمريكية، وينتمي لعائلة ثرية تسكن في منطقة مصر الجديدة، ووالده يعمل طبيبا ويقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، وبعض أفراد في عائلته حاصلون كذلك على الجنسية الأمريكية.
في أغسطس 2019، يتلقّى «عبدالرحمن خالد محمود عبدالرحمن»، اسمه الحركي «معتصم»، أمراً من الحركي «محمد عايش» المقيم في تركيا، بنقل سيارة متفجرات إلى مكان غرب القاهرة إلى حين تكليفه بعملية انتحارية، وفي شقة بمدينة الشروق وأخرى في مركز إطسا بمحافظة الفيوم، يلتقى «عبدالرحمن» بعناصر الخلية وهم: حسام عادل محمد «عنصر دعم»، وإبراهيم خالد، وإسلام قرنى محمد.
في 4 أغسطس 2019، وتحديداً قبل الفجر، يسير «معتصم» في محيط حي المنيل بالقاهرة، متجهاً بسيارته إلى جهة لا يعلمها سوى هو ورفيقه المسؤول عن الرصد والدعم حسام عادل محمد، لكنه يفاجأ بكمين شرطي فيعود فى عكس الاتجاه ويسير أمام معهد الأورام مخالفا القواعد المرورية، فيصطدم، وفق شهود العيان، بسائق «ميكروباص» ويحدث انفجار يودي بحياة 20 شخصاً، وإصابة 40 آخرين من المارة ومرضى معهد الأورام.
وما تم ذكره سابقا هو سيل من فيض كبير وكثير ومتشابك من عمليات العنف والجريمة المنظمة، التى نفذتها الجماعة، ولا تزال لا تعترف بخطئها وسوء تقديرها في العمل ضد الدولة والشعب، بل إن قيادتها يتحدثون عن أن ذلك هو جهاد ودفع صائل، مثلهم مثل «القاعدة وداعش»، التي انبثقت أفكارها من معالمهم الفكرية.
نقلآ عن الوطن