كريتر نت – متابعات
قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن قائد حزب الله فؤاد شكر الذي أعجز الولايات المتحدة لنحو 4 عقود، منذ أن ساهم في التخطيط لمقتل 241 من مشاة البحرية في العاصمة اللبنانية بيروت، كان يعيش حياة غير مرئية لدرجة أن قلة من الناس عرفوا اسمه ووجهه قبل قتله بغارة جوية إسرائيلية وضعت الشرق الأوسط على شفا حرب شاملة أو تكاد.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير مشترك بقلم سوني إنجل راسموسن وآدم شمس الدين وكاري كيلر لين- أن فؤاد شكر ظل غائبا عن الأنظار حتى قتلته غارة جوية إسرائيلية في الطابق السابع من مبنى سكني بالضاحية الجنوبية من بيروت نهاية يوليو/تموز الماضي.
ووصفت الصحيفة فؤاد شكر، وهو أحد مؤسسي حزب الله الذي صنفته الولايات المتحدة على أنه جماعة “إرهابية”، بأنه متشدد وبأنه أكثر عناصر الحزب أهمية، وبأنه صديق موثوق به منذ فترة طويلة للزعيم حسن نصر الله الذي جعل من حزب الله أفضل مليشيا غير حكومية مسلحة في العالم.
ظهر هذا العام لبضع دقائق
كان فؤاد شكر الذي يقود المناوشات الحدودية مع إسرائيل يعيش حياة غير مرئية -حسب الصحيفة- ولم يظهر إلا في تجمعات صغيرة لقدامى المحاربين، وقد ظهر علنا هذا العام لبضع دقائق في جنازة ابن أخيه، وكما قال أحد معارفه إنه كان سريا للغاية لدرجة أن وسائل الإعلام اللبنانية نشرت صورا لرجل آخر مكانه.
وقال مسؤول في حزب الله إن القائد الذي لا يعرفه سوى قلة من الناس أمضى يومه الأخير في مكتبه بالطابق الثاني من مبنى سكني في الضاحية، وهو المبنى نفسه الذي كان يعيش في الطابق السابع منه، وقال مسؤول بالحزب إنه تلقى مكالمة من شخص يطلب منه الذهاب إلى شقته قبل أن تسقط عليها القنابل الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل شكر وزوجته وامرأتين أخريين وطفلين، وإصابة أكثر من 70 شخصا، حسب وزارة الصحة اللبنانية.
اختراق
وقال المسؤول إن المكالمة التي طالبت شكر بالصعود إلى الطابق السابع لتسهيل استهدافه، جاءت من شخص اخترق شبكة الاتصالات الداخلية لحزب الله، الذي ما زال مع إيران يواصل التحقيق في فشل الاستخبارات، مع الاعتقاد بأن إسرائيل استخدمت تكنولوجيا أفضل للاختراق.
كان الاغتيال ضربة قوية لحزب الله -حسب الصحيفة- وقد شكل مع مقتل زعيم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) السياسي إسماعيل هنية في طهران، دفعا كبيرا للشرق الأوسط إلى شفا حرب إقليمية تسعى الولايات المتحدة جاهدة لتجنبها.
من ناحيتها، قالت كارميت فالنسي، الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن “عمليات القتل المستهدفة لها تأثير تراكمي على القدرة العملياتية لحزب الله”، وقالت إن شكر “كان مصدرا للمعرفة. يعرف كيف يعمل ويتواصل مع نصر الله. لقد تحدثوا اللغة نفسها”.
أدوار غاية في الأهمية
وعاش شكر طيلة حياته تقريبا في قلب عمليات حزب الله وصنع القرار -حسب الصحيفة- وكان حلقة وصل رئيسية بينه وبين إيران، وكان يعمل في المديرية العامة للأمن العام، وهي وكالة استخبارات حكومية لبنانية.
ساعد في تنظيم مقاتلي حرب العصابات في بيروت لمعارضة غزو إسرائيل للبنان خلال الحرب الأهلية، ثم أصبح الرجل المحوري بين الإيرانيين والمعسكر الذي أنشؤوه في منطقة البقاع، لتدريب مقاتلي حزب الله، كما سافر إلى إيران للإشراف على تدريب قوات النخبة من حزب الله.
وتتهم الولايات المتحدة شكر بأنه لعب دورا رئيسيا في التخطيط للهجوم الذي استهدف ثكنة مشاة البحرية الأميركية في بيروت عام 1983، قبل أن يعلن حزب الله رسميا عن وجوده، وتبنت جماعة تسمى الجهاد الإسلامي المسؤولية عنه.
كان حزب الله قد أعلن رسميا عن تشكيله عام 1985، وأصبح شكر أول قائد عسكري له، واستمر -كما تقول الصحيفة- في شن حرب عصابات في الجنوب حتى انسحبت القوات الإسرائيلية بالكامل من البلاد عام 2000 واكتسب سمعة بوصفه مفكرا إستراتيجيا لديه معرفة بالمنطقة بأكملها.
وعندما اندلعت الحرب الإسرائيلية المدمرة على لبنان عام 2006، كان شكر مرة أخرى فعالا، وساعد في قيادة المقاتلين الذين تسللوا إلى شمال إسرائيل، وقتلوا 8 جنود واختطفوا اثنين، مما أدى إلى غزو استمر شهرا ودمر أجزاء من لبنان.
وسّع ترسانة الحزب
وبعد الحرب، أشرف شكر على بناء عسكري وسّع خلاله ترسانة حزب الله من نحو 15 ألف صاروخ وقذيفة إلى نحو 150 ألفا، وأصبح الرجل الرئيسي لتسليم إيران، عبر سوريا، للمكونات التي تحول الصواريخ غير الموجهة إلى صواريخ موجهة بدقة، وفقا للجيش الإسرائيلي.
عام 2008، قُتل صديق شكر والقائد العام لحزب الله عماد مغنية في انفجار سيارة مفخخة في عملية مشتركة بين وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) والموساد في دمشق، وفي عام 2016، قتل صديق آخر، هو مصطفى بدر الدين في انفجار أيضا بالعاصمة السورية، ولكن شكر بدا أكثر استرخاءً خلال السنوات الأخيرة.
وبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، عندما شنت حماس عملية طوفان الأقصى، ووقع شكر في مرمى نيران إسرائيل بعد سقوط صاروخ في ملعب كرة قدم في مجدل شمس في مرتفعات الجولان المحتلة، ونفى حزب الله تورطه، لكن إسرائيل ألقت باللوم عليه، قائلة إن الصاروخ كان أحد صواريخ حزب الله وجاء من لبنان.
وأخيرا كما تختم الصحيفة، أخرج الموت شكر من الظل، فطُبع وجهه على لوحات إعلانية، وعرضت لقطات من حياته في ساحة المعركة على شاشة كبيرة، وأشاد صوت معلق بفضائله بصوت عالٍ، ثم دفن في مقبرة عامة في بيروت إلى جانب شاب مات وهو يقاتل في سوريا.