كريتر نت – متابعات
تحدثت سارة محمد، ابنة أحد قيادات تنظيم الإخوان المسلمين وزوجة سابقة لقيادي آخر قصتها المثيرة مع الجماعة، وعن بداية وعيها على هذا العالم المغلق، قائلة: “أنا لم أدخل التنظيم، التنظيم هو الذي قادني. والدي الله يرحمه كان قيادياً”.
وسارة محمد نشأت في حضن التنظيم، في بيئة كانت محكومة بالكامل بأفكار تنظيم الإخوان المسلمين، فمن صغرها، كانت محاطة بتعاليم وأيديولوجيات التنظيم الذي كان والدها قياديًا بارزًا فيه، عاشت حياة مليئة بالتناقضات والتجارب الشخصية التي قادتها في نهاية المطاف إلى اتخاذ قرار بالانفصال عن التنظيم.
تقول سارة خلال لقائها في برنامج “مراجعات”، الذي يقدمه الباحث الأكاديمي والسياسي والإعلامي ضياء رشوان عبر شاشة العربية: “فتحت عيني على عالم مملوء بأفكار وشعارات لا أفهمها تمامًا، لكنها كانت تشكل كل تفاصيل حياتنا اليومية.
كنا نعيش في دائرة مغلقة، ممنوع علينا التواصل مع من هم خارج التنظيم.
كانت حياتنا محددة بأفكار التنظيم، حتى الألعاب والأغاني كانت تخص التنظيم فقط.”
بدأت سارة، بحسب ما نشرته “العربية”، منذ سن الرابعة، حين كانت تعيش في الخليج مع عائلتها بسبب عمل والدها هناك، تدرك أن حياتها ليست كحياة الأطفال الآخرين. كانت جزءًا من نظام مغلق ومحدد، يتم تلقينها أدبيات التنظيم بشكل منتظم.
تحدثت عن تلك المرحلة قائلة: “كان هناك شيء اسمه منهج الزهرات والأشبال، ندرس فيه كتبًا وضعها التنظيم.
كل شيء كان له علاقة بالإخوان، حتى الألعاب كانت مشبعة بأفكار التنظيم. نشأت وأنا مؤمنة بأننا الأفضل، وأن الآخرين هم خارج دائرة الإسلام الصحيح.”
تؤكد سارة: “كنت أشعر دائمًا أنني مختلفة عن زميلاتي. كنا نلتقي في المدرسة، لكني لم أكن أستطيع أن أندمج معهم.
كنت أسمع منهم أشياء وأشاهد تصرفات لم أكن أفهمها، وكانت تصطدم بما تربيت عليه”.
وتضيف: “بدأ الشك يتسلل إلى قلبي: هل فعلاً نحن الوحيدون على الحق؟ هل ما نفعله صحيح؟.. هذه التساؤلات المبكرة كانت بداية المراجعات الداخلية لسارة، لكنها لم تكن مستعدة بعد لمواجهة الحقيقة كاملة.
كانت محاطة بجدار سميك من الأيديولوجيات والمعتقدات التي غُرست فيها منذ الصغر.
وعلى الرغم من الشكوك التي بدأت تراودها، وفق “العربية”، استمرت سارة في التكيف مع متطلبات الحياة داخل التنظيم.
أصبحت مسؤولة عن إحدى “الأسر”، وهو الدور الذي فرض عليها التزامًا أكبر وتحملاً لمزيد من المسؤوليات. كانت تُراقب بدقة، وتُحاسب على كل تصرف تقوم به، سواء داخل التنظيم أو خارجه.
تشرح سارة شكل اجتماعات الأسر بقولها: “كنا نملأ جداول متابعة يومية، نكتب فيها كم فرضًا صلينا، وهل قرأنا وردنا اليومي أم لا. كنا نُحاسب على كل شيء، حتى أصغر التفاصيل”.
وتضيف: “كنت دائمًا تحت المراقبة، وإذا أخطأت أو تأخرت في أداء واجب ما، كنت أتعرض للعقاب.
كان عقابي غالبًا منعي من حضور اجتماعات الأسرة، وهو ما كان يعتبر عقوبة كبيرة في نظرهم، لكن بالنسبة لي كان هذا هو المنفذ الوحيد لألتقط أنفاسي بعيدًا عن هذه الأجواء الخانقة.”
تقول: “كنت أشعر أن هناك شيئا خاطئا.
كانوا يقولون لنا أن التنظيم هو الطريق الوحيد إلى الجنة، ولكنني كنت أرى مظاهر من النفاق والازدواجية بين القيادات.
كنت أشعر أن هناك شيئا ما لا يتماشى مع تعاليم الإسلام التي تربينا عليها”.
وتضيف: “كلما حاولت أن أطرح أسئلة أو أبحث عن إجابات، كانوا يواجهونني بالعقاب أو يتهمونني بقلة الإيمان.
كنت أشعر أنني أختنق، ولكن لم يكن لدي الشجاعة لأفصح عن شكوكي علنًا.”
بدأت تدرك أن الولاء المطلق الذي يُطلب منها لا يتماشى مع قيم الصدق والنزاهة التي تؤمن بها، ووفقاً لما ترويه، كان هناك فجوة تتسع يومًا بعد يوم بين ما يُقال لها وبين ما تؤمن به حقًا. هذه الفجوة كانت تزداد وضوحًا مع كل تجربة جديدة تمر بها داخل التنظيم.
كانت لحظة التحول الكبرى في حياة سارة عندما أدركت أن الشكوك التي تراودها ليست مجرد أفكار عابرة، بل هي تعبير عن حقيقة أعمق بأن التنظيم الذي نشأت فيه لم يعد يمثل قيمها ومعتقداتها.
هذه اللحظة كانت بمثابة نقطة اللاعودة بالنسبة لها.
اتخذت سارة قرارها الصعب بالابتعاد عن التنظيم، رغم كل المخاوف والتحديات التي كانت تعرف أنها ستواجهها.
كان هذا القرار بداية رحلة جديدة بالنسبة لها، رحلة البحث عن الذات والحرية بعيدًا عن قيود التنظيم.