محمد سبتي
صحفي أردني
كان النشاط المالي والاقتصادي للإخوان المسلمين طوال (90) عاماً سرّياً، تقوم به شبكات معقدة وشخصيات غامضة، يتراوح بين غسيل الأموال، وإنشاء فروع ومؤسسات مالية وشركات تهريب بضائع وشركات صرافة، بهدف إخفاء مصادر تمويلهم، والتملص من أيّ ملاحقات أمنية، لكن بعد الحملات المناهضة للجماعة، وتصنيفها في الكثير من الدول العربية على قوائم الإرهاب، اعتقد مراقبون أنّ ممارساتهم غير القانونية أصبحت محدودة جداً، إلى أن خرج باحث يمني واتّهم التنظيم الدولي لجماعة الإخوان بتنفيذ عمليات غسيل أموال ونقلها دولياً عبر انتحال اسم مركز دراسات تابع له.
وكشف الباحث عبد السلام محمد في تصريح صحفي أورده موقع (النقابي الجنوبي)، وجود شخص سوري الجنسية انتحل اسم مركزه (أبعاد للدراسات) الذي يديره منذ أعوام، وأنشأ مكتباً باسم المركز في إسطنبول، بدعوى أنّه مرخص في بريطانيا.
ونشر الباحث في تغريدات له على منصة (إكس) وثائق تشير إلى تسجيل اسم مركز (أبعاد للدراسات) في تركيا وبريطانيا باسم المالك الحقيقي (عبد السلام محمد).
وكشف عبد السلام عن معلومات حديثة نشرها بعض المغردين أنّ المركز نقل أموالاً من السودان إلى جهات أخرى، مؤكداً أنّ المعلومات الأولية تشير إلى قرب منتحلي مركزه من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
وأشار عبد السلام إلى وجود مفاوضات جرت قبل نحو عامين مع منتحلي اسم مركز (أبعاد للدراسات)، إلا أنّه قال إنّها توقفت “بسبب إصرارهم على أمر واحد، وهو أن يدفعوا لنا أموالاً مقابل التخلي عن اسم مركز (أبعاد)، وهو ما رفضناه”، حسب قوله.
وأكد عبد السلام أنّ المنتحلين مدعومون من أجهزة دول، وأنّهم ممولون بشكل كبير، لافتاً إلى قيامه برفع دعوى قضائية عند السلطات التركية لملاحقتهم، رغم الحديث عن افتقار المركز للإمكانات المالية لتكليف محامين، مناشداً الراغبين بالتطوع لرفع دعوى قضائية ضد هؤلاء.
وفي سياق متصل قالت قناة (العربية): إنّه وفقاً لمعلومات متوفرة لديها، فقد جرت على يد قيادات الجماعة عمليات غسيل أموال، وتوفير وسائل تمويل للتنظيم، من خلال تأسيس المنظمات الخيرية والجمعيات الإغاثية لتلقي التبرعات، هذا بالإضافة إلى المشاريع التابعة لشخصيات موالية للإخوان بشكل سرّي في عدد من الدول الأوروبية والعربية.
وأضافت مصادر إلى أنّ الكثير من المؤسسات الإخوانية ما تزال إلى الآن تمارس أعمالها بشكل طبيعي، خاصة في دول أوروبية، رغم أنّها خاضعة لرقابة الأجهزة الاستخباراتية.
أمّا في مصر، فقد تمكنت السلطات المصرية من حصر المؤسسات التابعة للجماعة التي كانت تمارس نشاطات بهدف غسيل الأموال، وقد تبين أنّ الإخوان أسسوا في محافظة القاهرة وحدها نحو (28) جمعية، وفي المنيا (78) جمعية، وفي الغربية (67) جمعية، وفي الإسماعيلية (10) جمعيات، وفي بورسعيد (5) جمعيات، واحتلت محافظة الشرقية مسقط رأس الرئيس الراحل محمد مرسي ومحمود عزت القائم بعمل المرشد النصيب الأكبر بنحو (130) جمعية.
وفي الإمارات تنظر محكمة أبو ظبي الاتحادية في القضية رقم (87) لعام 2023، والمتهم فيها عدد من الأشخاص والكيانات الإخوانية، والتي تتعلق بارتكاب جرائم تأسيس وإدارة تنظيم إرهابي وغسل الأموال المتحصلة من “جنايات إنشاء وتأسيس تنظيم سرّي إرهابي”.
ووفق شبكة (سكاي نيوز)، فإنّ المحكمة لديها الكثير من البراهين والأدلة التي تؤكد أنّ الشخصيات الإخوانية والكيانات تقوم بعملية غسيل الأموال بهدف توفير تمويل لتنظيمات إرهابية على المستوى الإقليمي والعالمي.
وفي السياق نفسه، قضت محكمة أبو ظبي مطلع تموز (يوليو) الماضي بإدانة (53) متهماً من قيادات وأعضاء تنظيم الإخوان، و(6) شركات في القضية ذاتها، المعروفة إعلامياً بـ “قضية تنظيم العدالة والكرامة الإرهابي”، وبمعاقبتهم بعقوبات تراوحت بين السجن المؤبد والغرامة البالغ قدرها (20) مليون درهم.
وحكمت المحكمة على (43) متهماً بالسجن المؤبد عن جريمة إنشاء وتأسيس وإدارة “تنظيم لجنة العدالة والكرامة” الإرهابي؛ بغرض ارتكاب أعمال إرهابية على أرض الدولة، وبمعاقبة (5) متهمين بالسجن لمدة (15) عاماً عن جريمة تعاونهم مع تنظيم دعوة الإصلاح الإرهابي، ومناصرته في مقالات وتغريدات نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي مع علمهم بأغراضه المناهضة للدولة.
كما حكمت بمعاقبة (5) متهمين آخرين بالسجن لمدة (10) أعوام، وبتغريم كل منهم (10) ملايين درهم، عن جرائم غسل الأموال المتحصلة من جرائم إنشاء وتأسيس تنظيم إرهابي وتمويله، بحسب ما ذكرت وكالة أنباء الإمارات (وام).
وفي الإطار ذاته كشفت تحقيقات المخابرات التركية مع الإخوان قبل نحو عامين تورطهم في عمليات غسيل أموال.
وأكدت تحقيقات الاستخبارات التركية، وفق ما نقل موقع (ترك برس)، عن تبرعات وصناديق وجمعيات تابعة للإخوان تمتلك الكثير من الأموال بشكل سرّي، وتنفقها بشكل غامض، خاصة في مساعدة أسر تابعة لتنظيم (داعش)، وقد ساعدت عناصر التنظيم مادياً من خلال وسطاء سوريين، هذا إلى جانب مساعدة عناصر وقيادات الجماعة المقيمين في تركيا وسوريا.
المصدر : حفريات