فتحي أحمد
وصل بول برايمر الحاكم السابق للعراق إلى بغداد في 12 مايو عام 2003 وبعد وصوله بأيام قليلة أصدر قرارا بحل الجيش وجميع المؤسسات ذات الصلة بالأمن الوطني وكل التشكيلات العسكرية، وأنهيت خدمات جميع المنتسبين إلى الجيش العراقي، وأعلن عن إنشاء جيش عراقي جديد من الجيش القديم والميليشيات الشيعية والكردية. لكن الصورة في سوريا بعد سقوط الأسد تبدو مختلفة.
لم يسجل أي اختراق حتى اللحظة، أو تدخل أجنبي مباشر، فالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أعلن في وقت سابق عبر منصته للتواصل الاجتماعي تروث سوشال أن على الولايات المتحدة ألا “تتدخل” في الوضع في سوريا.
وفي سوريا بعد هروب الأسد ما زالت المعارضة هي من تدير شؤون الدولة، وغياب الدور الأميركي واضح للعيان، أما ما يدور خلف الغرف المغلقة أمر آخر لا أحد يقدر أن يتكهن بما يجري.
كيف نفكر في الوجود الإيراني في سوريا ما بعد الأسد؟ يبدو بأن إيران فقدت أهم معقل وقاعدة متقدمة لها، كما أن ورقتها في لبنان” حزب الله” بات هشا ضعيفا لا يقوى على فرض سيادته وقراره في لبنان، من هنا أستطيع القول بأن المرحلة القادمة بدأت تتشكل من دون إيران التي تركت بصمات سيئة لا يغفرها التاريخ، فالشعب السوري عاش تلك الفترة وشاهد بأم عينيه ماذا فعلت إيران وروسيا عندما اسقطتا عليه المئات من أطنان البارود على رؤوس الأبرياء في عموم سوريا.
يتعين قبل كل شيء أن نعرف بأن لإسرائيل مصالح في سوريا، في المقام الأول لإضعاف المحور الإيراني السوري، ومنع إيران من استخدام سوريا، كما فعلت في الماضي، لإعادة تسليح حزب الله.
وبنى نتنياهو سياسة الحفاظ على نظام الأسد، على افتراض أنه من الأفضل لإسرائيل أن يكون لديها عدو تعرفه خاصة عندما يتم إضعافه وردعه بدلاً من عدم اليقين أو استيلاء الإسلاميين على سوريا.
أفرايم هليفي الرئيس السابق لشعبة المخابرات الإسرائيلية توقع أن حربا أهلية طويلة الأمد في سوريا لن تكون في صالح إسرائيل أيضا، خاصة وأن الصراع فيها يجذب بشكل مستمر عناصر متشددة من أرجاء المنطقة ويهدد بزعزعة محيط إسرائيل، بما في ذلك لبنان والأردن والعراق.
كما أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية، أن “سقوط نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، سيكون خطرا على أمن إسرائيل.”
طبيعة المرحلة القادمة لم تتضح بعد، ولكن رغم تصريحات ترامب ألا يتدخل في سوريا، فهنالك تفصيلات بالغة الأهمية لا تغفلها أي إدارة أميركية بغض النظر عن لونها، وهي أمن إسرائيل أولا وأخيرا، وحماية حدودها مع سوريا، بجانب عدم تشكل حركات إسلامية تشكل خطر على إسرائيل، والأهم من ذلك أن تكون سوريا خالية تماما من ميليشيات إيران.
لكن بلا ريب أمام من سيتولى حكم سوريا معضلات جمة، من التواجد الروسي في قاعدة الحميميم، واحتلال تركيا لأجزاء من سوريا، إلى الأكراد الذين يسيطروا على الشمالي الشرقي من سوريا الطامعين في دولة كردية هناك. وأخيرا ما قد يميز ما بعد ثورة ناجحة ليست القواعد الجديدة فقط، وإنما أساساً زوال ما خلفه النظام السابق، لننتظر، وإنا مع إخواننا في سوريا منتظرون.
نقلا عن العرب