بقلم/ محمد عسكر
وزير حقوق الإنسان اليمني (السابق)
في ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، يحتفل العالم بإنجازات الشعوب في تعزيز حقوق الإنسان، كما نشهد الاحتفالات بانتصار الشعب السوري في ممارسة حقه الأصيل في تقرير مصيره، من خلال إزالة نظام استبدادي مارس انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان لعقود طويلة. هذا الانتصار يعكس الإرادة الشعبية في السعي لتحقيق العدالة والحرية، وهو حق أصيل نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: حجر الأساس
منذ اعتماده في 10 ديسمبر 1948، شكّل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إطارًا عالميًا يعكس التزام المجتمع الدولي بحماية الحقوق الأساسية للإنسان، بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الدين أو العرق. هذه الوثيقة التاريخية تمثل معاهدة دولية بحماية كرامة الإنسان وضمان حقوقه.
الحق في السلام: ركيزة حقوق الإنسان
في ظل موجة النزاعات والحروب المستمرة التي يشهدها العالم، وخاصة في منطقتنا، باتت الدول ومؤسساتها الضامنة لحقوق الإنسان في مواجهة تحديات كبيرة.
إن الحق في السلام يشكل أساسًا لا غنى عنه لضمان وحماية الحقوق الإنسانية الأخرى. من دون السلام، يصبح تحقيق العدالة الاجتماعية والاستقرار أمراً بعيد المنال.
الحق في مستوى معيشي كريم
كما تؤكد المادة 25 من الإعلان العالمي، “لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفل له ولأسرته الصحة والرفاهية.”
ومع ذلك، فإن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، كما هو الحال في اليمن، تسلط الضوء على انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان الاقتصادية. فعلى سبيل المثال، يعاني العاملون في القطاعات الأساسية مثل التعليم والصحة من أجور لا تتجاوز 30 دولارًا شهريًا، ما يُفاقم من معاناة ملايين الأسر. هذه الانتهاكات الاقتصادية تقوض أسس التنمية المستدامة وكرامة الإنسان.
الحق في وجود مؤسسات دولة قوية
يُعد وجود دولة ذات مؤسسات فعّالة ركيزة أساسية لحماية حقوق الإنسان. كما نصت المادة 28 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
“لكل فرد الحق في نظام اجتماعي ودولي يمكن أن تتحقق فيه الحقوق والحريات المنصوص عليها.”
بدون دولة قوية ومؤسسات ضامنة، يصبح من الصعب إنفاذ الحقوق الأساسية أو توفير الحماية اللازمة لها. إن تفكيك الدول أو إضعاف مؤسساتها، سواء من الداخل أو الخارج، يُمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان، ويُقوّض الجهود الدولية لتحقيق الأمن والتنمية.
الموازنة بين تقرير المصير واستقرار الدولة
في أي عملية تسعى الشعوب من خلالها إلى تقرير مصيرها، يجب أن يُراعى عدم المساس بوحدة الدول وسلاك أراضيها أو تقويض مؤسساتها، لأن تفكيك الدولة أو إضعاف مؤسساتها يُعد انتهاكًا جسيمًا لحقوق الإنسان. ويشمل هذا الانتهاك أفعال الأفراد، الجماعات، أو الدول التي تهدف إلى زعزعة استقرار المؤسسات الوطنية.
على النقيض من ذلك، يتطلب تحقيق تطلعات الشعوب تعزيز دور المؤسسات وترسيخ سيادة القانون. ويجب أن يتم أي تغيير من خلال آليات قانونية واضحة وتعديلات تشريعية، تدار خلال فترة انتقالية تُحقق الاستقرار وتحمي حقوق الإنسان.
ختامًا، لا يمكن ضمان حقوق الإنسان إلا من خلال دولة قوية ومؤسسات فعّالة تعمل على تلبية تطلعات شعوبها، مع احترام سيادة القانون والحفاظ على استقرار المجتمعات. تحقيق هذا الهدف هو مسؤولية دولية مشتركة تتطلب التزامًا مستمرًا من جميع الأطراف، لحفظ الأمن والسلم الدوليين.