كريتر نت / تعز
عاد التوتّر مجدّدا إلى مدينة تعز مركز المحافظة اليمنية التي تحمل نفس الاسم، وذلك بسبب نشاط ميليشيا تابعة لحزب الإصلاح ذراع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، تحمل اسم “الحشد الشعبي” وتقول المصادر إنّها مموّلة بسخاء من قبل قطر، وتمّ رفدها مؤخرا بمزيد من المقاتلين والأسلحة لتكون القوّة الضاربة للحزب في المحافظة ذات الوزن السكّاني الكبير والموقع الاستراتيجي المطلّ على مضيق باب المندب.
وإضافة إلى الميليشيا الخاصّة بهم، يستفيد إخوان اليمن من وضع شاذّ يتمثّل في وجود أتباع لهم من كبار الضباط على رأس وحدات عسكرية تابعة للقوات النظامية، وغالبا ما يوظّفون تلك القوات في خدمة أهداف الجماعة وتوجّهاتها ومقارعة خصومها وأعدائها، ليبدو الأمر وكأنّه قتال قوات نظامية ضدّ خارجين على القانون وهو ما تشهده تعز أيضا.
ودشّن الحزب منذ أسابيع عبر ذراعه العسكرية حملة للسيطرة على المدينة مستهدفا أكبر خصومه هناك وفي مقدّمتهم كتائب أبي العباس، وهو فصيل من المقاومة السلفية منخرط في جهود تحرير المناطق اليمنية من الحوثيين بقيادة عادل عبده فارع.
ويخوض الإخوان حملتهم داخل المناطق السكنية ما يفسّر سقوط ضحايا في صفوف المدنيين، إضافة إلى الخسائر المادية في الأبنية والممتلكات.
وقتل، الخميس، طفلان وأصيب العشرات من الأشخاص بجروح في اشتباكات جديدة اندلعت في المدينة. وقال مسؤولون محلّيون إنّ المواجهات بالأسلحة الرشاشة ترافقت مع قصف مدفعي بالأسلحة الثقيلة.
وذكر أحد المسؤولين أن الاشتباكات دارت “بين قوات مقرّبة من جماعة الإخوان المسلمين وقوات أخرى قريبة من السلفيين”، في إشارة إلى كتائب أبي العبّاس.
وأكّد أطباء في مستشفى الثورة في المدينة تلقي جثتي طفلين، إضافة إلى معالجة العشرات من الجرحى، بينهم مدنيون.
#عاجل #تعز الآن كافة مساجد وبيوت المدينة القديمة ترفع اصواتها ب (حسبنا الله ونعم الوكيل)، بعد هجوم بكافة الأسلحة من قبل مليشيا الحشد الشعبي التابعة للإخوان حزب الإصلاح على المدينة.
— جمال بن عطّاف (@Ben_ataf) April 25, 2019
وقال سكّان لوكالة فرانس برس عبر الهاتف إن مكبّرات الصوت في المساجد تدعو إلى إنقاذ الجرحى ووقف الهجوم.
وأوضح أكرم الشوافي وهو ناشط حقوقي أنّ “سكّان المدينة القديمة، إحدى مناطق مدينة تعز، أطلقوا نداء استغاثة لإخراج الجرحى المدنيين وسط الأحياء نتيجة القصف”، محذّرا من أنّ “المدينة القديمة تشهد مجزرة حقيقية”.
وكانت منظمة أطباء بلاد حدود أعلنت في وقت سابق هذا الأسبوع مقتل خمسة أشخاص وإصابة 91 بجروح في اشتباكات مماثلة شهدتها المدينة بين يومي الجمعة والثلاثاء الماضيين.
وبينما يقاتل الإخوان للسيطرة على المدينة، يفرض المتمردون الحوثيون الذين يقاتلون القوات الحكومية منذ نحو خمس سنوات حصارا على تعز.
وتتّهم أطراف يمنية جماعة الإخوان المسلمين بعقد صفقة مع الحوثيين برعاية قطرية لتوحيد جهودهما ضدّ باقي القوى اليمنية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية، والذي تناصبه الدوحة العداء وتأمل في عرقلة جهوده باليمن.
وبينما كانت المعارك مندلعة، الخميس في تعز، بادر الحوثيون بتنفيذ قصف عشوائي على بعض أحياء المدينة، حيث أسفر سقوط قذيفة مدفعية على إحدى المدارس عن مقتل طالبة وجرح خمس أخريات.
وكانت تعز من المحافظات المهمّة التي تشبّث بها المتمرّدون لموقعها الاستراتيجي. وبذلت جهود كبيرة لتحرير أجزاء مهمّة منها. وعزا متابعون للشأن اليمني الوقت الطويل نسبيا الذي استغرقته تلك الجهود لقوّة جماعة الإخوان في تلك المحافظة، وتراخيها في أحيان كثيرة في المشاركة في جهود التحرير جنبا إلى جنب قوى أخرى تناصبها العداء.
وامتدت مواجهات الخميس إلى حي الجمهوري وشارع التحرير الأعلى، مطلقة موجة نزوح سكّاني. وبحسب شهود عيان، فقد بادرت ميليشيا “الحشد الشعبي” الإخوانية بقصف أحياء في تعز بشكل عشوائي، وقال الناشط الجنوبي والوجيه القَبلي جمال بن عطاف عبر تويتر “كافة مساجد وبيوت المدينة القديمة ترفع أصواتها بحسبنا الله ونعم الوكيل، بعد هجوم بكافة الأسلحة من قبل ميليشيا الحشد الشعبي التابعة للإخوان”، كما أرفق تغريدته بشريط فيديو يظهر الدخان متصاعدا من عدد من أبنية تعز.
كذلك رصدت مواقع إخبارية يمنية شروع مستشفيات بالمدينة بإخلاء المرضى المتواجدين فيها، تحسّبا لاقتحام ميليشيا الإخوان للمستشفيات بحثا عن جرحى من الأطراف المعادية لها. كذلك أغلق فرع البنك المركزي بتعز أبوابه، ورفض إتمام المعاملات.
وتصف المصادر المحليّة الوضع القائم في مدينة تعز بأنّه “مخيف وينذر بفوضى أمنية عارمة”.
وتربط “تصعيد الميليشيا الإخوانية في تعز بقدوم المحافظ الجديد نبيل شمسان إليها موفدا من قبل نائب الرئيس اليمني علي محسن صالح الأحمر لفرض ترتيبات أمنية جديدة في تعز، واضعا تحت تصرّفه القوات الموالية له رغم أنّها محسوبة كجزء من القوات النظامية التابعة للسلطة الشرعية”.
وباشرت تلك القوات بالفعل عمليات ملاحقة لخصوم الإخوان من سياسيين، وأيضا من مقاومين مسلّحين مشاركين في مواجهة المتمرّدين الحوثيين.
وحاولت حكومة عبدربه منصور هادي لاحقا ضبط الأوضاع في تعز بتوجيه أوامر بوقف القتال إلاّ أن زمام الأمور أفلت على ما يبدو من يدها، حيث لم تستجب القيادات العسكرية الإخوانية للأوامر وواصلت محاولتها تصفية خصومها من كلّ المشارب الفكرية والألوان السياسية.
وأقدمت ميليشيا الإخوان خلال الفترة الماضية على إحراق مقرّ لحزب المؤتمر الشعبي العام والتحرّش بمنازل بعض من أعضائه من خلال إطلاق النار باتجاهها، فيما داهمت عناصرها مقرّات تابعة للسلفيين من بينها إذاعة محلّية ناطقة باسمهم ودمّرت محتوياتها.