كريتر نت – متابعات
وضعت تصريحات للمرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، لمّح فيها إلى التخلي عن مبدأ “وحدة الساحات”، ما يسمى بـ”محور المقاومة” في صدمة؛ فبعد أكثر من سنة من القتال وتنفيذ هجمات ضد إسرائيل انتهت بانهيار حزب الله وحركة حماس وسقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد كنتيجة لما حدث، بينما يترقب الحوثيون والميليشيات الولائية في العراق مصيرهم، خرج خامنئي ليعلن أن بلاده لا تحتاج إلى وكلاء، في خطوة تعد بمثابة إعلان غير مباشر للتخلي عنهم.
وتعكس التصريحات التي تأتي بعد مرور أيام فقط على تأكيد خامنئي أن “محور المقاومة” لم ينهر، حجم الارتباك الذي تمر به إيران خاصة بعد سقوط نظام الأسد الذي يغلق ممر السلاح إلى حزب الله في لبنان.
وبعد فترة من الحديث عن “وحدة الساحات” والمصير المشترك، وعقود من الدعم بالمال والسلاح اعتبر خامنئي أن الميليشيات الموالية مجرد “قوى مؤمنة تقاتل من أجل عقيدتها.”
وتدعم إيران الحوثيين في اليمن وحركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، وقدمت دعما كبيرا على مدى عقود لحزب الله.
كما وفّرت طهران دعما سياسيا وماليا وعسكريا لسوريا خلال حكم الأسد، وأرسلت “مستشارين” عسكريين لمساعدة قواته عقب اندلاع النزاع في بلاده عام 2011.
وخلال الأشهر الماضية تعرّضت حركة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني لضربات قاسية على يد إسرائيل، العدو الإقليمي اللدود للجمهورية الإسلامية.
وبعد سقوط الأسد وانهيار حزب الله لم يبق حاليا سوى الحوثيين الذين يطلقون على إسرائيل من حين إلى آخر صواريخ من المرجح أن تتوقف بعد تصريحات خامنئي، في حين اختارت الميليشيات الولائية في العراق التهدئة تحت ضغوط داخلية خاصة من رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بالإضافة إلى الأخبار المتواترة بشأن حل الحشد الشعبي أقوى الميليشيات الموالية لإيران في البلاد.
وقال خامنئي الأحد “ليست لدى الجمهورية الإسلامية قوات بالوكالة، وإذا أردنا يوما ما اتخاذ إجراء ضد العدو، فلن نحتاج إلى قوّات بالوكالة،” مشددا على أن حلفاء طهران “يقاتلون لأنّ عقيدتهم تدفعهم إلى ذلك.”
وتقول الكاتبة الإيرانية منى سالم الجبوري في مقال نشر في موقع ميدل إيست أونلاين “ما قاله خامنئي هو في الحقيقة سعي من أجل التغطية على الهزيمة القاسية التي لحقت بالنظام من خلال ما حدث لوكلائه ولحليفه السابق بشار الأسد.”
و”وحدة الساحات” هو مصطلح استخدمته إيران والميليشيات التي تدعمها في عدد من الدول العربية فى الفترة الأخيرة، للتأكيد على أن أي هجوم على إحدى الجماعات أو الميليشيات المدعومة منها، سيكون بمثابة هجوم على الجميع.
أما ما يسمى بـ”محور المقاومة” فهو تحالف عسكري غير رسمي شكلته إيران على مدى أربعة عقود لمواجهة إسرائيل والولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وعلى جبهات متعددة في الوقت نفسه.
وقال الخبير في الشؤون الإيرانية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية في القاهرة محمد عباس ناجي إن تصريحات خامنئي تعبر عن حالة الارتباك التي تعاني منها طهران بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، وهي تتناقض مع أخرى أطلقها خامنئي أيضا تحدث فيها عن أن إيران تقود “محور المقاومة” في المنطقة وأنها ستواصل دعم منظمات المقاومة.
وأضاف لـ”العرب” أن فقدان حلقة الوصل بين طهران وحركة حماس في غزة وحزب الله اللبناني ثم سقوط النظام السوري بمثابة زلزال مازالت تبعاته تؤثر بشدة على المرشد الأعلى وقيادات الدولة الإيرانية.
وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن المشكلة الأكبر التي تواجه طهران حاليا هي أن النظام الجديد الذي سيحل محل الأسد في سوريا لن يبني علاقات إيجابية مع إيران، وتصريحات أحمد الشرع (أبومحمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام) التي أشار فيها إلى أن ما حدث في سوريا أعاد المشروع الإيراني أربعين عاما إلى الوراء تبرهن على ذلك، وأن التوتر بين الجانبين من المحتمل أن تظهر معالمه خلال الأيام المقبلة، ما يزيد من قلق المرشد الإيراني مع توقع حدوث المزيد من الضغوط على بلاده في الفترة القادمة، في ظل تصريحات إسرائيلية ترى منح أولوية لعملية ضرب إيران وليس جماعة الحوثي.
وشدد عباس ناجي على أن إيران لم تتخل بشكل نهائي عن وكلائها، وقد تكون مرغمة على ذلك لأن محورها (المقاومة) تم إضعافه مع القضاء بشكل كبير على القدرات العسكرية لكل من حماس وحزب الله، ولم يبق لديها سوى وكلاء في اليمن والعراق، وبذلك بدأ حضور إيران الإقليمي يتراجع بشكل ملحوظ.