الحبيب الأسود
قالت الهيئة الوطنية للإعلام في مصر إنها قررت منع استضافة العرّافين والمنجّمين على كل القنوات والإذاعات والمواقع التابعة لها، وذلك في إطار “مواجهة الترويج للخرافات واحترام العقل وتعزيز المعرفة العلمية،” وفق ما أكده رئيس الهيئة أحمد المسلماني في بيان، شدد فيه على ضرورة الابتعاد عن الترويج لممارسات المنجّمين والمشعوذين “الذين يسعون لبناء شهرة كاذبة عبر تقديم توقعات عشوائية لا أساس علمي لها،” معتبرا أن من واجب وسائل الإعلام “التصدي للجهل الذي يستهدف إهانة العقل وتسفيه المعرفة.”
لكن المهتمين بالموضوع سيجدون طرقا عدة للنفاذ إلى تنبؤات المنجمين والعرافين والفلكيين الروحانيين، وخاصة على القنوات اللبنانية التي تعتبر استضافة نجوم التنجيم من أهم فقرات برامجها الخاصة باستقبال العام الجديد أو عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، ووصولا إلى الكتب السنوية التي تصدر في بيروت، وأبرزها كتاب ماغي فرح الذي يبقى الأكثر رواجا ومبيعا وانتشارا.
تنبؤات المنجمين لن تغير الواقع ولن تثير الشعوب ضد الأنظمة، وكان من الممكن التعامل معها كمادة ترفيهية خصوصا عندما يتعلق الأمر بالأبراج التي عادة ما تخصص لها الجرائد والمجلات أركانا قارة يكتبها صحافيون في أغلب الأحيان من باب التسلية.
ومع ذلك، فإن شعوب الغرب المتقدم تهتم بالتنجيم ولم نسمع من يتهمها بالتخلف والجهل؛ في الولايات المتحدة مثلا، وبينما ترتفع نسبة البالغين غير المنتمين إلى أي دين، هناك اعتقاد واحد يبدو أنه يجمع نسبة كبيرة منهم وهو علم التنجيم الذي يمثل صناعة كبرى لها جمهورها الواسع، وتدر على أصحابها ثروات طائلة.
من ذلك أن دراسة كشفت أن إيرادات علم التنجيم عبر الإنترنت نمت في عام 2020 بنسبة 64.7 في المئة لتصل إلى 40 مليون دولار في الولايات المتحدة وحدها.
كما أن أحد آخر الاستطلاعات كشف أن أكثر من ربع الأميركيين (27 في المئة)، بما في ذلك 37 في المئة من البالغين تحت سن الثلاثين، يقولون إنهم يؤمنون بعلم التنجيم، ويعتقدون أن موقع النجوم والكواكب يؤثر على حياة الناس.
ويرى حوالي نصف الأميركيين (51 في المئة) أنهم لا يؤمنون بعلم التنجيم، و22 في المئة غير متأكدين من صحته.
فوق ذلك، فإن الأميركيين الأصغر سنًا يؤمنون بعلم التنجيم أكثر من الأميركيين الأكبر سنًا. وفي حين أن 37 في المئة من البالغين تحت سن الثلاثين يقولون إنهم يؤمنون به، فإن أقل من نصف عدد الأميركيين الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكبر يقولون إنهم يؤمنون به (16 في المئة). ومن المرجح أن تقول النساء (30 في المئة) إنهن يؤمنّ بعلم التنجيم أكثر من الرجال (25 في المئة).
في فرنسا أثبت استطلاع أجرته مؤسسة إيفوب مع مؤسسة جان جوريس أن أربعة من كل عشرة فرنسيين يقولون إنهم يؤمنون بعلم التنجيم أو ما يسميه البعض بالعلوم الموازية التي لم تثبت في يوم من الأيام أنها علوم حقيقية، وإنما هي امتداد لتجارب إنسانية ضاربة في القدم، وعرفتها كل الحضارات القديمة في الصين والهند وبلاد الرافدين ومصر وروما واليونان وغيرها.
من بين الفرنسيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما، يؤمن ما يقرب من 70 في المئة بالتنجيم، ويقول 58 في المئة من المستجوبين من جميع الأعمار مجتمعة، إنهم يؤمنون بأحد فروع التنجيم والعرافة الأقل، وهي: خطوط اليد، والسحر، والاستبصار، وعلم الأعداد، وعلم الكارتوماسي، وحركة النجوم. عموما يؤمن 41 في المئة من الفرنسيين بهذا العلم بزيادة 8 في المئة عن عام 2000.
لنقل إن الأمر يتعلق بالخرافة، ولكن من له الجرأة على التصدي لخرافات أخرى كثيرة تسيطر على حياتنا بدعم حكومي مباشر، ولا يستطيع المسلماني منع التطرق إليها في وسائل الإعلام المصرية.
نقلا عن صحيفة العرب