كريتر نت – متابعات
تزيد الغارات الإسرائيلية على اليمن ردّا على هجمات المتمردين الحوثيين من انهيار ما تبقى من البنية التحتية المتردية أصلا، ما يفاقم من معاناة اليمنيين. واستهدفت تل أبيب الأسبوع الماضي ميناء الحديدة الحيوي الذي يعد أحد أبرز موانئ اليمن، مخلفة خسائر قال الحوثيون إنها تناهز 313 مليون دولار.
ويقول مراقبون إن هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وعلى تل أبيب لم تحقق هدفهم المعلن وهو نصرة غزة بل تدمر ما تبقى من البنية التحتية في البلاد، وهو ما يعمق أزماتها. ولا يتوقع هؤلاء المراقبون تراجعا حوثيا عن الهجمات إذ أنها تخدم أجنداتهم الداخلية بالأساس، ما يسمح لإسرائيل بشن المزيد من الهجمات وبالتالي وقوع خسائر أكبر. ويعيش اليمنيون حالة من التوتر الواسع وسط مخاوف من تصاعد أكبر للمواجهات بين جماعة أنصارالله الحوثية وإسرائيل مع تواصل التهديدات المتبادلة بين الجانبين.
وخلال الأيام الماضية، صعدت جماعة الحوثي المدعومة من إيران هجماتها على إسرائيل، عبر إطلاق صواريخ بالستية وطائرات مسيرة. وبعض هذه الهجمات أدى إلى وقوع إصابات في تل أبيب خلال تدافع الملايين إلى الملاجئ خشية تعرضهم لنيران ضربات الحوثيين. وتعليقا على تصاعد هذه الهجمات، توعد رئيس الوزراء الإسرائيل بنيامين نتنياهو، بالقيام بتحرك عسكري قوي ضد الحوثيين.
وقال نتنياهو، بعد تلقيه إحاطة من مسؤولين عسكريين في مدينة صفد الواقعة شمالي إسرائيل “تماما كما تحركنا بقوة ضد أذرع الإرهاب في محور الشر الإيراني، فإننا سنتحرك أيضا ضد الحوثيين.” واتهم نتنياهو الحوثيين بتهديد الملاحة العالمية والنظام الدولي، ودعا الإسرائيليين إلى الثبات.
◙ المراقبون لا يتوقعون تراجعا حوثيا عن الهجمات إذ أنها تخدم أجنداتهم الداخلية بالأساس ما يسمح لإسرائيل بشن المزيد من الهجمات
وردا على ذلك، تحدث عضو المجلس السياسي الأعلى للجماعة محمد علي الحوثي” نقول لنتنياهو اليمن أبعد عليه من عين الشمس، فاليمنيون لا يخافون اليهود ولا يكترثون لأيّ تهديدات، بل يعتبرونها تصريحات جوفاء، ومن لا يعلم الحقيقة، فليسال عن الشعب اليمني وشجاعته وقوته وصموده واستبساله.”
وأضاف الحوثي في كلمة مصورة أن “الشعب اليمني سيستمر في إسناده لقطاع غزة مهما كانت التضحيات.” وبعد تكثيف الهجمات الحوثية، شنت إسرائيل مساء الخميس الماضي الهجوم الرابع على مناطق تحت سيطرة الحوثيين في اليمن.
وأعلنت جماعة الحوثي، مقتل 6 أشخاص وإصابة 40 آخرين بغارات إسرائيلية مساء الخميس استهدفت مطار صنعاء الدولي ومواقع أخرى في محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر بينها الميناء الرئيسي. وكانت إسرائيل قد شنت ثلاث هجمات على منشآت حيوية يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، خلال يوليو وسبتمبر الماضيين وديسمبر الجاري.
وأبرز هذه الهجمات استهدفت ميناء الحديدة الحيوي الذي يعد أحد أبرز موانئ اليمن. ومع استمرار تصاعد التوتر، من المرجح أن تنفذ إسرائيل ضربات جديدة على الحوثيين ردا على هجماتهم. وقد هدد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس باستهداف قادة الحوثيين في صنعاء، وفي كل شبر من اليمن.
في المقابل، أقرت جماعة الحوثي رفع الجاهزية في عموم مستشفيات العاصمة صنعاء، تحسبا لهجوم إسرائيلي. كما عقدت لجنة الطوارئ الحوثية خلال الأيام الماضية أكثر من اجتماع ناقش مسألة رفع الجاهزية في مواجهة إسرائيل.
ومع استمرار المواجهات في قطاع غزة، ثمة من يتوقع تواصل التصعيد بين الحوثيين وإسرائيل، خصوصا مع تصلب موقف الجماعة اليمنية. ويرجح الباحث اليمني شكري حسين بأن مسار المواجهات بين جماعة الحوثي وإسرائيل آخذ في التصاعد خلال الفترة المقبلة.
وأضاف لوكالة الأنباء الألمانية أن ترجيح ذلك يأتي في ظل التشدد الذي تبديه جماعة الحوثي وإصرارها على المواجهة مع إسرائيل، خصوصًا بعد وصول مسيّراتها وصواريخها البالستية إلى قلب تل أبيب، والانزعاج الذي أحدثته على المستوى الرسمي والشعبي في إسرائيل.
ووفق حسين” ترى إسرائيل في هجمات الحوثيين أمرًا مقلقًا ينبغي تجاوزه ووضع حد له، للتفرغ التام إلى مشكلتها العويصة في غزة، تزامنًا مع ضغوط شعبية لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، المرهون أمرهم بوقف إطلاق النار الذي ترفضه إسرائيل حتى تتحقق أهدافها كاملة وأهمها القضاء على حركة حماس وإدارة قطاع غزة.”
وأردف “عطفًا على ما تقدم فالسيناريو المحتمل مواصلة الهجمات بين الطرفين دون أن يتمكن أحدهما من فرض إرادته على الآخر إلا في حال كان هناك إجماع دولي للخروج من هذه الأزمة.” وأشار الباحث إلى أن “جماعة الحوثي لا يهمها ما تتعرض له المنشآت الحيوية في اليمن من خراب وتدمير، بقدر الحرص على الترويج لنفسها كقوة فاعلة ومؤثرة على الأرض، وهي بتلك الهجمات ترسل رسائل إلى العالم والإقليم تحديدا أنها قادرة على فرض المعادلة التي تسعى إليها.”
وذكر حسين أن “محصلة غارات إسرائيل لن تخرج عن إطار المنشآت الحيوية التي ستزيد حتما من المعاناة الإنسانية في اليمن الذي سافرت عنه الطمأنينة وانسلت الفرحة من عيون أبنائه.” ويواصل الحوثيون هجماتهم وسط معارضة كبيرة لهم في اليمن وتحذيرات من تدمير أكبر للبلاد التي تعاني أزمة كبيرة منذ عقد.
ويعتقد الإعلامي والباحث اليمني صادق الوصابي، أن “الحوثي أعطى ببساطة الضوء الأخضر لإسرائيل لتدمير مقدرات اليمن، وكل خطواته التصعيدية لم تقدم لغزة أيّ دعم بقدر ما دمرت وستدمر مقدرات اليمن.” وأضاف الوصابي أن “الحوثي يستخدم ذريعة حربه على إسرائيل لتجنيد المزيد من اليمنيين، بمن فيهم الأطفال، وتحويل اليمن إلى ساحة صراع.” وتابع “بعض النُخب منها الفلسطينية والتي تعيش بمأمن ورخاء خارج غزة، تطمح بشكل عجيب لأن يكون اليمن نسخة من غزة.”