كريتر نت – متابعات
أصدرت السلطات القضائية في البرازيل أمرا عاجلا للشرطة بتوقيف جندي إسرائيلي والتحقيق معه بتهم تتعلق بارتكابه جرائم في غزة، وبناء على شكوى جنائية تقدمت بها مؤسسة حقوقية.
ويعد هذا التحرك البرازيلي تطورا قانونيا كبير على طريق ملاحقة الجنود الإسرائيليين المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في العدوان الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وراح ضحيته نحو 46 ألف شهيد و109 آلاف مصاب، فضلا عن أعداد لا تحصى من المفقودين تحت ركام منازلهم، حسب إحصاءات وزارة الصحة في غزة.
ويعود إصدار الأمر القضائي -الذي اطلعت الجزيرة نت على نسخة منه- إلى المحكمة الفدرالية بالبرازيل بعد موافقة المدعي العام الاتحادي، وبناء على الشكوى الجنائية التي تقدمت بها مؤسسة “هند رجب” قبل أسبوع ضد المشتبه فيه الإسرائيلي، والذي يتواجد حاليا في البرازيل في إجازة من أجل السياحة.
ومؤسسة “هند رجب” نشأت تكريما لذكرى الطفلة هند رجب (6 سنوات) التي قتلها الاحتلال الإسرائيلي مع جميع أفراد أسرتها في حي تل الهوى (جنوب غربي قطاع غزة) في يناير/كانون الثاني 2024، عندما كانوا يحاولون النجاة بأنفسهم من القصف.
وتهدف المؤسسة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين، بما في ذلك المتواطئون والمحرضون على العنف ضد الفلسطينيين، وذلك عبر الدعاوى القضائية في كل من المحاكم الدولية والوطنية، حسب موقع المؤسسة على الإنترنت.
الاتهامات
وتتهم الشكوى المشتبه فيه “بالمشاركة في هدم أحياء مدنية كاملة في غزة خلال حملة ممنهجة، وهذه الأفعال هي جزء من جهد أوسع لفرض ظروف معيشية غير محتملة للمدنيين الفلسطينيين، كما تشكل إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي”.
وتتضمن الأدلة التي تم تقديمها مقاطع فيديو وبيانات تحديد الموقع الجغرافي وصورا تظهر المشتبه فيه شخصيا وهو يزرع متفجرات ويشارك في تدمير أحياء كاملة، و”هذه المواد تثبت دون شك تورط المشتبه فيه مباشرة في هذه الأفعال الشنيعة”. حسب بيان صادر عن مؤسسة “هند رجب” أمس الجمعة.
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، قال دياب أبو جهجه رئيس مؤسسة “هند رجب” إن قرار التوقيف يمثل “اختراقا قانونيا”، وتأتي أهميته من أنه للمرة الأولى لا يتم فقط فتح تحقيق من قبل الادعاء، بل “يصدر قرار ظني من قبل الادعاء وتتبناه المحكمة وتصدر بناء عليه أمرا قضائيا مستعجلا للقوى الأمنية لأخذ الإجراءات الضرورية لاستكمال التحقيق، بما في ذلك احتمال التوقيف على الأقل”.
وأضاف أبو جهجه أنه كانت هناك “أكثر من حالة مشابهة وكانت هناك بداية تحركات قضائية، لكن الجنود الإسرائيليين كانوا يهربون إلى فلسطين المحتلة أو يتم تهريبهم، كما حصل مع 30 حالة مشابهة بناء على الدعاوى التي رفعناها، وتكرر ذلك في قبرص وسيرلانكا وتايلاند والأرجنتين وهولندا”.
وحسب البيان الصادر عن مؤسسة “هند رجب”، فقد انضمت عائلات دُمرت منازلها إلى هذه القضية بوصفهم مدعين، كما منحوا وكالة لفريق الدفاع القانوني الخاص بالمؤسسة، معتمدين عليهم لمتابعة العدالة نيابة عنهم.
تشجيع دول أخرى
وقال أستاذ القانون الدولي بالجامعة العربية الأميركية رائد أبو بدوية إن البرازيل إحدى الدول الموقعة على “اتفاق روما”، كما أن قانونها الوطني ينص على أنه بإمكانها محاكمة أي مجرم حرب أو مرتكب جريمة ضد الإنسانية وفقاً لقوانينها الوطنية، وهذا ما مارسته فعلا في هذه القضية.
وأضاف أبو بدوية -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن هذه تعد سابقة فعلا، لأن هذا التحرك ليس فقط ضد المستويات السياسية الإسرائيلية، بل حتى ضد الجنود الذين يثبت ارتكابهم هذه الجرائم.
وأشار أستاذ القانون الدولي إلى أن تحرك القضاء البرازيلي يمكن أن يشجع دولا أخرى على القيام بهذه الخطوات ضد المسؤولين الإسرائيليين السياسيين والعسكريين، لممارسة مزيد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية من أجل وقف هذه الجرائم ضد الفلسطينيين.
ولفت أيضا إلى إمكانية فتح الباب أمام الاختصاص العالمي في محاكمة مجرمي الحرب من الإسرائيليين، خاصة من يحملون جنسيات أخرى غير الإسرائيلية، فالمحاكمة هنا ستكون على اختصاصين: اختصاص القانون الوطني واختصاص القانون العالمي أيضًا.
وكانت محكمة العدل الدولية أصدرت قرارا في يناير/كانون الثاني 2024 يدين أعمال الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين، وذلك بناء على القضية التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا، وبعدها تفاعلت القضية عالميا وأعلنت دول عدة الانضمام رسميا إلى جنوب أفريقيا أو أعلنت نيتها في ذلك.