زياد الأشقر
على مدار العام الماضي، تمكن الجيش الإسرائيلي من تحييد العديد من المخاطر، أبرزها قيادة حماس العليا إلى حد كبير وحزب الله في لبنان.
وكتب دوف ليبر في صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أن إسرائيل تضع نصب عينيها الآن جماعة الحوثيين المتمردة في اليمن، الذين يمثلون مشكلة عالقة، حيث يطلقون الصواريخ بانتظام على إسرائيل – وهي مشكلة لا يوجد سوى القليل من الطرق الواضحة للتعامل معها.
وحتى الآن، استهدفت إسرائيل ما تقول إنها البنية التحتية للطاقة والنقل التي يستخدمها الحوثيون لأغراض عسكرية. والخطوة التالية هي ضرب كبار قادة الجماعة، مثلما فعلت قواتها الأمنية مع حماس وحزب الله.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، في أواخر ديسمبر (كانون الأول)، عقب الجولة الرابعة من الغارات الجوية الإسرائيلية ضد الحوثيين منذ يوليو(تموز): “سنطارد جميع قادة الحوثيين، وسنضربهم تماماً كما فعلنا في أماكن أخرى”.
ومع ذلك، يمثل الحوثيون تحدياً أمنياً فريداً لإسرائيل بسبب بعدهم عنها، ونقص المعلومات الاستخباراتية عن الجماعة، وحقيقة أن الضربات الجوية الانتقامية يبدو أنها تؤدي فقط إلى زيادة الدعم المحلي للجماعة، بينما لا تفعل سوى القليل لردع الهجمات، كما فشل التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في قمع استفزازات الحوثيين ضد الشحن البحري العالمي.
في الواقع، منذ نجحت إسرائيل في التوصل إلى وقف النار مع حزب الله اللبناني في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، بات الحوثيون التحدي الأمني الرئيسي لإسرائيل في الحرب المستمرة منذ 15 شهراً مع الجماعات الوكيلة لإيران.
وفي الأسابيع الماضية، واصل الحوثيون سلسلة مستمرة من الهجمات الصاروخية شبه اليومية على إسرائيل.
ضغوط
وتتعرض الحكومة الإسرائيلية لضغوط متزايدة للرد. وكثيراً ما تدفع هجمات الحوثيين الملايين من الأشخاص إلى الهروب إلى الملاجئ في الساعات الأولى من الليل، وتعطل عودة شركات الطيران الدولية، التي توقفت عن الطيران إلى إسرائيل خلال معظم فترات الحرب الحالية.
ومع غياب طريقة واضحة لردع هجمات الحوثيين على المدى القصير، يرى بعض المتخصصين الأمنيين أن إسرائيل يجب أن تتجاهل الحوثيين في الوقت الحاضر وتركز بدلاً من ذلك على راعيتهم، التهديد الاستراتيجي طويل المدى لإسرائيل، أي إيران.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بيني غانتس، وهو الآن شخصية معارضة بارزة، في مؤتمر صحافي عقد في نهاية ديسمبر (كانون الأول): “في مواجهة الإرهاب القادم من اليمن، يكمن الحل في طهران”.
وأضاف أنه في حين أن إسرائيل ستقاتل حلفاء إيران لسنوات قادمة، فإن لدى البلاد الآن فرصة “لتحول استراتيجي” ضد إيران من خلال قتالها بشكل مباشر.
ويقول سكان البلاد الذين يجادلون بأن إسرائيل يجب أن تضرب إيران، إن ذلك قد لا يوقف هجمات الحوثيين بشكل كامل، إلا أنه سيضعف الجماعة، ويعزز هدف إسرائيل الاستراتيجي طويل المدى المتمثل في منع إيران من عسكرة برنامجها النووي.
خطر استثنائي
علاوة على ذلك، فإن إيران معرضة للخطر بشكل استثنائي في الوقت الحاضر، كما قال يوئيل غوزانسكي، الخبير السابق في شؤون الخليج في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي والذي يعمل الآن في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب.
وأخضعت الهجمات الإسرائيلية الرادعة الجماعات الوكيلة، التي زرعتها إيران في أنحاء المنطقة إلى حد كبير، في حين تعطلت الدفاعات الجوية الإيرانية بسبب الضربات الجوية الإسرائيلية في أكتوبر. وقال غوزانسكي، إنه يتعين على إسرائيل الاستفادة من هذه النافذة، قبل أن تتمكن إيران وحلفاؤها من استعادة قوتهم.
ويحذر محللون أمنيون من أنه إذا ردت إيران، فإن ذلك سيوفر غطاء لإسرائيل لضرب إيران مرة أخرى، وربما مواقعها النووية.
ووصف الجيش الإسرائيلي، بعد ضرباته الأخيرة في اليمن في أواخر ديسمبر، الحوثيين بأنهم “جماعة إرهابية مستقلة”، تعتمد على التعاون والتمويل الإيرانيين لتنفيذ الهجمات.
ولا يسيطر الحوثيون إلا على جزء صغير، ولكن مكتظ بالسكان، من اليمن في شمال غرب البلاد.
وتشعر قيادة الجماعة فعلاً بالقلق إزاء التهديدات الإسرائيلية، واتخذت الاحتياطات اللازمة مثل بناء مجمعات قيادة تحت الأرض، وتجنب الهواتف المحمولة وتغيير مخابئها وتحركاتها، وفقاً لشخص مطلع على تفكير الحوثيين.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن منع إيران من عسكرة برنامجها النووي هو أولويته القصوى، كما حذر مجتمع الاستخبارات الأمريكية الشهر الماضي، من أن خطر قيام إيران ببناء سلاح نووي يتزايد.
وأفاد مسؤولون من حكومته أنهم متفائلون بأن الرئيس المنتخب دونالد ترامب سيكون شريكاً راغباً في هذا الجهد، على رغم أن المحللين يقولون إن الإدارة القادمة من المرجح أن تستنفد الخيارات الأخرى قبل اللجوء إلى القوة.
المصدر : موقع 24