كريتر نت – متابعات
الخلافات المالية بين حكومة إقليم كردستان العراق والحكومة الاتّحادية العراقية، وخصوصا في شقّها المتعلّق بقضية رواتب الموظفين، تفرض نفسها كعنوان أبرز لزيارة الرئيس نيجيرفان بارزاني إلى بغداد وذلك بسبب ما بلغته تلك الخلافات من تعقيد وما باتت تفرضه من تحديات اقتصادية واجتماعية أثارت غضبا شديدا لدى قيادة الإقليم عبّرت عنه بالتلويح باللجوء إلى خيارات قصوى.
وتَجري زيارة بدأها نيجيرفان بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق، الأحد إلى بغداد في أجواء مشحونة، بغضب شديد لدى قيادة الإقليم بسبب درجة التعقيد التي بلغتها الخلافات بشأن المسائل المالية مع السلطات الاتّحادية العراقية وامتداد تبعاتها إلى ملف حساس ذي تأثير كبير على الوضع الاجتماعي في الإقليم، ويتعلّق الأمر بقضية رواتب الموظفين التي ستكون في مقدمة الملفات التي سيتم فتحها خلال الزيارة.
وعطّلت الخلافات بين حكومتي بغداد وأربيل تمكين إقليم كردستان من حصته من موازنة الدولة العراقية وتحويل مبالغ كافية لدفع رواتب موظفيه بشكل كامل ومنتظم، وذلك في وقت حَرم توقّف تصدير النفط المنتج محليا في الإقليم سلطات الأخير من موارد مالية هامة كانت تتأتى لها من تصدير الخام عبر خط كركوك-ميناء جيهان التركي.
وتعذّر استئناف التصدير مع تعذّر تعديل قانون الموازنة والاتفاق على سقف محدّد لكلفة إنتاج النفط في حقول الإقليم.
وتنفي قيادات كردية عراقية أن تكون الخلافات حول المسائل المالية تقنية واقتصادية محضة، وتندّد بوجود خلفيات سياسية وراء تفجير تلك الخلافات والحرص على استدامتها بدفع من أحزاب وفصائل متنفذة في الدولة العراقية وتعمل باستمرار على تسليط الضغوط على إقليم كردستان بهدف تحجيم تجربته في الحكم الذاتي في إطار حرب نفوذ تتجاوز العراق بحدّ ذاته لتمتدّ إلى إيران الحليفة لتلك الأحزاب والفصائل.
وقالت مصادر مواكبة لزيارة بارزاني إلى بغداد إنّ على أجندتها عقد لقاءات مع رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد ورئيس مجلس النواب محمود المشهداني ورئيس السلطة القضائية فائق زيدان ورئيس المحكمة الاتحادية العليا العراقية جاسم محمد عبود.
كما سيلتقي رئيس الإقليم بأبرز قيادات القوى الشيعية القائدة بشكل رئيسي للسلطة الاتّحادية ومن بينها رئيس تحالف الفتح قائد منظمة بدر هادي العامري، وزعيم ائتلاف دولة القانون رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم.
وأشارت ذات المصادر إلى عدد من الملفات التي سيتمّ فتحها بين بارزاني وتلك القيادات السياسية والحزبية العراقية ومن بينها رواتب الموظفين وحصة إقليم كردستان من الموازنة الاتحادية، وتعديل قانون الموازنة لاستئناف تصدير نفط إقليم كردستان، وملف التجارة والمنافذ الحدودية، وملف المناطق المتنازع عليها والمشمولة بالمادة مئة وأربعين من الدستور العراقي.
واستبقت حكومة إقليم كردستان العراق برئاسة مسرور بارزاني زيارة رئيس الإقليم إلى بغداد بتوجيه رسائل شديدة اللهجة إلى نظيرتها الاتحادية لم تستثن التلويح بالانسحاب مع العملية السياسية العراقية في حال لم يتمّ حلّ المسألة المالية وحسم قضية الرواتب.
ووصف رئيس الحكومة خلال اجتماع استثنائي ترأسه سلوك بغداد تجاه الإقليم بأنّه “ظالم وغير عادل وغير مقبول.”
وخصّص الاجتماع لبحث “تأمين مصالح شعب كردستان والدفاع عنها”. وأثير خلاله تصعيد المطالبات باستحقاقات الإقليم حتى “لا تقتصر على المستحقات المالية فحسب بل تشمل قضايا أخرى كالمادة مئة وأربعين من الدستور والمناطق المستقطعة من الإقليم وحقوق البيشمركة وتعويض ذوي ضحايا الأنفال وحلبجة وتعويض 4500 قرية مدمرة في كردستان، حيث نصّ الدستور بوضوح على هذه التعويضات”.
واعتبر مسرور بارزاني أن بغداد تتعمّد تحجيم مشاكل الإقليم وشغله بـ“مسألة ما إذا كانت الرواتب الشهرية لشعب كردستان ستصرف أم لا”.
وعرض أيضا للاستخدام الانتقائي للقضاء العراقي في ما يتعلّق بقضايا الإقليم، قائلا إنّ “التعامل مع المحكمة الاتحادية ينطوي على المزاجية. فعندما كان ذلك في مصلحتهم (قادة القوى المتحكمة في الدولة العراقية) لجأوا إليها دائما لكنهم تجاهلوا أحكامها عندما صبت في صالح شعب كردستان.”
وخلص الاجتماع إلى تحديد الخطوط العريضة لمعالجة المسألة المالية وقضية الرواتب من بينها إن “تعمل حكومة إقليم كردستان وممثلوه في الحكومة الاتحادية بشكل مشترك على تأمين الرواتب بالكامل خلال الإثني عشر شهرا من العام 2025 وأن يلتقي وفد من ممثلي الإقليم كردستان مع رئيس مجلس الوزراء الاتحادي لنقل رسالة بضرورة التعامل مع الإقليم ككيان اتحاديّ ودستوري.”
كما تقرّر أيضا “مشاركة وزارة المالية والاقتصاد بإقليم كردستان في عملية مراجعة حصة الإقليم من الجدول المقترح لنفقات الرواتب والنفقات التشغيلية ومشاريع الموازنة الاستثمارية وموازنة تنمية الأقاليم والمحافظات والجداول المتعلقة بكل المستحقات للسنة المالية 2025 وإعدادها بالاشتراك بين وزارة مالية الإقليم ووزارة المالية الاتحادية لاسيما ما يتعلق بحصة الإقليم ومستحقاته والدرجات الوظيفية وفقا للدستور وقرار المحكمة الاتحادية العليا.”
وتعليقا على الاجتماع ومخرجاته قال بيشوا هوراماني المتحدث باسم حكومة إقليم كردستان إنه لن يتمّ القبول بتكرار ما حدث العام الماضي بحق موظفي الإقليم خلال العام الجديد، مؤكّدا أنّ حكومة الإقليم ترغب بتصحيح العلاقة بينها وبين الحكومة الاتحادية، وستفعل كل ما هو ضروري لإعادة تقييم تلك العلاقة وتصويبها.
ونددت فيان صبري رئيس كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجلس النواب العراقي بعدم تعامل الحكومة الاتحادية مع كردستان بالشكل الملائم معتبرة أن تلك المعاملة لا ترتقي حتى للتعامل مع محافظة.
ووصفت اجتماع مجلس وزراء إقليم كردستان بـ”التاريخي وجاء في وقت حساس.” وتابعت “العراق يزيد من موظفيه وهناك تعيينات جديدة كل يوم ويزيد من عدد قوات الحشد الشعبي بشكل جعل من الحشد تنظيما كبيرا جدا لكنه لا يسمح بتوظيف موظفين والتعاقد معهم في إقليم كردستان.”