كتب .. عارف عادل
في ظل الواقع المرير والتدهور والغلاء المعيشي ، شهدت ساحة العروض في عدن وقفة احتجاجية شارك فيها موظفون ومواطنون من مختلف الفئات، مطالبين بالإصلاحات الجذرية وتحسين ظروف المعيشة التي ازدادت سوءًا يومًا بعد يوم. جاءت هذه الوقفة كصرخة شعبية تعبّر عن الغضب واليأس تجاه تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وسط غياب واضح لحلول ملموسة من الجهات المسؤولة.
المعلم في قلب الأزمة وصوته حاضرًا بقوة في هذه الوقفة، حاملًا معه أوجاعهم ومعاناتهم اليومية. أحد المعلمين قال بصوت مليء بالحزن: “وصلنا إلى عدن ليس من أجل حزب أو مكون سياسي، بل من أجل حقوقنا. كموظف، أصبحت عاجزًا عن توفير لقمة العيش لأطفالي. أذهب إلى التدريس ببطن خاوية، وأعود لأطفالي غارقًا في تساؤلاتهم: ماذا سنأكل؟”
حتى الدين من المحال التجارية لم يعد خيارًا متاحًا، ليصبح الراتب بالكاد يكفي لشراء دبة زيت طهي. هذه الظروف دفعت المعلمين وغيرهم من الموظفين إلى حافة الانهيار، في وقت يبدو فيه تجاهل المسؤولين لمعاناتهم وكأنه يزيد من أعبائهم.
ما أثار الحزن والغضب في آنٍ واحد هو ما تعرض له أحد المعلمين من اعتداء ودفع أثناء هذه الأزمة. بغض النظر عما إذا كان المعلم قد بذر منه خطأ أم لا، فإن الاعتداء على المعلم يعتبر انتهاكًا لقدسية رسالته ودوره المحوري في المجتمع.
ألف قبلة على جبين المعلم لا تكفي لإعادة كرامته. المعلم هو رمز التربية والتعليم، وصاحب رسالة سامية تستوجب الاحترام والتقدير. يجب أن يكون صوته مسموعًا، وإذا خفت هذا الصوت بسبب الضغوط، فيجب على المسؤولين أن ينزلوا إليه ويستمعوا لمطالبه، بل ويوفروا له مكبرات صوت ليرتفع صوته حتى يسمع من في اذنه صمم.
ليس المعلم وحده من يعاني، بل السواد الأعظم من المواطنين يعيشون صراعًا يوميًا من أجل البقاء. ارتفاع الأسعار المستمر وانخفاض القدرة الشرائية جعل الحياة أشبه بمعركة غير متكافئة، يخوضها المواطن البسيط بلا أي دعم أو إعفاءات، بينما تستمر الجهات السياسية في تبادل الاتهامات دون تقديم حلول.
كل يوم هو عبارة عن صراع جديد من أجل البقاء، بينما المسؤولون منشغلون بمصالحهم الخاصة، وكأن معاناتنا لا تعنيهم.”
إلى صانعي القرار الوقفة الاحتجاجية في ساحة العروض كانت أكثر من مجرد تجمع، فقد حملت رسالة عميقة إلى صانعي القرار: “المنصب تكليف لا تشريف. خدمة المواطن يجب أن تكون فوق المصالح الشخصية.” مع التأكيد على أن كرامة المواطن، وخاصة المعلم، يجب أن تكون في مقدمة الأولويات.
مع استمرار المعاناة، يبقى الأمل معقودًا على أن تصل أصوات المحتجين إلى آذان المسؤولين، وأن يدركوا أن صبر المواطنين قد نفد. وإنصاف المعلم الذي تعرض للإساءة ليس مجرد مطلب فردي، بل هو ضرورة لإعادة الاعتبار لقيم التربية والتعليم، وإيصال رسالة واضحة المجتمع الذي يهين معلميه يفقد طريقه نحو التقدم.