كريتر نت – متابعات
يقدم جناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56 لزواره كتاب “ابن خلدون في الأدب”، بقلم أمين دياب خضر، من إصدارات مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، يتناول الناحية التاريخية الأدبية في الإنتاج المعرفي لابن خلدون.
ويأتي الكتاب وفق بيان الناشر “انطلاقا من ضرورة نشر البحوث والأعمال العلمية التي تساهم في ربط الجمهور بعلوم تراثهم، وفنون حضارتهم باعتبارها واجب الوقت الذي يحتمه دور الأزهر الشريف في صناعة الوعي الفكري، فقد أحسن مجمع البحوث الإسلامية صنعا حين نقب في تراثنا الفكري، فنشر هذه الرسالة النفيسة ‘ابن خلدون في الأدب‘ التي تعنى بتراث العلامة ابن خلدون، وتكشف اللثام عن المجالات التي برز فيها عطاؤه؛ للبرهنة على ثراء رصيدنا المعرفي الإسلامي في شتى المجالات.”
ولم تقتصر شهرة ابن خلدون على الأوساط الإسلامية والعربية فحسب، بل عرفت دوائر الفكر الغربية والاستشراقية مكانته وفلسفته التاريخية في تحليل الوقائع والأحداث؛ حتى عد كتابه “المقدمة” من أبرز الكتب المؤثرة في الفكر الإنساني، وأضحى من الشخصيات الملهمة لكبار العلماء في وقتنا الحالي في مجالات شتى.
كان ابن خلدون، كأغلب العلماء العرب المسلمين، موسوعة علمية وثقافية متنقلة تسير على قدمين، فقد كان فلكيا واقتصاديا ومؤرخا وعالم رياضيات وفيلسوفا، وقد اشتهر أكثر بكونه مُؤسس علم الاجتماع، لكن وجهه الأدبي ظل خافيا عن الكثيرين، خاصة فيما كتبه من شعر وعلاقاته الوثيقة بالأدب العربي.
وإذا كان أكثر من تعرض لابن خلدون، إنما تعرض له من الجهتين الفلسفية والاجتماعية، فإن رسالة هذا الكتاب تنتحي في البحث ناحية أخرى، هي الناحية التاريخية الأدبية؛ فأراد الكاتب أن يبرز المجالات التي تجلت فيها عبقرية ابن خلدون، ودرسه لثقافات الشعوب وآدابها، وما سطره من تفسير وتحليل كامن في بناء الحضارات وقوتها وعوامل ضعفها وسقوطها.
كما يكشف المؤلف عن جوانب من عبقرية ابن خلدون وإسهاماته في مجالات العلوم، معتمدا على موسوعته التاريخية “العبر، وديوان المبتدأ والخبر، في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر”، إضافة إلى المصادر الأخرى لابن خلدون، كما قارن المؤلف أثر ابن خلدون في وقته آنذاك إبان إقامته في مصر، وأثر شخصيات أخرى عاصرت ابن خلدون، كلسان الدين الخطيب، وشخصيات أخرى متأخرة كميكافيلي السياسي الإيطالي، ليظهر مكانة ابن خلدون، وقيمة فكره في بلاد العالم الإسلامي.
وينقسم الكتاب إلى عدد من المباحث، إذ يبدأ من نسب ابن خلدون وأصله، نشأته ومغامراته، ومن ثم يتناول ابن خلدون وكتابة السر وإنشاء الرسائل السلطانية لأبي سالم المريني وطريقه في ذلك، ورحلة ابن خلدون إلى الأندلس واشتغاله بأعمال السفارة، علاوة على سفره من الأندلس إلى بجاية، ويطرح الكتاب مسألة العزلة والتأليف عند ابن خلدون، وعودته إلى تونس للمراجعة، وتقديم تاريخه إلى أبي العباس سلطان تونس وإنشاده بين يديه قصيدة رائعة.
ويأتي المؤلف على حياة العلامة في مصر ووصفه المدينة القاهرة والوظائف التي نالها هناك، مقدما نبذة من خطابه في مجلسه الأول للتدريس، كما يتطرق إلى علاقته بالطاغية تيمور لنك (وفاته)، وإلى أخلاقه ورأي معاصريه فيها، مبينا مكانته في العلم وتصرفه فيه.
ويقر خضر أن وجود ابن خلدون يسبق العصر الذي يلائم تفكيره بقرون والأدلة على ذلك، مذهبه في التربية، دراسته لتاريخ أدب اللغة العربية كعلم مستقل، نظرات في المقدمة.. عبارتها وأثرها الأدبي في نهضتنا الأخيرة، وحملته على العرب في سياستهم وعلى الملك ونزعته البربرية.
وأتى الكتاب على ذكر مؤلفات ابن خلدون ونماذج من كتابته حتى الشعرية عبر نشر بعض من قصائده، ختاما بعلاقته بلسان الدين بن الخطيب وجمال الدين الأفغاني ومكيافيلي.
ويذكر أن الأزهر يشارك – للعام التاسع على التوالي – بجناح خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56 وذلك انطلاقا من مسؤوليته التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم 4، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان؛ مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلا عن ركن للأطفال والمخطوطات.