كريتر نت – متابعات
أعلنت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) معارضتها تسليم إدارة سجون الجهاديين للحكام الإسلاميين الجدد في دمشق بينما تتأهب القوات التي تقودها وحدات حماية الشعب الكردي لهجمات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتراقب محاولاته للظهور من جديد.
وقالت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، وتسيطر على ربع مساحة سوريا، إن تنظيم الدولة الإسلامية حاول بالفعل تنفيذ هجومين على سجون في محاولة لإطلاق سراح أتباعه منذ الإطاحة ببشار الأسد من السلطة في الثامن من ديسمبر الماضي، إذ يسعى التنظيم إلى استغلال الاضطرابات.
وفي سجن بمدينة الحسكة، حيث يحتجز نحو 4500 من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية بمن في ذلك الكثير من الأجانب، توقع إداري كردي أن يقوم التنظيم بمحاولة أخرى.
وقال المقاتل، وهو يخفي وجهه بقناع تزلج، لرويترز “عندما سقط النظام السوري استولى تنظيم الدولة الإسلامية على الكثير من الأسلحة، وسينظمون (منتسبو التنظيم) أنفسهم من جديد ليهجموا على السجون.“ وتمكنت رويترز من الوصول إلى السجن المحصن بشدة السبت، حيث تحدثت إلى ثلاثة معتقلين، بريطاني وروسي وألماني من أصل تونسي.
واضطلعت قوات سوريا الديمقراطية بدور محوري في الجهود التي تقودها الولايات المتحدة للتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا على مدار عقد، إذ طردت الجهاديين من معقلهم في الرقة عام 2017 قبل السيطرة على آخر موطئ قدم لهم في الباغوز عام 2019.
وصارت السجون في بؤرة الاهتمام منذ أن أطاحت هيئة تحرير الشام، والتي كانت في السابق تابعة لتنظيم القاعدة، بالأسد وشكلت إدارة جديدة بهدف استعادة مركزية السلطة.
وهناك خلافات بين القوى الأجنبية حول من يجب أن يدير السجون في سوريا.
وتقول تركيا، التي تنظر إلى الفصائل الكردية المهيمنة في سوريا باعتبارها تهديدا لأمنها القومي، إنه ينبغي تسليم السجون إلى الإدارة الجديدة مع عرض المساعدة أيضا.
وأشارت الإدارة الأميركية السابقة إلى تأييدها لاستمرار قوات سوريا الديمقراطية في حراسة السجون.
وفي الثامن من يناير الجاري قال وزير الخارجية الأميركي السابق أنتوني بلينكن إن تمكين قوات سوريا الديمقراطية من الاضطلاع بالمهمة “التي كانت تقوم بها… وهي تأمين المقاتلين الإرهابيين الأجانب” جزء أساسي من تجنب عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية.
وقال الإداري الكردي إنه لا يعتقد أن السلطات التي يقودها الأكراد ستسلم السجون للإدارة الجديدة.
وأضاف أن “المشاركة في هذا مع الحكومة الجديدة لن يكون مقبولا، حماية السجون مسؤولية التحالف وقوات سوريا الديمقراطية فقط.“
وتخشى قوات سوريا الديمقراطية من أن يستغل المقاتلون الجهاديون الوضع الأمني غير المحكم في معظم أنحاء سوريا، وأشار الإداري الكردي إلى صور لمقاتلين يرتدون ملابس تحمل صورة الراية التي يستخدمها تنظيم الدولة الإسلامية وسط القوات التي سيطرت على دمشق.
ولهيئة تحرير الشام، المعروفة سابقا باسم جبهة النصرة، تاريخ طويل من الصراع مع تنظيم الدولة الإسلامية، إذ ترفض الهيئة ما يطلق عليه الجهاد العابر للحدود الذي يروج له أنصار تنظيم الدولة الإسلامية.
وقالت الإدارة الجديدة إنها أحبطت هجوما لتنظيم داعش على ضريح شيعي في إحدى ضواحي دمشق في 11 يناير الجاري.
وهناك خلافات بين قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الجديدة بشأن كيفية دمج القوة التي يقودها الأكراد في جهاز الأمن الجديد في سوريا، إذ تقول قسد إنها لا تنوي حل نفسها وهو ما ترغب فيه وزارة الدفاع الجديدة.
وتتولى قوات سوريا الديمقراطية مسؤولية حراسة نحو 10 آلاف سجين من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية. كما تشرف على مخيم الهول حيث يُحتجز عشرات الآلاف الآخرين، وكثير منهم يشتبه في أنهم من أفراد أسر مقاتلي التنظيم المتشدد.
وفي السجن الذي هاجمه تنظيم الدولة الإسلامية عام 2022، قال أحد المحتجزين إنه سافر إلى سوريا قادما من بريطانيا عام 2014 للانضمام إلى التنظيم، معتقدا أن “شرع الله تعالى سيطبق في هذه الأرض.“
وقال الرجل وهو يتحدث عبر نافذة صغيرة خلف القضبان “نحن الآن في السجن منذ ست سنوات ولا نعرف شيئا عن وضعنا وعن زوجاتنا وعن أطفالنا وأمهاتنا.“
وأمكنت رؤية المعتقلين وهم يجلسون على مراتب في زنازين مشتركة تتسع لنحو 12 رجلا أو أكثر.
وصرح سجين آخر، وهو مواطن ألماني أصله من تونس، بأنه أمضى ثماني سنوات في السجن دون أن يعرف أي معلومة عن زوجته وأطفاله.
وأضاف “الجميع نادمون على ذلك، والجميع يعلمون أنهم ارتكبوا خطأ فادحا، وهم يريدون بصدق العودة إلى منازلهم وأسرهم.” كما عبر المعتقل الروسي عن أسفه وقال إنه يأمل أن يسامحه الرئيس فلاديمير بوتين.
وقال الإداري الكردي بالسجن إن المعتقلين عادة ما يعبرون عن أسفهم للصحافيين الزائرين، لكن مثل هذه التعليقات خادعة.
وأضاف أن السجن يضم معتقلين “خاضوا معارك (قرية) الباغوز، وظلوا يقاتلون حتى النهاية.“
وتدعو الإدارة التي يقودها الأكراد منذ وقت طويل الدول الأجنبية إلى إعادة مواطنيها، وأعلنت الإدارة في عام 2023 خططا لبدء محاكمتهم بنفسها. وتقول جماعات حقوق الإنسان إن بعض الدول أحجمت عن استقبال مواطنيها بسبب مخاوف أمنية.
وقال الإداري بالسجن إن المعتقلين ما زالوا يتصرفون كمتشددين إذ يحددون “أمراءهم” أو قادتهم ويخططون لمحاولات الفرار من السجن ويتلقون دروسا دينية. وأضاف “لم نشهد أبدا أنهم تخلوا عن أفكارهم.“